07-أغسطس-2016

جندي مصري يقف حارسًا خارج أحد مراكز الاقتراع في العاصمة القاهرة يوم 22 نوفمبر 2015 وذلك في اليوم الأول من الجولة الثانية والأخيرة من الانتخابات البرلمانية بالبلاد Photo credit should read KHALED DESOUKI/AFP/Getty Images

كليمنت هنري وروبرت سبرنغبورج الخبيران في الشؤون المصرية قالا في تقرير كتباه في الفورين افيرز بتاريخ 21 شباط/فبراير 2011 "ليس الجيش المصري قوة محترفة منيعة كما يصوره الكثيرون فهو مترهل وتتكون نواته من ضباط مدللين تم تسمينهم ضمن نظام المحسوبية الذي أقامه مبارك، أما تدريبه فيتسم بعدم الانتظام، في حين تعاني معداته من افتقار شديد للصيانة كما يعتمد على الولايات المتحدة للحصول على التمويل والدعم اللوجيستي" (رابط التقرير).

داخل الوحدة ستجد لوحة دعائية ضخمة كتب عليها بالخط العريض "القوات المسلحة مصنع الرجال" غير أنني كمجند قضى أكثر من سنة جنديًا بالقوات المسلحة أظن أن المصنع مغلق الآن للتحسينات والافتتاح سيكون عما قريب، فمصنع الرجال يسير وفقًا لنظام صارم من المحسوبية والوسائط لدرجة أن مجندي الرتب المتوسطة يحملون دفاتر صغيرة في يدهم ليسجلون شبكة ضخمة من المعارف. فالعسكري فلان الفلاني هو قريب العميد علان العلاني لذلك لابد من توفير سبل الراحة له داخل الوحدة ليقضي خدمة سعيدة فيصبح من ساعته وتاريخه عسكري متابعة أو بلغة العساكر سيكا لأحد الضباط يسهر على راحته مقابل إعفائه من الطوابير والخدمات بالإضافة إلى امتيازات الإجازات التي تختلف عن إجازات العساكر الآخرين أولاد الشعب. والحق يقال إن عسكري المتابعة له دور مهم في حالة الحرب فهو عسكري المراسلات بين الضباط والقيادات، غير أننا في حالة سلم فتم تفريغ هذه الوظيفة من مضمونها الأصلي.

اقرأ/ي أيضًا: مصر 2016.. السلاح قبل الخبز أحيانًا

وللدفتر وظيفته، فحينما يحين الدور لرد الخدمة يكون الدفتر جاهزًا، فهو يساعد على تشكيل شبكة علاقات عامة واسعة، تلك الشبكة الحاكمة بالأساس داخل الجيش دون وجود لأي من معايير الكفاءة والجاهزية التي تؤهلهم لذلك.

لا أظن حقًا أننا في انتظار النكسة، فنحن نعيش فيها ونشهد عليها، فالوضع أسوأ من نكسة بكثير

في الفقرة الأولى تحدثت كليمنت هنري عن تسمين الضباط المدللين ضمن نظام المحسوبية وقد كنت أظن أنها تعني التسمين من خلال الامتيازات وغيرها من وسائل المحسوبية، غير أنه طرأ في ذهني أيضًا أحد الضباط الشباب حديثى التخرج من الكلية الحربية والذي كان وزنه أكثر من 120 كيلو، مترهل، ملتصق الفخدين، طوله أقل من 160 سم، بما لا يؤهله إطلاقًا لتخطي اختبارات الكليات العسكرية. حتى إننا في أول يوم لنا بالقوة الأساسية وفي طابور اللياقة لم نكن نعلم أنه ضابط وظننا أنه عسكري مثلنا إلى أن فوجئنا بأنه ضابط ثم زالت المفاجأة تمامًا حينما علمنا أنه ابن عائلة كلها ضباط ولم يكن صعبًا بالتالي مع ذلك التحاقه بالكلية الحربية.

اقرأ/ي أيضًا: تيران وصنافير.. من المستفيد؟

ولطالما كنا نتساءل ما موقف هذا الضابط في حالة الحرب، أظن أنه في حالة الحرب سيقوم الجيش بتعيين عساكر أخرى لحماية "الوسايط" سواء من الضباط أو العساكر، أو أقله سيضمن لهم مكانًا آمنًا حتى تنتهي الحرب، وربما يكون الجيش قد أسسهم لوظيفة غير الحرب والدفاع عن الوطن.

أما بخصوص المعدات التي تفتقر للصيانة فأتذكر أننا كنا سبعة ندفع إحدى عربيات الجيش المتهالكة لمدة ساعة كاملة حتى دارت. وأما عن التدريبات فحدث ولا حرج: أبسط الأمور أن معظم عساكر الجيش لا تجيد استخدام السلاح عدا الصعايدة بحكم انتشار السلاح فى بيئتهم.

وأما عن اللياقة البدنية في زمن التعبئة العامة فيكفي أن تعرف أنه كان معنا داخل الوحدة من طوله أقل من 160 سم وهو ما يجعله غير لائق طبيًا، ومن كان وزنه أكثر من 150 كيلو، ومن كان لا يرى وهو بنظارته الطبية، وغيرها كثيرًا من الحالات التي تنص عليها صراحة لائحة وقوانين الجيش أنهم غير لائقين طبيًا ولا بد من إعفائهم من أداء الخدمة العسكرية، لكننا في زمن التعبئة العامة يا سيدي.

لا أظن حقًا أننا في انتظار النكسة، فنحن نعيش فيها ونشهد عليها، فالوضع أسوأ من نكسة بكثير، نحن نعيش مع أبناء وأسياد هذه المؤسسة الذين تحصلوا على تنشئة أصبحت جزءًا من تكوينهم، فأصبح ولاؤهم بالكامل لهذه المؤسسة وأصبحت بالنسبة لهم أم وهم أولادها دون "الأم الكبرى" والتي أصبحت بالنسبة لهم "زوجة أب" فيسبونها بسهولة ويسبون بقية أبنائها كما قال لنا أحد الضباط "انتوا شعب بن و*** أساسًا ما يجيش غير بالكرباج".

الانهيار قادم لا محالة نتيجة لما سبق، الانهيار قادم أمام فئة تظن أن الخطأ لا يأتي من بين يديها ولا من خلفها ولا غبار عليها إطلاقًا، فوضعت حولها هالة قدسية فأصبحت "المؤسسة المقدسة" في حين أن العُهر يأكل بيتها.

اقرأ/ي أيضًا:

مذكرات عسكري غلبان: قواعد الجيش

مذكرات عسكري غلبان 2: تعبئة عامة