19-يناير-2018

سيروان باران/ العراق

استلقاء

تستلقي في غرفة المعيشة، تُلقي بجسدكَ على السجادة، جسدكَ يملأ الغرفة الصغيرة، تتلمس بأصابعكَ سطح السجادة، خشن، تتعثر أصابعكَ، تنظر الى الانحناءات، الرسوم المبتذلة على سطح سجادتكَ، تبدو كحُوتٍ ميّت على الشاطئ، الغرفة مبتذلة، لا تفكر في شيء، تدع اللحظة تنفلتُ منك، تحاول أن تمسك هذا الشعور، ثمة صمت غريب، كأنك تخطيت الزمن، تشعر بخصيتيك، لحظات أبدية، أشعة شمس تتسرب من نافذة الغرفة، ترسم بيدك ظل، ظل لشيء ما خفي، تعيد المشهد، ترسمُ جنودًا بأصابعك الطويلة الشاحبة، تتذكر تمثال فينوس، تتحسّس يديك، تلمس جلدك الشاحب، لا نبض، قلبك صامت، اللحظة تطول، تنظر الى الساعة الجدارية الرخيصة، الوقت متوقف، اللحظة صماء، مثل العالم من حولك، تنظر الى أبيك، نظرة مشوشة، هو موجود، يرتدي لونًا غامقًا، تشعر بأن جسدًا يستلقي فوق جسدك، جسدًا دافئًا، تحيط بك ذراعان، تشعر بكل هذا الدفء، كأن دمية قطنية، تحاول أن تتلمس ذلك الجسد، ثمة لا شيء، تمسك بملابسك، الجسد يتلاشى، غيمة بيضاء في رأسك، خط أصفر طويل، يمتد على السجادة، تتلمس طيات شرشف الاريكة، تغمض عينيك قليلًا، تنظر إلى الجدار الأبيض، غبار يملأ الغرفة، غبار يحملُ عوالق، حيوانات صغيرة، حيوانات صامتة، لكنها موجودة، ربما تنظر اليك، يغمى عليك، تستيقظ، ما زال الوقتُ متوقف.

ملامسة

أغنية تهدرُ من زاوية الغرفة، من زاوية في الكون، الزمن متوقف، يأتيك صوت الأغنية ثقيلًا وخافتًا، كأن شمعًا صُب في أذنيك الكبيرتين، أنت صامت، تتلمس الجلد، تلتصقُ أصابعك الطويلة بالجلد الناعم، البطن الرخو للفتاة، تشعر بأن جلدكما يذوب مثل شمعة واحدة، تمر أصابعك، تشهق أنت، تشهقُ الجلد الذي يدخل أنفك، يدخل من كل مسامة في جلدك المتعب، تضع أنفك على حجابها الحاجز، تتنفس النجوم المنثورة في بطنها، كأنها مجرة سماوية، تبحث عن شامتها، تغمض عينيك، لا صوت لشهقتكَ، لا صوت لجناح الطائر الذي يضع عشهُ خارج شقتك، تهبطُ يداك عند بداية البنطال الجينز، تتحسس الطيات الذي تركها على الجلد، تبحث عن موضع العش، إنه هنا، تحت البنطال الجينز، تحت البطن، تحت السرة، التي بقيت تتأملها، دون أن تفعل شيئًا.

ضفة للغربان والنوارس

الضفة حصباء، ثمة نخلات متيبسات، غربان سوداء تنعقُ، غربان بريش أسود لامع، ربما تنظر إليك، تشعر بأنها تُحلق داخل صدركَ، تنمو وتطعم صغارها بصمت، تثقل صدرك، نعيقها الصامت يقتلك، أنت ضفة للصراخ الصامت في هذا الكون، ثمة أيضًا، نوارس، نوارس بيض، تحلق فوق المياه الصافية، كانت بلون الغيمات، نُدف من القطن المعلق في رأسك، تمشي على الضفة الأخرى، المقابلة لضفة الطيور، ملحمة أجنحة في أذنك، ملحمة صامتة، أنت تسير ببطء نحو هاويتك، تتلمس الجدار المؤدي الى العتمة الأبدية، تنتشي بكل الأشياء، صمت خطوتك، صمت ارتطامك بالقاع، غرابة في رأسك، لكنها تبدو مألوفة، أنك أعتدتها بغرابة، مثلما اعتادت الضفة على الغربان و النوارس .

 

اقرأ/ي أيضًا:

في كل حين جولة

أبواق خرساء