07-ديسمبر-2020

مسلم يؤدي صلاته مرتديًا الكمامة في باحة أحد مساجد إقليم كشمير يوم 20 آب/أغسطس 2020 (إدريس عباس/Getty)

ألتراصوت- فريق الترجمة 

تعد ماليزيا من بين أكبر الدول التي لم تتأثر كثيرًا بجائحة كوفيد-19، إذ لم يتجاوز عدد الإصابات فيها أكثر من 74 ألف إصابة، كما أن عدد الوفيات المسجلة والمرتبطة بالوباء بالكاد بلغت 400 وفاة، بحسب مؤشر جامعة جونز هوبكنز علمًا أن سكان هذه الدولة الآسيوية يقدر بأكثر من 31 مليون نسمة بحسب إحصاءات البنك الدولي.

أكد مجمع الفقه الإسلامي الدولي أن الحكم المتعلق بمشتقات الخنزير لا يسري على اللقاحات والأدوية الضرورية، لأنها تدخل في حالات الضرورة وحفظ النفس

إلا أن ذلك لم يمنع ماليزيا من اتخاذ إجراءات صارمة لمحاولة احتواء الوباء ومدى انتشاره بين المواطنين، ففرضت السلطات هناك إغلاقات جزئية في العاصمة كوالالمبور والولايات القريبة منها، وكان آخر قرار للإغلاق في 25 تشرين الثاني/أكتوبر الماضي، وذلك بعد أن سجلت البلاد أكبر قفزة في أعداد الإصابات منذ بدء الجائحة، وصل إلى 1،240 حالة في يوم واحد. كما فرضت الحكومة الماليزية قيودًا على الحركة والتنقل بين الولايات، إضافة إلى إغلاق المدارس والمساجد، مع استمرار عمل المصالح التجارية كالمعتاد، مع أخذ الاحتياطات اللازمة على صعيد ارتداء الكمامات ومنع التجمعات في الأماكن المغلقة.

وبالرغم من تدني أعداد الإصابات والوفيات بالنسبة لعدد السكان، إلا أن الحكومة الماليزية وقعت مؤخرًا اتفاقية مع شركة فايزر الأمريكية لتزويدها بلقاح كوفيد-19، حيث ستحصل ماليزيا بموجب هذه الاتفاقية على شحنة من اللقاحات لتوزيعها على 6.4 مليون مواطن، يمثلون 20% من السكان، على أن تبدأ برامج التطعيم مطلع العام المقبل. وستكون الأولوية في الحصول على اللقاح للفئات الأكثر عرضة للتضرر من الوباء، مثل كبار السنّ والأفراد الذين يعانون من الأمراض المزمنة، إضافة إلى العاملين في القطاعات الصحية والطبية، من أطباء وممرضين وصيادلة، والعاملين في مختبرات الفحص ومراكز الرعاية الطبية ومراكز رعاية المسنين ودور الحضانة.

جدل في المجلس الوطني للشؤون الإسلامية

وقد اجتمعت لجنة التشاور الخاصة في المجلس الوطني للشؤون الإسلامية في ماليزيا من أجل مناقشة حكم الحصول على اللقاح، والخروج بفتوى تبين رأي الفقهاء بالمسألة. ومن المتوقع أن يصدر قرار اللجنة خلال أيام، وتقديمه للملك السلطان عبد الله من أجل المصادقة عليه، حسب ما نقلت وسائل إعلام ماليزية عن وزير الشؤون الدينية الماليزي ذو الكفل محمد البكري.

دعا شيخ الأزهر، أحمد الطيب، إلى انتهاج سياسة عادلة في توزيع لقاحات كورونا

وكانت الهيئات الإسلامية المختصة في وقت سابق قد أعلنت عن استثناء اللقاح من الاعتبارات الفقهية الصارمة في حال عدم توفر البدائل، إلا أنه وبالنظر إلى مخاوف المواطنين المسلمين من اشتمال اللقاحات على منتجات غير حلال، كتلك المشتقة من الخنازير، وهي تخوفات تساور المسلمين في مختلف البلدان الإسلامية، بما في ذلك بعض الدول الإسلامية الكبرى الأكثر تضررًا بالجائحة، وفي مقدمتها إندونيسيا، التي يبلغ عددها سكانها حوالي 267 مليون نسمة، وتجاوز عدد الإصابات المسجلة فيها بعدوى كورونا أكثر من نصف مليون حالة، بينما بلغ عدد الوفيات المرتبطة بكوفيد-19 فيها حوالي 18 ألف حالة وفاة.

وتشهد الجاليات المسلمة في الدول الغربية نقاشًا مستمرًا حول حكم اللقاحات، ويحاول كثير من المسلمين في تلك الدول تحري الفتاوى من الهيئات الإسلامية المختصة في تلك البلاد. ففي بريطانيا، والتي يشكل المسلمون فيها أكثر من 5% من السكان، يسود جدل مستمر حول بعض اللقاحات التي تفرض على الأطفال في المدارس، مثل لقاح الانفلونزا، إذ اعترض البريطانيون المسلمون على ذلك في وقت سابق نظرًا لما يدخل في تركيب ذلك اللقاح من مادة الجيلاتين من مشتقات الخنزير، وطالبوا بوقف برنامج التطعيم وعدم إلزام أبنائهم فيه.

كما تخوض بعض المجتمعات في دول إسلامية أخرى مثل باكستان وأفغانستان جدلًا كبيرًا حول اللقاحات وحرمة الحصول عليها، وقد أدى ذلك إلى آثار كارثية في عدد من الحالات، ومن ذلك ما حصل في باكستان عام 2014 حين استفحل الجدل بشأن اللقاحات المضادة لشلل الأطفال بسبب بعض الفتاوى التي ترى حرمتها في باكستان، ما اضطر الحكومة الباكستانية وقتها إلى إطلاق دعوة لفقهاء العالم الإسلامي لإصدار موقف علميّ موحّد بشأن اللقاحات وضرورة الحصول عليها، وتفنيد الفتاوى الأخرى التي ترى حرمتها.

وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي الدولي وعدد من الهيئات الإسلامية بيانات عديدة ترى وجوب التطعيم ضد شلل الأطفال، دعت فيها للاستجابة مع الحملات الوطنية والدولية التي تسعى لوقاية الأطفال منه ذلك المرض، مؤكدين على أن عموم فقهاء المسلمين يرون عدم حرمة اللقاحات الضرورية لسلامة الإنسان والبشر والتي يتم الحصول عليها لأغراض القضاء على الجوائح والسيطرة عليها، مع التأكيد على على أن الحكم المتعلق بمشتقات الخنزير لا يسري على اللقاحات والأدوية الضرورية، لأنها تدخل في حالات الضرورة وحفظ النفس.

وفي ذات الإطار سبق لشيخ الأزهر، الشيخ الدكتور أحمد الطيب، أن أصدر عدة تصريحات عبر صفحاته الرسمية في منصات التواصل الاجتماعي، داعيًا فيها إلى انتهاج سياسة عادلة في توزيع اللقاحات بما يشمل الفقراء واللاجئين. كما قال الطيب "ما يبذله العلماء والباحثون من جهود في سبيل تقديم لقاح كورونا للعالم عطاء سخي ومقدر من أبطالٍ اختصهم الله بالمحافظة على حياة البشر في ظل جائحةٍ أودتْ بحياة أكثر من مليون شخص، ولا تزال تهدد العالم". ليذكر حديث شيخ الأزهر وموقف مجمع الفقه الإسلامي بالقاعدة الفقهية "الضرورات تبيح المحظورات". 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ألمانيا ستبدأ بتلقيح السكّان ضد كوفيد-19 قبل ربيع 2021

كورونا ليس أخطر على الحوامل ولا ينتقل عبر الرضاعة

3 نصائح أساسية لحماية نفسك من فيروس كورونا