استضاف مسرح "دوار الشمس" في العاصمة اللبنانية، عند الساعة الثامنة والنصف من مساء أمس الأحد، الثاني والعشرين من أيار/ مايو الجاري، العرض الأخير من مسرحية "انطفت"، التي انطلقت عروضها في التاسع عشر من الشهر نفسه. وهي من تأليف نور رجب، وإخراج وبطولة رين صعب، وتمثيل كوهاريغ كيروبيان، وميري بوخرس، وجوانا تومازو، وعمر بقاعي، وجاد سعد.
تناقش المسرحية، بأسلوب كوميدي ساخر، قضايا ومواضيع مختلفة تشمل الفقر والبطالة، ومختومي القيد، والفساد الديني والقضائي، وصولًا إلى العلاقات العاطفية
تقوم المسرحية على مزيج لافت بين الكوميديا والتراجيديا، وتسلط الضوء على مختلف أزمات المجتمع اللبناني، وسلبية أحكامه ونمطيتها، إلى جانب فساد القضاء وغيرها من الأمور التي تجعل من المسرحية محاكاة لواقع الشعب اللبناني بحسب بطلته، ومخرجته، رين صعب التي تقول في حديثها لـ "ألترا صوت" إن المسرحية: "تدور حول محاكمة صلاح، المرأة العصامية التي فقدت زوجها في حريق اشتعل في غرفة نومهما، فاتهمها المجتمع بقتله".
وتضيف الفنانة اللبنانية: "(انطفت) توحي للمتفرج بالكثير، بحيث يخرج منها محملًا برسائل لا حصر لها. وهذا يأتي مقرونًا بتنوع المواضيع التي تناقشها، مثل الفقر والبطالة وصولًا إلى مختومي القيد والفساد الديني والقضائي. ولا يمكن أن ننسى هنا موضوع العلاقات العاطفية". وتؤكد أن المسرحية: "تمنح كل قضية من هذه القضايا معالجة مميزة غالبًا ما تكون كوميدية، وتختتمها برسالة هادفة تساعد المشاهد على فهمها وتحليلها والتعاطي معها، وهذا هو جوهر العمل الفني".
وفي حديثها عما يجمع "انطفت" بالأزمة الاقتصادية والمعيشية القائمة في لبنان، تقول رين صعب إن المسرحية تجسد الأزمة الراهنة. وتابعت موضحة: "لكن المفارقة الكبرى في هذا العمل أنه كُتب عام 2018، أي قبل تردي الأوضاع، وهذا ما يجعله أشبه بنبوءة، خاصةً وأنه عُرض دون تعديلات".
وتكمل في هذا الصدد: "تجدر الإشارة هنا إلى أن "انطفت" ليست قريبة من الواقع فحسب، بل قامت بتجسيده قبل أوانه بكل ما فيه من تفاصيل دقيقة، من الثورة إلى الجوع فالأزمات الاقتصادية". وتضيف: "جمهور "انطفت" لمس جميع مكنونات المجتمع اللبناني فيها، خاصةً وأن شخصياتها، وشغبها، تتماثل بصورة لافتة مع شغب المواطن اللبناني، وتنوع مجتمعه، والاضطرابات التي عايشها في العامين السابقين".
وحول عنوان المسرحية، تقول ضيفتنا: "عند وضع عناوين عروضنا، لا نكتفي باختيار عنوان يجذب العقل والأذن فقط، بل نحرصة على أن يكون العنوان ذا دلالات فنية ونفسية عميقة. "انطفت" عنوان يستدعي في نفس من يسمعه أسئلة عديدة، مثل "شو اللي انطفى؟"، و"كيف انطفى". لذلك فإن "انطفت" هي ملخص الكون، مختصر للبدايات والنهايات، فكل شيء في هذه الحياة يتوهج ثم ينطفئ".
أما عن الجديد الذي تقدّمه المسرحية، وما يميزها عن مسرحياتها السابقة أيضًا، تقول المخرجة اللبنانية: "كل عمل هو كيان قائم بذاته، وله مدلولاته وظروفه وكواليسه. و"انطفت" مسرحية تمثل المجتمع اللبناني اليوم، وتشبه الجميع، وهذا ما يجعلها قريبة إلى قلوب المشاهدين. أما جديدها، فهو المعالجة، خاصةً أنها قدّمت الواقع قبل وقوعه".
وتشير ضيفتنا في هذا السياق إلى أن كل عمل تنجزه يصير جزءًا منها: "إلا إن "انطفت" تمثل مفترق طرق، ذلك أنها ناضلت معي وعاشت أصعب 3 سنوات مرت على لبنان معي، وقاتلت للبقاء، وأوقفتها كورونا والأحداث الأمنية. إنها مسرحية عنيدة، وهذا ما يؤكده نجاحها اليوم، ويجعلها ذات قيمة مميزة لدي".
تقوم المسرحية على مزيج لافت بين الكوميديا والتراجيديا، وتسلط الضوء على مختلف أزمات المجتمع اللبناني، وسلبية أحكامه، ونمطيتها، وفساد القضاء
وحول سؤالنا لها عما إذا كان الجمع بين التمثيل والإخراج أمرًا سهلًا، تجيب صعب: "الإخراج والتمثيل تحدي كبير، ويتطلبان جهدًا كبيرًا عندما يجتمعان، إلا أن النتيجة حتمًا هي شغفان ونجاحان".
وتختتم رين صعب حديثها لـ "ألترا صوت" بقولها: "أود أن أشكر جميع من ساهم بإنجاز "انطفت"، وهم مؤلفتها نور رجب وأبطالها كوهاريغ كيروبيان، وميري بوخرس، وجوانا تومازو، وعمر بقاعي، وجاد سعد. وأن ألفت النظر أيضًا إلى قدرة المسرح على الصمود في وجه أسوأ الظروف التي يمر بها البلد، وهذا ينبع من إيمان اللبنانيين بقدرة السخرية التي يمتلكها المسرح على التغيير".
