29-مايو-2023
حياتي.. بانجي

من العرض

في رحلة البحث عن جوهر الحب لن تكون طفل القدر المدلّل، على الأقل في بادئ الأمر، في هذه الرحلة أنت على موعد مع مسار يعجنك ويصهرك، ويفتح أمامك كل أبواب الألم والمتناقضات والتقلبات التي قد تجعلك أحيانًا ترغب في النقر على زر إلغاء التجربة وحذف كل ما اشتغلت عليه سلفًا، تعبًا وشكًّا في جدوى المسعى من الأساس..

- اعثر علي في الجانب الآخر من الأرض؟

- سأرتحل؛ لكن إلى أين المسعى؟

- عند حافة الكون

- لكنّ.. لا توجد حافة لهذا الكون!

- ابحث ستجدني!

في رحلة البحث عن جوهر الحب لن تكون طفل القدر المدلّل، على الأقل في بادئ الأمر، في هذه الرحلة أنت على موعد مع مسار يعجنك ويصهرك، ويفتح أمامك كل أبواب الألم والمتناقضات والتقلبات

هكذا تنطلق شعلة الحوار في العمل الفني المسرحي الأندونيسي "حياتي، بانجي يبحث عن جوهر الحب"، المستوحى من التراث الجاوي الأندونيسي ويلخصّ رحلة بانجي في البحث عن محبوبته "سيقرتاجي"، يعاني في وحدة وصمت قبل أن يوضح له معلمه / الغورو أنه على البشر أن يسعوا دومًا للبحث عن المغزى، وأنّ الحب النقي سيدفعك بشوق أكبر نحو الخالق في رحلة نحو الحب المطلق".

"الكون الذي تخوض فيه لن يأخذك إلى الحافة

لأنه ليس عليك البحث في هذا الكون واستكشافه

إنّه الكون الذي في روحك، هو الذي يجب أن تفهمه".

حياتي

في رمزية الصراع والألم، يواجه بانجي طائرين يتقاتل معهما ويذبحهما بعد حالة من الهيجان التي اجتاحته، ويتغير قناع وجهه من الأبيض المسالم الباحث عن الحقيقة إلى اللون الأحمر الدامي القاني، كما يصطبغ القمر بذات اللون. فألوان الأقنعة في العرض المسرحي الموسيقي تحيلنا لمعاني الحالات الانفعالية التي تتواتر على الأشخاص، وللإيقاعات الموسيقية العتيقة صدى واسع المساحة في التعريف بم يعتمل دواخلهم من قلق وغضب أو فرح وانتظار ويأس...

لا يجد بانجي إلا أن يستغيث: "أيتها الأركان الأربعة للأرض، أرشديني إلى الاتجاه الذي سيحملني إليها".

تأتيه الرسائل الروحية تباعا حين يلقي السمع: "عد إلى روحك النبيلة وتوقف عن لعن المعاناة". هذه الآلام هي التي ستخرج بانجي إلى النور، حين يتخلص من ثورة غضبه، يدرك أنه صار يقترب من هدفه أكثر، لم يعد يبتعد بفعل الغضب، بل صار متشافيًا وأدرك أن الحب كان بداخله من أول وهلة. وتخاطبه "سيقرتاجي": "اقترب مني أكثر، ستجدني في أعماق روحك".

العرض الذي جاء احتفالًا بالعام الثقافي "قطر - أندونيسيا 2023" قدّمه المخرج الإندونيسي راما سوبرابتو وفريقه المسرحي، برعاية سفارة إندونيسيا في الدوحة، هو مسير ارتحال أي إنسان نحو دواخله، بحثًا عن طمأنينة القلب واتساعه، بحثًا عن الحب الحقيقي والإيمان بالمصدر الالهي، أيًّا ما كان السبب المحفز للرحلة، وأيًّا ما كانت المشتتات والمغريات، فستكون التجربة في الأخير طريقًا فريدًا نحو فهم أعمق للحياة، وليعثر على الحب القابع داخله، وليرى صورة الله التي تشمل كل شيء.