15-يناير-2020

مدينة جبلة التاريخية في اليمن (الترا صوت)

على بعد ست كيلومترات من مدينة إب بوسط اليمن، تقع مدينة جبلة، التي شيدت على هضبة صخرية مرتفعة، تحفها الجبال من كل جانب، وكأنها حصن يحمي المدينة، وهي أيضًا مصدر مائها.

ترتبط مدينة جبلة في اليمن، بالملكة أروى بنت أحمد الصليحي، أول ملكة في الإسلام، والتي اتخذت من جبلة عاصمة للدولة الصليحية

تتميز مدينة جبلة بنقاء هوائها وخصوبة أراضيها وقوة تحصيناتها الطبيعية، ما أهلها لتكون عاصمة للدولة الصليحية التي حكمت اليمن في القرن الـ11 الميلادي. 

اقرأ/ي أيضًا: قصص 8 مسلمات حكمن دولًا عظمى

وعليه، تضم مدينة جبلة آثار الدولة الصليحية التي حكمت البلاد قرابة 90 عامًا. وفي كل جزء من المدينة، ستجد الدليل على الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، أول ملكة في الإسلام، وهي التي اتخذت من المدينة عاصمة للدولة الصليحية، حين انتهى إليها حكمها.

وبالإضافة إلى مسجد الملكة أروى الذي يضم ضريحها، ثمة 31 جامعًا ومدرسة قديمة، وقصر للملكة أروى، قيد الترميم حاليًا، وإلى جانبه دار حولتها الحكومة اليمنية متحفًا لعرض بقية أثر الدولة الصليحية وأغراض الملكة أروى ومجموعة مخطوطات.

مسجد الملكة أروى
مسجد الملكة أروى

وتزدان المدينة المرتبطة شرطيًا بالملكة أروى، بالسواقي المائية الممتدة من جبل التعكر إلى وادي الجند بمحافظة تعز، والعديد من العقود (الأقواس المعمارية) والجسور.

وقديمًا كانت المدينة تسمى بذات النهرين، حيث يتوسطها واديان صغيران كان الماء لا يتوقف عن الجريان فيهما صيفًا وشتاءً، لكن الآن لم يعد يجري إلا صيفًا حيث موسم هطول الأمطار.

مسجد الملكة أروى

يعد مسجد الملكة أروى من أكبر الجوامع في اليمن. ويضم المسجد أحد أقدم المدارس الإسلامية في البلاد، والتي خرّجت العديد من علماء الدين. ويبلغ عمر المسجد أكثر من 900 عام، وقد نقشت على جدرانه آيات من القرآن.

ضريح الملكة أروى
ضريح الملكة أروى

ويضم المسجد الجامع أيضًا ضريح الملكة أروى، والذي يعد مزارًا لأبناء طائفة البهرة الإسماعيلية من داخل اليمن وخارجها. كما أنه يضم عددًا من المخطوطات القديمة. وعلى إحدى جدران المسجد علقت داخل إطار زجاجي، مسبحة الملكة أروى المصنوعة من العقيق، والتي تتكون من ألف حبة. وكان الناس يعتقدون فيها، فإذا تأخر هطول المطر، تجمعوا حولها للتسبيح استسقاءً للغيث.

مسبحة الملكة أروى
مسبحة الملكة أروى

وبالجملة، فإن مدينة جبلة إحدى أبرز الوجهات السياحية الداخلية لليمنيين، والتي يفد إليها عشرات أو مئات يوميًا من مختلف أرجاء البلاد. كما كانت معلمًا بارزًا أيضًا للسياح من خارج اليمن، لمعمارها المميز، وآثارها الوفيرة. لكن أعداد السياح إليها تراجعت في سنوات الحرب.

قصر مهمل

تضم المدينة قصر الملكة أروى، الذي لا يزال أثره قائمًا رغم تعرض بعض أجزائه للدمار لعوامل الزمن، في ظل غياب الجهات الرسمية المعنية، رغم الإعلان عن البدء في ترميمه قبل سنوات.

وبحسب ضياء المبنن، وهو مرشد سياحي من جبلة، كانت السلطات اليمنية قد خصصت ميزانية لترميم القصر المكون من 360 غرفة. لكن أغلب مال الميزانية اختفى، أو بتعبير المبنن "نُهب"، وتوقفت عملية الترميم منذ اندلاع الثورة اليمنية في 2011.

قصر الملكة أروى
قصر الملكة أروى

وإلى جانب القصر بناءٌ اتُخذ متحفًا لعرض القطع الأثرية والمخطوطات، وتسليط الضوء على أعمال الملكة أروى وتاريخ مدينة جبلة وعادات سكانها منذ القدم.

وكان من المفترض أنه بعد ترميم القصر، ستفد إليه قطع ومقتنيات أثرية. ووفقًا للمبنن فإن سكان المدينة يمتلكون قطعًا أثرية ثمينة، وينتظرون حتى الانتهاء من ترميم القصر لنقلها إليه.

لا سياحة منذ الحرب

من بين القطاعات الأكثر تأثرًا بالحرب في اليمن، قطاع السياحة، وقد نالت مدينة جبلة نصيبها من هذا الأثر السلبي. ووفقًا للمرشد السياحي ضياء المبنن، فإن زيارات السياح من خارج اليمن انقطعت عن جبلة منذ 2014، إلا في ما ندر.

رغم أهميتها السياحية والتاريخية، تعاني جبلة إهمالًا حكوميًا وعدم جدية في ترميم مبانيها القديمة التي تهدمت أجزاء منها بفعل الزمن

وفي حين كانت زيارات اليمنيين كبيرة قبل الحرب، تقلصت كثيرًا بعد الحرب لأسباب تتعلق بتدهور الوضع الاقتصادي من جهة ولأسباب أمنية من جهة أخرى. هذا وتعاني المدينة إهمالًا حكوميًا، وعدم جدية في ترميم مبانيها القديمة التي تهدمت أجزاء منها بفعل الزمن، وذلك رغم المكانة السياحية والقيمة التاريخية للمدينة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

شجرة الغريب في اليمن.. أسطورة حية منذ أكثر من 2000 عام

قلعة صيرة في عدن.. آثار ومقاومة