17-ديسمبر-2022
gettyimages

من القمة الأفريقية الأمريكية (Getty)

اختتمت أعمال القمة الأمريكية الأفريقية التي عُقدت في واشنطن، بدعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي جمعته برؤساء 49 دولةً أفريقية، واستمرت أعمالها لمدة 3 أيام. وهي ثاني قمة أمريكية- أفريقية، بعد تلك التي عقدها الرئيس السابق باراك أوباما مع عدد من الرؤساء الأفارقة عام 2014.

اختتمت أعمال القمة الأمريكية الأفريقية التي عُقدت في واشنطن، بدعوة من الرئيس الأمريكي جو بايدن

وخلال اجتماعه مع القادة الأفارقة، قال بايدن، إن "الولايات المتحدة ستصبح حليفًا رئيسيًا للدول الافريقية في السنوات المقبلة. واعتبر أن "نجاح أفريقيا من نجاح الولايات المتحدة والعالم"، ووعد الرئيس  نظرائه الأفارقة بتوقيع "مذكرة تفاهم تاريخية للتجارة الحرة مع قارة أفريقيا".

وقبل ختام أعمال القمة، تعهدت الولايات المتحدة بتخصيص 2,5 مليار دولار إضافية لتقديم مساعدات غذائية لأفريقيا، بعدما أدى ارتفاع الأسعار إلى زيادة معدلات نقص التغذية في جميع أنحاء القارة، واعتبرت إدارة بايدن أن الغزو الروسي لأوكرانيا له دور في ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأسمدة.

وأشار البيت الأبيض في بيان، إلى إن "التمويل الغذائي سيوفر مساعدات طارئة وأخرى للأمن الغذائي والنظام الغذائي الأفريقي، وأسواق الإمداد المرنة على الأمدين المتوسط والطويل"، وفي بيان منفصل أكدت الولايات المتّحدة على تطوير الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأفريقي، للجمع بين القطاعين العام والخاص، والمؤسسات المالية الدولية من "أجل تلبية الاحتياجات الغذائية للقارة".

getty

وبناءً على ذلك تم الاتفاق على أهداف قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى، وتضمنت الأهداف قصيرة المدى، "تحديد الوسائل لأفريقيا لتأمين مصادر أكثر تنوعًا ومرونة من الحبوب والأسمدة، لتلبية احتياجاتها العاجلة وتقديم المساعدة الإنسانية".

أمّا الأهداف المتوسطة وطويلة المدى، فتمثلت في "استكشاف طرق لتحسين وصول أفريقيا إلى الأسواق العالمية، وزيادة الوصول الموثوق والمستدام إلى الأسمدة ومدخلاتها، وتنويع إنتاج السلع الزراعية"، ولفت البيان النظر إلى أن "الولايات المتحدة قدّمت 11 مليار دولار كمساعدات غذائية لأفريقيا هذا العام".

وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن، يوم الأربعاء، عن استثمارات جديدة في أفريقيا لتطوير بنيتها التحتية، ودعم قطاع الطاقة النظيفة، وتحديث شبكات الإنترنت، والاقتصاد الرقمي لديها، حيث كشف مستشار الأمن القومي جيك سوليفان أن الولايات المتحدة ستقدم 55 مليار دولار للقارة السمراء، على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ويشمل برنامج  المساعدات الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة عن "تمويل مشروعات لتأمين الكهرباء والإنترنت وتحديث الآلاف من المنشآت الصحية". وأوضحت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في بيان صادر عنها أن البرنامج "سيركز على مدى السنوات الخمس المقبلة العمل على تطوير الطاقات المتجددة لمكافحة التغير المناخي، إضافة إلى نشر الديمقراطية والحوكمة".

getty

وتعهد القطاع الخاص الأمريكي باستثمارات بقيمة 15 مليار دولار، لاسيما في قطاع التكنولوجيا الرقمية، حيث سيلتقي الرؤساء التنفيذيين وقادة القطاع الخاص  لأكثر من 300 شركة أمريكية وأفريقية برؤساء "وفود القمة، لتحفيز الاستثمار في القطاعات الحيوية".

من جهة أخرى، تعهد الرئيس جو بايدن بمساعدة القارة الأفريقية على لعب دور أكبر في الساحة الدولية، معربًا عن دعمه لحصول الاتحاد الأفريقي على عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، وعلى مقعد دائم في مجموعة العشرين، التي تضم في عضويتها بلدًا أفريقيًا واحدًا هو جنوب أفريقيا. وقال مسؤولون أمريكيون إنهم على اتصال بالهند مضيفة قمة مجموعة العشرين لعام 2023 بشأن ضم الاتحاد الأفريقي للقمة.

وأعلن بايدن كذلك، أنه يخطط لزيارة أفريقيا، في رحلة ستكون الأولى لرئيس أمريكي، منذ جولة الرئيس السابق باراك أوباما التي قادته إلى كينيا وإثيوبيا في تموز/ يوليو 2015، وقال بايدن للقادة الأفارقة "سنراكم جميعًا وستلتقون بنا كثيرًا"، دون أن يحدد موعد أو الدول التي سيزورها خلال رحلته.

getty

وتهدف الولايات المتحدة من خلال هذه القمة إلى استعادة ثقة الدول الأفريقية بها، بعدما أدت سياسة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب "أمريكا أولًا" إلى  فقدان جزء من نفوذها بسبب ما اعتبرته دول القارة عدم التزام واشنطن تجاهها.

كما تخشى الإدارة الأمريكية من النفوذ المتزايد للنشاط التجاري الصيني، والعسكري الروسي، فقد جاءت هذه القمة بعد خمسة أيام من انتهاء القمة الصينية العربية، الأولى من نوعها، والتي استضافتها العاصمة السعودية الرياض على مدار يومين من الشهر الجاري، ,وحضرها الرئيس الصيني شي جين بينغ، وعدد من قادة وممثلي الدول العربية. وأشار مراقبون إلى أن قمة واشنطن كانت ردًا على قمة الرياض.

وتتخوف واشنطن من أن الوجود الصيني في أفريقيا سيفضي إلى السيطرة الاقتصادية للصين على القارة، في حين أن التوسع الروسي عن طريق بيع الأسلحة، ونشاط الشركات العسكرية الخاصة الروسية عن طريق تجنيد أشخاص من القارة من شأنه تأجيج الصراعات في أفريقيا، وزعزعة الاستقرار فيها.

تتخوف واشنطن من أن الوجود الصيني في أفريقيا سيفضي إلى السيطرة الاقتصادية للصين على القارة

ويرى صانعو القرار في واشنطن أن الصين وروسيا تنخرطان في ممارسات تجارية متوحشة وغير عادلة مع أفريقيا، في إشارة إلى عقد صفقات غير شفافة، وإقراض مبني على الاستغلال، وتعاون عسكري وأمني مثير للشبهات، بحسب واشنطن. لكل المقلق في كل الأحوال هو نتائج هذا النشاط الذي يساهم في نفوذ بكين وموسكو بشكلٍ أكبر، مما يشكل مصدرًا للقلق المتزايد في البيت الأبيض، الساعي لإعادة نفوذه في العالم ولو جزئيًا.