14-يونيو-2019

شخصيات المسلسل (The National)

 

ضمن سعيها لتعزيز حضورها في الشرق الأوسط، أطلقت شبكة نتفليكس أول مسلسلاتها الأصلية باللغة العربية، بعد أن أعلنت عن ذلك العام الماضي. وقد وقع الاختيار على الأردن لتكون موقع تصوير باكورة أعمال أصلية باللغة العربية على الشبكة، وذلك عبر مسلسل "جن"، وهو عمل درامي من إخراج مير جان شعيا، جاء موسمه الأول في خمس حلقات قصيرة، تدور أحداثه في مدينة البتراء الأثرية والعاصمة الأردنية عمّان، وهو الأول من بين ثلاثة مسلسلات عربية أعلنت نتفليكس عنها مؤخرًا، وهي إضافة إلى مسلسل "جن"، مسلسل "مدرسة الروابي للبنات"، بتأليف وإخراج الأردنية تيما الشوملي، والثالث هو "ما وراء الطبيعة" والذي يعتمد على سلسلة روايات الكاتب المصري الراحل أحمد خالد توفيق.

يحكي مسلسل جنّ قصة مجموعة من طلبة ثانوية أردنية خاصّة، من الجزء الغربيّ من العاصمة الأردنية عمّان، يتوجّهون في رحلة مدرسيّة إلى مدينة البترا الأثريّة، ويستدعون شخصيتين من "الجنّ"، تبدأ بالتأثير على حياتهم

قصة مسلسل جنّ

يحكي مسلسل جنّ قصة مجموعة من طلبة ثانوية أردنية خاصّة، من الجزء الغربيّ من العاصمة الأردنية عمّان، يتوجّهون في رحلة مدرسيّة إلى مدينة البترا الأثريّة، ويستدعون شخصيتين من "الجنّ"، تبدأ بالتأثير على حياتهم المليئة بالغضب والتنمّر بطريقة مربكة، عبر سلسلة من الأحداث العجيبة تبدأ بمقتل أحد زملائهم أثناء الرحلة بعد سقوطه من مكان مرتفع.

اقرأ/ي أيضًا: صراع نتفليكس مع أباطرة البث.. من يغير قواعد اللعبة؟

يعرض المسلسل حياة هذه المجموعة من الطلاب وعلاقاتهم بشكل سطحي يستدعي صورة نمطية لمدرسة غربية، أمريكية بالتحديد، حيث التنمّر العنيف، وحفلات الشراب لطلاب الثانوية على طرف البركة (Pool Party)، والعلاقات العاطفية، ويحاول بطريقة ساذجة معالجة مسألة التنمّر في المدارس المعاصرة في بيئة عربية كالأردن، وتحديدًا طرفها الغربيّ الأكثر انفتاحًا نسبيًا. 

فبعد سقوطه في حفرة في أحد مغر مدينة البترا، يتعرض ياسين لمضايقات من طالب متنمّر يقوم بالتبول عليه وهو في الحفرة، ويتركه هناك يصرخ استجداء للمساعدة، ويتعرض للدغة عقرب، وتحوم حوله حشرات زرقاء غريبة. بعدها تظهر فجأة فتاة غريبة (فيرا) تكون هي "الجنية" التي يستدعيها من عالمها الآخر، بعد ما أصابه من تنمّر واعتداء، فتمد إليه يد المساعدة، لتبدأ بعدها سلسلة من عمليات الانتقام من عدد من الطلبة الآخرين وزوج أمّه السكّير والعنيف، الذي يعيش معه ياسين في رعب دائم.

في المقابل، يظهر جني آخر، (كيراس)، ليضع حدًا لتدخل الجنية الشريرة في عالم البشر، بمساعدة الشخصية الرئيسية في المسلسل (ميرا)، وإيقاف استدعاء المزيد من الجنّ إلى عالم الطلبة، إضافة إلى محاولات طالب مهووس بهذا العالم (عمر) يحاول هو والمعلمة (المس علا) اكتشاف حقيقة ما حصل في تلك الليلة.

يفترق هذا المسلسل الذي ضم عددًا من الوجوه الجديدة من الممثلين اليافعين عن معظم الإنتاج الدرامي المحليّ أردنيًا بجرأته في استخدام الألفاظ ذات الإيحاءات الجنسية المباشرة، إضافة إلى ما تخلله من مشاهد رومانسية حميمية ساخنة بين الممثلين الشباب، وما فيه من إضاءة لافتة على المدينة الوردية التي تم اختيارها لتكون إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة عام 2007، باستخدام تقنيات تصوير متطوّرة.

في المقابل، يمكن القول بشيء من الثقة بأنه لا يمكن متابعة كافة حلقات المسلسل إلا فضولًا بمعرفة مستوى الرداءة الذي سيواصل الهبوط إليه، ومقدار الابتذال الذي يمكن أن يكشف عنه. فالحوار الطبيعي والمقنع غائب، تمامًا، في كافة حلقات المسلسل الخمسة. ويلاحظ المشاهد، كما تردد في تعليقات الكثير من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، أن كلام الممثلين وحواراتهم وانفعالاتهم بدت مصطنعة، يظهر فيها أثر الترجمة المباشرة عن الإنجليزية، الأمر الذي انعكس على عفوية أداء الممثلين، ومعظمهم في تجربتهم الأولى في التمثيل، وجعل متابعة المسلسل مجرد اختبار لمستوى قدرة التحمّل لدى المشاهد. فالحوار عنصر لا يقل أهمية عن حبكة المسلسل، بل وقد يعوّض عن ضعفها أحيانًا، لكن يبدو أن الضعف في مسلسل "جن" قد تخلل معظم العناصر الأساسية في العمل، سواء في أداء الممثلين المبتدئين الباهت وانفعالاتهم الباردة، وضعف الحبكة، وغياب الحوارات المسبوكة التي يجد بها الممثل نفسه بشكل طبيعي وعفويّ، ويتفاعل معها المشاهد بالحدّ الأدنى ليتعرف عبرها على رسائل المسلسل وكيفية تطور شخصياته الرئيسية. 

اقرأ/ي أيضًا: الخوارزميات وبيانات المستخدمين.. أسلحة نتفليكس لزعزعة عرش هوليوود

ما تقوله السوشال ميديا

بدأت تعليقات المتابعين على المسلسل، والتي كانت سلبية في عمومها، بمجرد مضي ساعات قليلة على إطلاقه ليلة الجمعة على شبكة نتفليكس، وكان النصيب الأعلى من التعليقات للمستخدمين من الأردن، والذين عبروا عن صدمتهم لما ورد في المسلسل، باستدعاء احتجاجات أخلاقية محافظة، تستهجن الجرأة غير المعهودة في الدراما الأردنية، على مستوى الألفاظ النابية ذات الإيحاءات الجنسية، ومشاهد التقبيل والشراب، ولاسيما من ممثلين يافعين كانت هذه مشاركتهم الأولى في عالم التمثيل.
 

 

 

كما شهدت وسائل التواصل الاجتماعي حملة شديدة ولاذعة استهدفت شبكة نتفليكس، إضافة إلى اكتظاظ الحسابات العامة لبعض الممثلين وكادر الإخراج والتنفيذ بالشتائم والانتقادات الشديدة، ما استدعى حساب شبكة نتفليكس باللغة العربية على تويتر إلى نشر تغريدة تؤكد فيها التزامها بدعم الممثلين وطاقم العمل في مسلسل جن إزاء حملة التنمّر وتعرضهم للشتائم والألفاظ الجارحة. 

هنالك من جهة أخرى من انتقد المسلسل لما يعرضه من أشكال التنميط التي يفرضها المسلسل بتصويره نمط حياة مبالغ في الانفتاح والتحرر في العاصمة عمّان، ويؤثر سلبًا على المراهقين من مختلف فئات المجتمع الأردني.

 

 أما على المستوى الرسميّ، فقد أثار عرض المسلسل عددًا من ردود الفعل، إذ وجه المدعي العام الأردني إيعازًا إلى وحدة مكافحة الجرائم باتخاذ الإجراءات اللازمة لحجب عرض المسلسل في الأردن، كما استنكرت لجنة التربية والثقافة في البرلمان الأردني ما عرضه مسلسل جنّ من مشاهد وصفها بأنها غير لائقة ورأى أنها "لا تليق بعادات المجتمع الأردني".

أما هيئة الإعلام الأردنية فأصدرت من جانبها بيانًا تؤكد فيه أن الرقابة على إنتاج هذا النوع من المسلسلات لا يدخل ضمن صلاحياتها، لأنه لا يُعرض على قنوات تلفزية محلية أو فضائية متاحة للمشاهد المحليّ، مشيرة إلى أنها لا يمكن أن تسمح بعرض محتوى شبيه على قنوات فضائية أو دور عرض سينمائية داخل المملكة.

أخيرًا، يمكن القول إن ظهور هذا المستوى من الرداءة على نتفليكس ليس مفاجئًا، بالنظر إلى الانحدار المتواصل الذي تشهده الدراما الأردنية في السنوات الأخيرة، لاسيما بعد موسم رمضاني أخفق في تقديم أي عمل جديد لافت للمشاهد المحليّ، إضافة إلى ما تقوم به نتفليكس مؤخرًا من إنتاج أعمال تجارية ترفيهية خفيفة تخضع لقيم العولمة الاستهلاكية وتلعب على أوتار العنف والجنس والخيال، تجذب اهتمام قطاع واسع من المشاهدين في أسواق جديدة يعد التواجد بها أساسيًا لاستمرار نجاح التجربة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إدمان نتفليكس.. مشاهدة "قهرية" حتى الرمق الأخير!

أفضل 10 مسلسلات يمكن متابعتها على نتفليكس