29-أبريل-2017

أحد مقاتلي جيش الإسلام في الغوطة الشرقية (عامر المحيباني/ أ.ف.ب)

بعد عام واحد على توقف الاقتتال بين فصائل المعارضة المتواجدة في منطقة الغوطة الشرقية" بريف دمشق، عادت الاشتباكات لتتجدد صباح أمس الجمعة، بين فصيل جيش الإسلام من طرف، وفيلق الرحمن، الذي بدأ معركة قبل نحو 40 يومًا مع قوات الأسد استطاع التقدم فيها إلى قلب العاصمة دمشق، ومعه هيئة تحرير الشام، المعروفة اختصارًا "هتش" من طرف آخر، على إثر اتهامات وجهها جيش الإسلام للأخيرة.

وشن جيش الإسلام هجومًا على مقرات الفصيلين عينهما من بلدة مسرابا، التي يتمركز فيها اتجاه بلدات عربين وحزة وكفربطنا، مسيطرًا على عدد من المقرات، فيما أكّد المتحدث الرسمي باسم الفيلق، وائل علوان، سيطرة الجيش على بلدة حزة بشكل كامل، ليسفر الهجوم عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين، ومقاتلي الفصائل المتحاربة، وسط تضارب في عدد القتلى الذي تجاوز 40 قتيلًا.

ليست هذه المرة الأولى التي يشن فيها جيش الإسلام هجومًا على مقرات فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية

وفي بيان صادر عنه نشر عبر الحساب الرسمي على تويتر، أعلن فيلق الرحمن مقتل القيادي العسكري في صفوفه، عصام القاضي، فيما تناقل نشطاء إعلاميين من منطقة الغوطة الشرقية على مواقع التواصل الاجتماعي، خبر مقتل "أمير قاطع عربين" في "هتش" أبي غازي، جراء الاشتباكات الدائرة بين أكبر فصائل المعارضة في ريف دمشق الشرقي.

اقرأ/ي أيضًا: دمشق أمام هجوم المعارضة.. خرائط نحو حصار النظام

من جهته قال جيش الإسلام، في بيان له، إن الهجوم الأخير على مقرات "هتش"، جاء على خلفية اعتقال عناصرها لمجموعة مؤازرة، كانت متوجهة أول أمس الخميس إلى جبهتي حي القابون وأحياء دمشق الشرقية، مؤكدًا على أنهم مع الفيلق في "خندق واحد وهدف واحد"، بيد أن الفيلق نفى في عين البيان الصادر عنه، ما ورد على لسان الجيش، مشددًا على أنه "حشد لأسابيع للاعتداء" على مقراته في الغوطة الشرقية، وأن "ما أشاعه جيش الإسلام عن احتجاز مؤازرته أو قطع الطرق دونه لا صحة له"، بحسب البيان.

الهجوم الأخير الذي نفذه جيش الإسلام على مقرات الفصائل في البلدات الثلاث، جاء متزامنًا مع المعارك التي يخوضها الفيلق على الجبهات الشرقية للعاصمة دمشق، بعد أن بدأها منذ نحو 40 يوم تقريبًا، استطاع فيها التقدم إلى نقاط كانت تحت سيطرة قوات الأسد والميليشيات الأجنبية الداعمة له، ما سمح للأخيرة باستعادة عدد من النقاط في حي القابون الدمشقي، وفي حال تمكنت من إحراز تقدم على مساحات في المنطقة، فإنها ستكون مهددة بالانضمام للمناطق التي يعمل النظام السوري على تهجير سكانها قسريًا إلى الشمال السوري.

سوابق جيش الإسلام

وليست هذه المرة الأولى التي يشن فيها جيش الإسلام هجومًا على مقرات لفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، فهو إلى ما قبل اغتيال مؤسسه، زهران علوش، بغارة روسية استهدفت إحدى الاجتماعات التي كان حاضرًا فيها على جبهات مرج السلطان؛ شن العديد من الهجمات، بينها ما عرف باسم الحرب "ضد المفسدين في الأرض"، عندما قضى على تواجد جيش الأمة في الغوطة الشرقية. 

من قبل مقتل زهران علوش ولجيش الإسلام سوابق في الهجوم على فصائل المعارضة (Getty)
من قبْل مقتل زهران علوش، ولجيش الإسلام سوابق في الهجوم على فصائل المعارضة (Getty)

واستبق تلك الهجمات بامتناعه عن مساندة كتيبة أكناف بيت المقدس في حربها ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في مخيم اليرموك جنوب دمشق، فضلًا عن قضية نشطاء دوما الأربعة المخطوفين مجهولي المصير حتى اليوم، والتسجيلات المسربة التي تناولت تلقيه مبالغَ مالية من الصديق المقرب لبشار الأسد، رجل الأعمال السوري محمد حمشو، مقابل عدم تصعيده عسكريًا على جبهات دمشق الشرقية.

ملاذ الأسد في اقتتال المعارضة

الاقتتال الأخير غير معروف النتائج، سيكون بمثابة الملاذ لقوات الأسد والميليشيات التي تساندها على جبهات دمشق الشرقية، بعد أن شهدت خطوط دفاعها الأولى انهيارًا أمام الهجوم المعاكس الذي نفذه مقاتلو الفيلق، وتمكنوا خلاله من إيقاف عملية التهجير القسري المخطط لها في أحياء تشرين وبرزة والقابون، بعد أن استطاع صد الهجوم العنيف المنفذ عليها، رغم استخدام قوات الأسد في مراحل متفرقة من المعارك لغاز الكلور السام المحرم دوليًا.

اقرأ/ي أيضًا: مجزرة خان شيخون.. كيميائي الأسد يضرب من جديد

وهي في نفس السياق، ستكون منفذًا لالتقاط أنفاسه، إذ إنه لا يمكن للفيلق أن يصد هجومين في وقت واحد، بالأخص وأن جيش الإسلام يعتبر أكبر الفصائل المتواجدة في منطقة الغوطة الشرقية، ويصدر نفسه على أنه صاحب القرار الأخير بفتح جبهات القتال مع قوات الأسد أو عقد الهدن، حيث كانت أولى الردود العكسية على الاقتتال، بتقدم قوات الأسد، رغم تضارب المعلومات حول استعادة قوات المعارضة لعدد منها.

يسعى جيش الإسلام لأن يكون القوة الوحيدة في الغوطة، ويصدر نفسه كصاحب القرار الأخير، لذا لا يتوقع أن تتوقف الاشتباكات قريبًا

وتعالت الأصوات عقب الاقتتال الأخير محذرًة من استثمار نظام الأسد له، وفرضه سياسة التهجير القسري على مناطق سيطرة فصائل المعارضة في محيط دمشق، محاولًا تأمينها بشكل كامل، قبل أن يتفرغ لمعركته الكبرى في محافظة إدلب التي يروج لها إعلامه بشكل مكثف، إذ أنه يسعى لاستعادة كافة المناطق الخارجة عن سيطرته منذ عام 2012، وهو بدأها فعليًا منذ منتصف العام الفائت.

وبناء على حالات الاقتتال السابقة التي شهدتها منطقة الغوطة الشرقية بين فصائل المعارضة، فإنه من غير المتوقع أن تتوقف الاشتباكات الأخيرة، نتيجة امتداد معظمها لأكثر من أسبوع، رغم محاولة اللجان الأهلية التوصل بين جميع الأطراف لاتفاق ينهي القتال فيما بينهم، علاوًة على أن جيش الإسلام يسعى لأن يكون القوة الوحيدة المتواجدة في المنطقة، وهو ما يهدد أهالي الغوطة الشرقية بعد حصار دام نحو أربع سنوات، من مواجهة السيناريو الذي فرض على مناطق ريف دمشق الغربي، وكان آخرها تهجير أهالي مدينة الزبداني وبلدة مضايا إلى شمال سوريا، والذي عرف باتفاقية المدن الأربعة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

إفراغ داريا.. النظام السوري يطهر ريف دمشق عرقيًا 

هل تبتلع القاعدة فصائل المعارضة السورية؟