13-أبريل-2023
أنصار حزب العدالة والتنمية

ترجّح بعض الاستطلاعات خسارة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة (Getty)

يدخل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا سنته الثالثة والعشرين بالتزامن مع تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية، منتصف أيار/ مايو المقبل، ستكون حاسمة بحسب المتابعين في تحديد ملامح مستقبله السياسي كحزب تمكن، بعد عام واحد من تأسيسه عام 2001، من الصعود إلى سدة الحكم.

لم يختبر الحزب "طعم المعارضة" منذ وصوله إلى السلطة، ولكن بعض الاستطلاعات ترجّح خسارته أمام المعارضة. وبغض النظر عن صحة تلك الاستطلاعات، فإن المؤكد أن شعبية الحزب تراجعت وتقلصت بشكل ملحوظ طيلة السنوات الأخيرة الماضية.

بدأت نجاحات حزب العدالة والتنمية بالتراجع، نسبيًا، منذ الانتخابات البرلمانية في 7 حزيران/ يونيو 2015

يُضاف إلى ذلك أن زعيم الحزب الذي كان وراء تأسيسه، الرئيس رجب طيب أردوغان، دخل "مرحلة الشيخوخة السياسية" وسط دعوات لتجديد الدماء في الحزب، الذي تعرّض لخسارة بعض وجوهه السياسية البارزة لأسباب عديدة، من بينها "انفراد أردوغان" بالقرار داخل الحزب والتوجه نحو خيارات سياسية "غير ديمقراطية" حسب المنشقين، ومنهم وزير الخارجية الأسبق أحمد داوود أوغلو.

الانتخابات التركية 2023

وصل حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في عام 2002 بعد مغادرة نوابه المؤسسين لـ حزب الفضيلة، الذي حُلّ بقرار من المحكمة الدستورية عام 2001. وكان الشعار الذي رفعه الحزب حينها هو "تركيا الجديدة"، في إشارة إلى تبني نهج اقتصادي جديد حافظ على الليبرالية الاقتصادية، لكن مع تدخل كبير للدولة وتوجه اجتماعي واضح في الاستثمارات وتنمية القطاعات المتعلقة بالنقل والإسكان والصحة والتعليم، ولذلك يصنف الحزب بأنه ليبرالي اقتصاديًا ومحافظ اجتماعيًا في الإشارة إلى "المسحة الإسلامية".

ونتيجة نجاح الحزب، خاصةً في عقده الأول في الحكم، ازدادت شعبيته واتسعت بشكل مطّرد وصولًا إلى العام 2014، الذي واجه فيه مشاكل عديدة أدت إلى تراجع شعبيته، ما اضطره إلى الدخول في تحالف سياسي مع حزب الحركة القومية الذي شكّل معه "تحالف الجمهور"، ونجح برفقته في تغيير نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي في عام 2017.

وفيما يلي، نستعرض معكم تجربة الحزب في السلطة، ففي تشرين الثاني/ نوفمبر 2002، حصل على أغلبية مقاعد البرلمان بمعدل 363 مقعدًا برلمانيًا، وهي نسبة تزيد على 50% من مقاعد البرلمان، متفوقًا بذلك على جميع منافسيه.

وكان أول تكليف لزعيم الحزب رجب طيب أردوغان برئاسة الحكومة في عام 2003، بعد انتخابات الإعادة التي أجريت في مقاطعة سيرت بتاريخ 8 آذار/ مارس 2003 عقب استقالة حكومة عبد الله غول، الذي شغل المنصب لأقل من سنة بسبب العقوبات التي كانت تمنع ترشيح أردوغان، والتي تم تعديلها ليتمكن من استلام زمام الحكم.

وجاءت الانتخابات المحلية في الـ 28 من آذار/ مارس 2004 لتؤكد اكتساح الحزب للساحة السياسية التركية، حيث حصل  على نسبة 42% من أصوات الناخبين متقدمًا على كل منافسيه.

وأكّد الحزب تلك السيطرة فيما بعد في انتخابات 2007 البرلمانية، وأضاف إلى ذلك صعود مرشحه عبد الله غول إلى سدة الرئاسة بعد حصوله على نسبة 80% من الأصوات داخل البرلمان، خلفًا للرئيس السابق أحمد نجدت سيزر.

الأمر ذاته تكرر في الانتخابات المحلية 2009، وعندها بدأ الحزب مساعيه لإجراء تعديلات على الدستور التركي، حيث نجح في أيلول/ سبتمبر 2010 في تمرير تعديلات دستورية بعد استفتاء شعبي.

وجاءت انتخابات حزيران/ يونيو 2011 البرلمانية ليحقق فوزًا كبيرًا أيضًا بحصوله على 50% من الأصوات، بفارق 24% تقريبًا عن أقرب منافسيه، وهو حزب الشعب الجمهوري الذي حصل على نسبة 25.9% فقط. وبموازاة ذلك النجاح، حافظ الحزب على أغلبيته في الانتخابات المحلية البلدية لعام 2014 بنسبة 45.6%.

وتعزز ذلك الفوز بنجاح زعيمه رجب طيب أردوغان في الانتخابات الرئاسية التي نُظّمت في العاشر من آب/ أغسطس 2014، حيث تمكن من حسم السباق الرئاسي من الجولة الأولى في أول انتخابات رئاسية تجرى بطريقة الاقتراع الشعبي المباشر.

وبدأت نجاحات حزب العدالة والتنمية الحاكم بالتراجع، نسبيًا، منذ انتخابات 7 حزيران/ يونيو 2015 البرلمانية. فعلى الرغم من محافظته على الصدارة، إلا أنه حقق نسبة 40.87% من الأصوات، بمعدل 258 مقعدًا فقط، وبالتالي فقد القدرة على تشكيل الحكومة بمفرده.

ترجّح بعض الاستطلاعات خسارة حزب العدالة والتنمية أمام المعارضة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة

 

ونظرًا لفشل مساعي تشكيل حكومة ائتلافية، دعا أردوغان إلى إجراء انتخابات مبكرة نُظّمت مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، وتمكّن فيها الحزب من رفع حصته التصويتية إلى نسبة 49.58% من الأصوات، بمعدل 316 مقعدًا، مما مكّنه من تشكيل الحكومة بمفرده.

تحالف الجمهور

وفي عام 2017، قام الحزب بتحويل نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي إثر استفتاء شعبي تحالف فيه مع حزب الحركة القومية. ونجح أردوغان بعد تلك التعديلات في الفوز بعهدة رئاسية جديد في انتخابات حزيران/ يونيو 2018 من الجولة الأولى بنسبة 52.5%. وفي السنة ذاتها، تمكن حزب العدالة والتنمية الحاكم، متحالفًا مع حزب الحركة القومية، من إحراز أغلبية في البرلمان بنسبة 53.65%. وعلى إثر ذلك، تحول البرلمان فعليًا إلى جهة تشريعية رقابية من دون صلاحيات في تسمية الوزراء، وأصبحت الصلاحيات التنفيذية بيد الرئيس.

تراجع حزب العدالة والتنمية بشكل قياسي فيما بعد، حيث تآكلت قاعدته الانتخابية في الانتخابات المحلية 2019، التي خسر فيها بلديات أساسية مثل إسطنبول وأنقرة وإزمير لصالح المعارضة. ويتوقع البعض أن يتجسّد ذلك التراجع بشكل واضح في انتخابات أيار/ مايو المقبل التشريعية بدرجة أولى، والرئاسية بدرجة ثانية.