24-أبريل-2018

تبذل أبوظبي مبالغ عملاقة لدى واشنطن في محاولة لتشويه صورة قطر (يوتيوب)

نشر مكتب الصحافة الاستقصائية The Bureau of Investigative Journalism البريطاني عبر موقعه الإلكتروني، تحقيقًا معمقًا تناول استغلال الإمارات لشركات علاقات عامة أمريكية مشبوهة، وتمويلها بأكثر من نصف مليون دولار، من أجل إنتاج فيلم دعائي ملفق لربط قطر بالإرهاب واختلاق سيناريو يعزز هذه الرعاية، إذ ترأس فريق الإنتاج زمرة من مجرمي حرب الغزو الأمريكي على العراق، نظرًا لخبرتهم في الشرق الأوسط كما يرى أصحاب تمويل مثل هذه البروباغندا الفاضحة، التي نقدم المزيد من التفاصيل حولها تاليًا:


عينت شركة مقرها دبي أحد مسؤولي عمليات الدعاية المخضرمين لدى البنتاغون العام الماضي، لصناعة فيلم يتهم قطر بوجود علاقات لها مع الإرهاب، حسب ما كشفه موقع "The Bureau of Investigative Journalism". وعقدت شركة "أندريه وشركائه" التي يملكها تشارلز أندريه، الاتفاق على إنتاج الفيلم، وقد عمل أندريه من قبل في شركة "بيل بوتينغر" للعلاقات العامة. وخلال فترة عمله هناك، ساعد في الإشراف على تعاقد مع البنتاغون بقيمة 500 مليون دولار لإدارة عمليات التأثير شديدة السرية خلال حرب العراق.

يؤكد شكل الاستثمار الدعائي المشبوه الذي تبذله أبو ظبي لدى واشنطن مدى حجم التلفيق في ادعاءاتها ضد قطر 

يؤكد التعاقد الأخير المخاوف المتزايدة بشأن حملات التأثير الأجنبي في قلب واشنطن. فعلى الرغم من التركيز الكبير على دور روسيا في الانتخابات الأمريكية، فإن دول الخليج العربي أيضًا تنفق ببذخ لدفع أجنداتها الخاصة إلى إدارة الرئيس ترامب. ومُنح أندريه، الرئيس التنفيذي السابق لشركة بيل بوتينغر الأمريكية، أكثر من 500 ألف دولار في شهر آب/أغسطس من عام 2017 لإنتاج فيلم مكون من ستة أجزاء، يربط قطر بالإرهاب العالمي. وكان عنوان الفيلم الذي أُنتج بتقنيات تمويهية عالية بعنوان "قطر: التحالف الخطر"، وقد تضمن عددًا من الخبراء المحافظين للحديث عن علاقات قطر بالجماعات الإسلامية، تخلل ذلك مجموعة من الأخبار وصور أرشيفية.

وُزعت نسخ من هذا الفيديو في فعالية أقيمت بمركز أبحاث معهد هودسون في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2017. وقد كان المتحدث الرئيسي لهذا الحدث، كبير مستشاري ترامب السابق للشؤون الاستراتيجية، ستيف بانون، كما تضمن الحضور أيضًا، ليون بانيتا، وزير الدفاع الأسبق، والجنرال ديفيد بتريوس، مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق.

اقرأ/ي أيضًا: السعودية عرابة الإرهاب.. تقرير "هنري جاكسون" يُذكّر بما يعرفه الجميع

وعلى الرغم من المادة الموجهة سياسيًا، والمعالجة غير الجذابة، يبدو أن الفيلم الوثائقي قد سجل أكثر من 700 ألف مشاهدة على موقع يوتيوب، كما يمكن بثه على أمازون أيضًا. وصرح الشريك المؤسس للوكالة، تيم بيل، للموقع الأسبوع الماضي، أنه خلال عمل أندريه في شركة بيل بوتينغر، أدار تعاقدًا لبرنامج دعاية تابع للبنتاغون في العراق، حسب ما كشف الموقع نفسه، وصحيفة "صنداي تايمز" عام 2016.

تضمن برنامج العراق تقارير إخبارية صُممت لتبدو أنها من إنتاج القنوات الإعلامية العربية، ومقاطع فيديو مزيفة لتنظيم القاعدة تستخدم لتتبع المشاهدين. وكان فريق "عمليات التأثير" في شركة بيل بوتينغر تابع لمسؤولية الجنرال بتريوس، الذي قاد القوات الأمريكية في العراق.

تاريخ بيل بوتينغر، يكشف أنه أدار تعاقدًا لبرنامج دعاية تابع للبنتاغون بشأن غزو  العراق، واليوم هو متعاقد لصالح الإمارات

دخلت شركة بيل في الطور القانوني للإفلاس العام الماضي، بعد تورطها في حملة مثيرة للجدل لإثارة التوترات العرقية في جنوب أفريقيا. وبرز تعاقد الشركة الخاص بقطر خلال إفصاح جديد لجماعات الضغط أمام وزارة العدل الأمريكية. إذ إن الشركات الأمريكية مُطالبة بموجب القانون بالكشف عن المعلومات الخاصة بأعمال الضغط السياسي والعلاقات العامة التي تُجرى لصالح العملاء الأجانب.

تبين من هذا الإفصاح أن شركة أندريه وشركائه A&A كُلفت في آب/أغسطس عام 2017 من قبل شركة "لابيس للاتصالات" بإنتاج "ست مواد إعلامية تركز على التحقيق في دور دولة قطر، والعلاقة "المزعومة" للدوحة بالإرهاب العالمي". وتعمل شركة لابيس في مجال الاتصالات الاستراتيجية، ومقرها دبي، وهي مملوكة لرجل أعمال أسترالي من أصل أفغاني.

صدر التكليف بإنتاج هذا الفيلم في وقت كانت حكومتا المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، تصعدان حملة دولية غير مسبوقة ضد قطر. وقد قطعت الدولتان علاقتهما بالدولة الخليجية الجارة في الصيف الماضي.. 

اقرأ/ي أيضًا: ما تبقى من أوراق الضغط السعودي والإماراتي على قطر.. فشلٌ من وراء فشل

بعد فترة وجيزة من تعاقد شركة لابيس مع شركة أندريه وشركائه، أبرم معهد الإمارات الوطني للإعلام تعاقدًا بقيمة 250 ألف دولار مع شركة علاقات عامة في لندن. ذهب جزء كبير من هذا التعاقد إلى شركة "إس سي إل سوشيال" لشن حملة ضد قطر على وسائل التواصل الاجتماعي. ومن الجدير بالذكر أن شركة إس سي إل سوشيال تابعة لمجموعة "إس سي إل" التي تمتلك شركة كامبريدج أناليتيكا أيضًا، والمتورطة في الوقت الراهن بشكل بالغ في استغلال بيانات مستخدمي موقع فيسبوك.

سُجل تشارلز أندريه أيضًا كأحد أفراد الضغط في مجلس الشيوخ الأمريكي فيما يتعلق بالعلاقات القطرية الأمريكية نيابةً عن شركة لابيس في كانون الثاني/يناير من هذا العام. ولم يستجب أندريه، أو أي من العاملين في شركة لابيس لطلبات الموقع من أجل التعليق على هذا التحقيق.

قراءة التعليقات تحت الفيلم  المعادي لقطر على موقع يوتيوب تكشف عدم نجاحه في إقناع الجمهور وانكشاف غاياته الدعائية الملفقة

ووفقًا لصحيفة نيويورك تايمز، سعى المستشار السياسي لحاكم دولة الإمارات العربية المتحدة الفعلي، للدفع بأجندة الدولة الخليجية في واشنطن من خلال ممول حملة ترامب، إليوت برويدي. وقد ذكرت صحيفة التايم أن شركة سيرسينس المملوكة لبرويدي قد أبرمت عقودًا مربحة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن برويدي نفسه كان يروج لمقترحات حملات معادية لقطر في آذار/مارس من عام 2017.

كان برويدي أحد الممولين لفعالية هودسون، حيث وُزع فيلم "قطر: التحالف الخطر"، حسب ما ذكرت صحيفتا التايمز وماكلاتشي. وليس من الواضح مدى النجاح الذي حققته العمليات المناهضة لقطر. فعند قراءة التعليقات تحت فيلم "قطر: التحالف الخطر" على موقع يوتيوب، تجد أول تعليق كُتب فيه "هذا الفيديو دعاية أمريكية". بينما التعليق الثاني يقول "أنا أساند قطر".

وتشير السيرة الذاتية لتشارلز أندريه على موقع شركة أندريه وشركائه إلى أنه كان الرئيس التنفيذي لشركة بيل بوتينغر الأمريكية بين عامي 2004 و2008. وتجدر الإشارة إلى أن كولين جود، موظف شركة لابيس للاتصالات المذكور اسمه في عقد شركة أندريه وشركائه في إفصاح وزارة العدل، كان يعمل أيضًا في شركة بيل بوتينغر لمساعدة عميل الحكومة الإماراتية، حسب ملفه الشخصي على موقع لينكد إن، كما أن الشريك الاستراتيجي لشركة أندريه وشركائه، ديفيد سويلز، مُدرج أيضًا في الموقع الإلكتروني للشركة كموظف سابق لدى شركة بيل بوتينغر.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الغاز.. العنصر الغائب في تفسير حرب السعودية على قطر

بعد تقرير الخارجية الأمريكية عن الإرهاب.. الإحراج مستمر لدول حصار قطر