20-ديسمبر-2016

فتح النور بن إبراهيم

حبّك للمسرح لا يموت.. لا يموت، لذا قيل إن روحك ستنبت خلف كواليس المدى كشروق الشمس، وقيل أيضًا إنك لم تمتلك إلا جرحًا واحدًا كشجرة بغصن وحيد، يدها ممتدةٌ دومًا دون كلل، تحمل عشًّا مليئًا بالندى لعطاش الخشبة.

أيها الغائبون خلف ستارة الحياة، ماذا ستكتبون على شاهدة قبره: "فتح النور المبتسم دومًا"؟ أم ستستبدلون النص بعنوان لعمل مسرحي مثل: فتح النور وروحه العطشى للضحك؟ وقبل ذلك، هل ستعزفون سيمفونية قلبه بحناجر عصافير الصباح الباكر؟ أم ستطلون زهور النوار بالأسود كلون الكواليس في عينيه؟ هل وزعتم السكر بالقهوة كما أحبَّ أن يُشربَها لعشيقاته في مسرحيات الحب؟ هل اقتنيتم صورًا لروحه الطازجة دومًا كرغيف صباحي؟ هل رسمتم وجوهًا للملائكة التي أضاعت فرحها بعده؟ هل ستعرفون كيف تُضمّدون جراح النجوم كما كان يفعل في المساء قرب "مسرح الموجة"؟

فتح النور... كلنا متهمون بك وبحبك، كاتهامنا بحب أرض الوطن وأرضية المسرح.

فتح النور... قد يفهم الشيخ كم هو صعب تلقينك دورك الأخير بالفصحى بعد إغلاق ستار قبرك، لكن الأصعب، يا صديقنا، هو أن تؤدي دور الميت بهذا الإتقان دون أن يصفق لك الجمهور بحرارة. ما قد يواسي حزننا أنك تحمل قلبًا يضيء عتمة هذا المربع الأسود.

فتح النور... هذه الأرض الطيبة، قررت مرةً أُخرى أن تحبل بك، وهذه الدموع تتحجر لك، وهذه الزهور تحني قاماتها لأجلك، وكل جمهور المسرح يبكي على نفسه.. ثم على نفسه.. ثم على نفسه.. ثم عليك.. لكن حذارِ، كونك ميتًا اليوم لا يعني أنك معذورٌ لتغيب عن تدريبات المسرحية الجديدة تحت عنوان "فتح النور وروحه العطشى للضحك"، فهكذا عهدناك... وهكذا يجب أن تبقى.

فتح النور... كلنا رأينا الماء في أفق وشواطئ مستغانم 
لكنك وحدك من رأيت الكواليس والخشبة 
لذا أوصيهم وإيّاي... 
لا تصنعوا تمثالًا له... 
فقط تذكروا الماء الزُلال وقولوا: هكذا كان.

 

اقرأ/ي أيضًا:

فتح النور بن إبراهيم.. حين يمرض العرّاب

نصف محترق.. نصف وحيد