31-مايو-2018

أعاد مسلسل العاصوف الحديث عن وهم "المجتمع السعودي الفاضل" (يوتيوب)

وسط صخب عارم، نجح صناع مسلسل "العاصوف"، في تجاوز عقبة التأجيل التي رافقته العام الماضي، ليجد طريق العرض على شاشة "MBC"، فاتحًا الباب على مصراعيه أمام سيل جارف من الانتقادات والاتهامات التي لا حصر لها.

أثار مسلسل "العاصوف" السعودي، حالة جدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب كشفه "المستور" عن المجتمع السعودي

وبين نظرية المؤامرة التي كان تويتر السعودي وما زال مرددًا لها، وجد رجال الإعلام في السعودية أنفسهم هذه المرة مجبرين على الوقوف في خندق الذود عن المسلسل، ضد ما يروَّج له على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى ولو جاءت آراؤهم الشخصية مطابقة لما يتحدث عنه الكثيرون من كون العمل "يُشوه" المجتمع السعودي في فترة السبعينات، ويطرح أمورًا "دخيلة" عليه من قبيل الخيانة الزوجية والبغاء بحسب ادعائهم.

اقرأ/ي أيضًا: غضب افتراضي من سعودية نزعت حجابها ونشرت الصور

غير أنه وفي الظرفية الحالية بالذات، ليس مسموحًا لهم على الإطلاق الجهر بما يخالف "التوجه العام" الذي يخدم النظام الجديد بزعامة محمد بن سلمان.

هذا الجدل الذي أحدثه مسلسل العاصوف -مأخوذ عن رواية الكاتب الراحل عبد الرحمن الوابلي، ومن إخراج السوري المثنى صبح، وبطولة ناصر القصبي الذي يخوض تحديًا صعبًا وجديدًا عليه بعيدًا عن معترك الكوميديا- يعيدنا للحديث عن المجتمع "التقي الورع " الذي يصر السعوديون على تصديره للخارج ولا يتوانون للحظة في خوض حروب إعلامية وشعبية للدفاع عنه، لا بل إقناع الآخرين بأنه حقيقي لا تشوبه شائبة.

 

 

هذا الجدل الذي أحدثه مسلسل العاصوف يعيدنا للحديث عن وهم المجتمع النقي الورع الذي يصر السعوديون على تصديره للخارج

والمثير للاهتمام هو الإصرار على تزييف الحقائق المعلومة بالدليل لدى الجميع، بما في ذلك دليل الممارسات والسلوكيات السعودية في دول أخرى عربية وأجنبية، والتي تكشف عن أن انغلاق المجتمع السعودي في السعودية، تحت نار حسّية تنفجر اشتعالًا في الخارج.

اقرأ/ي أيضًا: 5 أفلام فضحت النظام السعودي من الداخل

ولا يمكن بالطبع استحضار هذه الوقائع بعيدًا عن سياق مسلسل العاصوف الذي جاء تمهيدًا لها، وبالتالي يُناقش ما يحدث فعلًا بالمجتمع السعودي دون "مساحيق تجميل". ولهذا تبدو الضجة المثارة حوله متوقعة، لاسيما أنه سيفتح، قطعًا، الباب لأعمال أخرى ستسير على نفس المنوال الذي أصبح "مطلبًا رسميًا"، من خلاله يسعى النظام لكسب ود الغرب، ولو بأسلوب مموه طالما أن الإصلاحات المزعومة، مجرد غطاء لا أقل ولا أكثر، بينما تسير الأمور من سيئ لأسوأ.

ولعل خطوة تأجيل العمل على مسلسل العاصوف السنة الماضية ليست اعتباطية، وبالأخص إذا ربطناها بالمتغيرات التي حدثت داخل أروقة قناة "MBC"، وتحديدًا بعد حملة الاعتقالات التي استهدفت أمراء ورجال أعمال كان من بينهم مالك المجموعة الإعلامية وليد الإبراهيم، والذي ما زالت الرؤية ضبابية فيما يخص الصفقة التي عقدها مقابل نيل حريته، وكل المؤشرات تصب في خانة وجود أسهم القناة كطرف في المعادلة.

المؤكد إذن، أنه مهما علت الأصوات داخل مواقع التواصل الاجتماعي، فإنها لن تغير شيئًا من "التوجه الجديد" المراد تطبيقه دون الالتفات لأحد. ووسط هذا الأخذ والرد، ستنكشف أمور أخرى عديدة، وتسقط الكثير من الأقنعة التي ربما ظلت صامدة لعقود من الزمن، محاطة بهالة من الخرافات والأكاذيب.

تأجيل عرض "العاصوف" العام الماضي لم يكن اعتباطيًا، إذا ما ربط بحملة اعتقالات الأمراء ورجال الأعمال وبينهم مالك مجموعة "إم بي سي"

وبعيدًا عن أي شيء آخر، يبدو سطوع وهم ذلك "المجتمع الفاضل" المزعوم، من أهم المكتسبات وأكثرها صدقًا، وسط كل هذه الضجة التي سرعان ما ستنقشع وستتحول إلى "طاعة وولاء" يُغلّف المظهر العام.

 

اقرأ/ي أيضًا:

زيف الاعتدال السعودي.. اعتقال وتشهير بحق ناشطات نسويات

السعودية في المؤشر العربي.. حزب "لا أعرف" وثمار دعاية ابن سلمان