01-أبريل-2016

منيف عجاج/ سوريا

غياب 1

ماذا سأكتب؟
"عيون المها" مفقوءة!!
والمسافة "بين الرصافة والجسر"
حواجز للجيش أو قناصون؟

ماذا سأكتب؟
"قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل"؟
الحبيب مدفون
والمنزل أنقاض
ورائحة المكان تعافها حتى الضّباع!!

بأية لغةٍ أروي موت اللغة؟
بأية عقول ستفهمني العقول الميتة؟

غادرت غزلان هذا السهل
أشجاره أُعْدِمتْ
والطيور التي كانت تكتب بأجسادها يومنا
تركت الفضاء نصًا بلا تحرير.
وحده جيش الذباب 
الذي كنا قد حفظنا مارشاته
أعاد انتشاره.

ماذا أكتب؟
امنحني حشرجة صوتك يا أبي
فربما آتيكِ بحروفٍ تعرج
وكلماتٍ بتراء
كأطرافِ من أراهم..

غياب 2

لا ترسل لي فيديو
ليست المدن شوارعَ وساحات..

لا أريد ألبوماتٍ
من قال إن الحياة كتالوجًا؟

إياك أن تتعب نفسك بتصويرها
بتقنية "360°"
صورها تبدو منعكسةً على ماء بثر عميق
ولا أريد لمدينتي السقوط في البئر.

ثمة ضبابٌ في ذاكرتي
يجعل شوارعها وحدائقتها تختفي
ولا أدري إن كانت قد اختفت فيّ فقط
أم فيها هي الأخرى!

نسيت نصف الأشياء
كأن النسيان ثقب أوزون الرأس،
لم أعد أعرف هل المكتبة يمينَ الساحة أم يسارَها؟
وهل الجامعة بالقرب من نهرٍ كبير،
أم على ضفة بحيرةٍ؟

أعرني عيونك 
ليومٍ
لساعةٍ
لدقيقةٍ..
لأجل ألاّ تختفي دمشق
من رأس أحد.

غياب 3

لو سرنا معًا لوصلنا
لكن هكذا...
كأننا تخلّفنا عن المسير!
أو كأنك غيّرت المسار!
فها نحن الآن
كلٌّ ينوء بعقدة الذنب
نقول: تخلّينا عنه! خنّاه!
تقول: أضعتهم! ضيّعتهم!

مع هذا نشعرك معنا
تلهث عند صعود الجبال
وتغضب من مفاوضة المهربين
وتتحفّز من ركوب البحر،
وحين نحتاج أن نبكي
كلما رأينا الدرب دوننا
نشعر بحضنكِ ناقصًا.

أتكون المشكلة في الطريق أم في الماشين؟
في الباقين أم في الذاهبين؟

تلك أسئلةٌ نحدو بها
بينما نعبر الحدود
لنوزّع الأعباء بالتساوي
بيننا والطريق.

مشاةً نلتقي
مشاةً نفترق

الماشون أحياء
الواقفون موتى.

لكنك لست واقفًا أو ماشيًا
فمن سيحل المسألة؟

 

غياب 4

لو كنت طيرًا لما نزلت إلى الأرض
حتى الماء سأشربه من الغيم..

لو كنتُ حصانًا لما توقفت عن الركض
وإذا جعتُ آكل الريح..

لو كنتُ شجرةً لن أتوقف عن النمو
لأصل مكانًا لا أرى فيه ما كنت عليه..

لو كنتُ نهرًا لفضّتُ على الضفتين
حتى يجرّب مجراي معنى العطش..

ولو كنتُ إنسانًا
لقتلتُ التمني.

 

اقرأ/ي أيضًا:

لم أتصور أنّ برميلًا يمكن أن يطير

في سُرّتي رجل