21-يوليو-2017

قوات الأمن تحاصر المتظاهرين خلال مسيرة أنوال (أ.ف.ب)

يوم أمس الخميس 21 تموز/يوليو 2017، تحوّلت الحسيمة في منطقة الريف شمال المغرب، إلى مسرحٍ لمواجهات دامية بين جموع المحتجين وأفراد الشرطة التي فرّقت المتظاهرين بالقوة، خلال مسيرة "أنوال" ضمن حراك الريف، ما أدى إلى وقوع إصابات متفاوتة أخطرها إصابة أحد المتظاهرين في الرأس، والتي نقل على إثرها بواسطة مروحية إلى مُستشفى بالعاصمة الرباط لتلقي العلاج الضروري، وسط أنباء متضاربة عن حالته الصحية.

بدأت قوات الشرطة باستعمال العنف ضد متظاهري مسيرة أنوال بالحسيمة، ليتحول الأمر إلى اشتباكات أدت لوقوع إصابات عديدة وبالغة

وبالجملة، تعيش المدينة على واقع احتجاجات لم تنته منذ شهور، لتحسين مستوى المعيشة والخدمات المقدمة لمنطقة الريف، ثُم انضاف إلى هذه المطالب الاجتماعية، مطالب بوقف تعذيب المعتقلين والإفراج عنهم.

مشاهد من مسيرة "أنوال"

شهد أمس الخميس منذ ساعته الأولى، تدفقًا لعدد من الراغبين في المشاركة في"مسيرة أنوال"، والتي سُمّيت بذلك تيمنًا بذكرى معركة أنوال الشهيرة التي خاضها ساكنة الريف ضد الإسبان عام 1921. إلا أنّ الطريق إلى مدينة الحسيمة لم يكن يسيرًا، إذ قال أحد المشاركين القادمين من مكناس وسط المغرب، في حديث لـ"ألترا صوت"، إن السيارات منعت من دخول الحسيمة في ساعات متأخرة من ليلة الخميس، عبر حواجز أمنية مكثّفة، لذا اضطروا كي يستطيعوا الدخول، لأن يسلكوا طريقًا جبلية وعرة يسلكها في الغالب المهربون.

اقرأ/ي أيضًا: حراك الريف.. انتهاكات الأمن مستمرة بتعذيب المعتقلين داخل السجون

وتداول عدد من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورًا لأشخاص استعملوا الحيلة لدخول مدينة الحسيمة، مثل أن يتظاهر أصحاب السيارات بأنّهم في طريقهم إلى حفل عرس بتزيين سياراتهم، رغم أنّ هدفهم هو المشاركة في المسيرة.

ووفقًا لنشطاء فقد بدأت قوات الشرطة باستعمال العنف المفرض ضد المتظاهرين، للتحول المسيرة إلى اشتباكات مع الأمن، وكر وفر، ما أدى إلى وقوع إصابات مختلفة، بينها إصابات بالغة. وثمّة تضارب في الأنباء حول متظاهر يُدعى عماد العتابي، من بوجيبار، إذ ثمّة أنباء تُشير إلى وفاته، إلا أنّ بيانًا للسلطات المحلية نفى وفاته، مُوضحًا أنه من بين ثلاثة أشخاص، اثنان من القوات العمومية، والآخر مواطن، أصيبوا إصابات خطيرة، ونقلوا إلى المشفى لتلقي العلاج، وأحدهم أصبحت حالته مستقرة، وفقًا للسلطات المحلية.

نشطاء: "تعرضنا إلى القمع"

قالت الناشطة نوال بنعيسى إنها تعرضت إلى الضرب من طرف القوات العمومية خلال المسيرة. وفي تدوينة عبر صفحتها على فيسبوك، أكّدت تعرضها للضرب عدة مرات، بينها ضربة على مستوى البطن، واُخرى في رجلها اليسرى، لتفقد وعيها وتنقل إلى المشفى للعلاج. 

وأضافت نوال بنعيسى، أنه في حين كان المتظاهرين يستغيثون بالماء والبصل لمواجهة القنابل المسيلة للدموع، وفي حين فقد البعض وعيهم؛ كانت قوات الشرطة تستغل الموقف لتنهال عليهم ضربًا مباشرًا بالهروات، وتعتقل من تستطيع.

مرتضى إعمراشا، من أبرز نشطاء الريف، وهو مُتابَع في حالة سراح بسبب اتهامه بقانون الإرهاب، أشار إلى انتظار الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش، في 30 تموز/يوليو، إذ إنّه وفقًا لإعمراشا "من المنتظر أن يكون فصلًا فيما أفسدته أجهزة الحكومة طوال هذه الفترة في علاقتها بالمواطنين، خاصة بالريف، ويوجه الجميع نحو المسار الصحيح"، مُطالبًا عبر صفحته على فيسبوك بـ"تهدئة الأوضاع الحالية وعدم النزول للشارع تجنبًا لمزيد من الكوارث التي تعتزم ارتكابها أجهزة الأمن".

زفزافي ورفاقه يُعلّقون إضرابهم عن الطعام

بعيد دقائق من انطلاق مسيرة أنوال في مدينة الحسيمة، أصدر النشطاء الريف المعتقلون بسجن عكاشة وبينهم ناصر زفزافي قائد حراك الريف كما يُشار إليه، بيانًا يعلنون فيه تعليق إضرابهم عن الطعام، والذي كانوا قد دخلوا فيه منذ 17 تموز/يوليو الجاري، وأوضحوا أن سبب تعليقهم الإضراب عن الطعام هو "الرأفة بعوائلنا وأهلنا ونزولًا عند رغبة أخرار وحرائر الريف"، إضافة إلى "فتح المجال للمبادرات الحقيقية التي تسعى إلى تحقيق مطلب إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وخلق جو من الانفراج، يسمح بتحقيق مطالب الحراك لما فيه من مصلحة للريف والوطن".

كما أن "المبادرة المدنية من أجل الريف" وهي لجنة غير حكومية، أعلنت قبل أيام أن نسبة تحقيق مطالب حراك الريف من جهة السلطات المغربية بلغت 22% فقط، وذلك انطلاقًا من دراسة 41 مطلبًا من مطالب الاحتجاجات، لتكون النسبة مفصّلة وفقًا للمبادرة كالتالي: "نسبة تحقيق المطالب الحقوقية بلغت 25%، والتعليم 41%، والصحة 25%، والثقافة 18%"، أمّا التشغيل فكان صفرًا في المئة!

 عقب مسيرة أنوال، أعلن معتقلو حراك الريف، تعليق إضرابهم عن الطعام لفتح المجال أمام مبادرات حقيقية لتحقيق مطالب الحراك

وفيما يتعلق بما أسمته المبادرة بـ"المطالب المستعجلة"، وهي الإفراج عن كافة المعتقلين على خلفية التظاهرات، فبلغت نسبتها صفر في المئة أيضًا، أمّا مطلب إنشاء طامعة متعددة الاختصاصات فبلغ نسبة تحقيق هذا المطلب 25%، وإتمام مستشفى متعددة الاختصاصات فبلغت نسبتها 50% وبلغت نسبة استكمال أشغال الطريق الرابطة بين مدينتي تازة والحسيمة 50% أيضًا، والتأكيد على إلغاء قانون العاهل المغربي الذي يعتبر إقليم الحسيمة منطقة، بلغ 50% كذلك.

اقرأ/ي أيضًا: بعد تسريب فيديو الزفزافي.. التعذيب يُعرّي الخلاف بين مُؤسسات الدولة المغربية

ويُذكر أنّه على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها الحسيمة ومنطقة الريف إجمالًا، بلغ عدد المعتقلين 104 شخصًا، بينهم 86 رهن التوقيف، وثمانية يتم التحقيق معهم في حالة سراح، و10 أُطلق سراحهم في وقت سابق دون توجيه اتهامات لهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

العقلية البوليسية تدير المغرب مجددًا

غضب مغربي متبادل بين الدولة والشعب على الخطباء والأئمة