04-فبراير-2020

يقوم النظام السوري بعملية تطهير ممنهجة لمدن وبلدات إدلب (رويترز)

لم تعد مدينة إدلب الملاذ الأخير للنازحين والمهجرين السوريين، فبحسب مصادر من داخل المنطقة، فإن النازحين الواصلين جديدًا إلى المدينة قوبلوا ببدء حركة نزوح جديدة منها، بعد أن أصبحت قوات النظام والميليشيات الموالية له قريبة.

أصدر فريق منسقو الاستجابة في الشمال السوري، بيانًا فارغًا احتجاجًا على تردي أوضاع النازحين من ريف إدلب الجنوبي عقب هجوم النظام وروسيا على المنطقة

المدينة التي تضم 4 ملايين نسمة بينهم نازحون ومهجرون أصبحت اليوم في مرمى صواريخ النظام السوري وروسيا، وتشكل القنبلة الإنسانية التي ستنفجر في وجه المجتمع الدولي، الذي اقتصرت ردود فعله على التحذير والتنديد.

اقرأ/ي أيضًا: نازحو الشمال السوري.. في قلب الكارثة

بيان فارغ.. المأساة لا توصف

طالب المدنيون في إدلب الدول الغربية وعلى رأسها الأوروبية، بالتحرك لوقف هجمات النظام وحليفيه الروسي والإيراني، على المنطقة. جاء ذلك خلال مظاهرة نظمها مدنيون في مخيم ببلدة حارم في إدلب، تنديدًا بتصعيد النظام السوري وحليفيه الروسي والإيراني، هجماتهم على المنطقة مؤخرًا.

وفي بيان صادر عن المتظاهرين، أشاروا إلى إجبار الهجمات المتواصلة للنظام السوري وحلفائه، المدنيين على ترك ديارهم. ودعا البيان الدول الغربية وعلى رأسها الأوروبية، بالتحرك لوقف هجمات النظام وحليفيه الروسي والإيراني، ووضع حد للأزمة الإنسانية التي تشهدها المنطقة.

وفي ظل هذه الظروف المأساوية أصدر فريق منسقو الاستجابة في الشمال السوري، بيانًا فارغًا احتجاجًا على تردي أوضاع النازحين من ريف إدلب الجنوبي عقب هجوم النظام وروسيا على المنطقة. واعتاد منسقو الاستجابة في بياناتهم على توثيق أعداد النازحين من المناطق التي تتعرض لعمليات قصف وغارات جوية، تشنها قوات النظام وحلفاؤه الروس والإيرانيون.

وقال الفريق في وصف البيان الفارغ: "يصدر منسقو استجابة سوريا هذا البيان لأننا لم نعد نملك الكلمات لوصف معاناة السكان المدنيين وحدّة غضبنا، هل لا يزال لدى أولئك الذين يلحقون الأذى كلمات لتبرير أعمالهم الوحشية؟".

يشار إلى أن فريق "منسقو استجابة سوريا" وثّق نزوح أكثر مِن 268 ألف مدني مِن ريفي إدلب وحلب، خلال الفترة الممتدة بين 14 حتى 30 من كانون الثاني/يناير الماضي، و130 ألفًا بسبب العملية العسكرية لروسيا ونظام الأسد على المنطقة.

إنقاذ الأرواح

موجة النزوح من محافظة إدلب وضعت المنظمات الإغاثية المحلية أمام مهمة صعبة وغير مألوفة وهي إنقاذ أرواح المدنيين الذين تتعرض منازلهم للقصف والغارات الجوية، ويقول فؤاد سيد عيسى عضو منظمة بنفسج السورية لـ"ألترا صوت"، إنه في الأيام الماضية نزح أكثر من 70 ألف مدني من مدينتي سراقب وأريحا والمناطق المحيطة بها باتجاه المجهول،  وأضاف أن "هذه العوائل جلست لدى عوائل مضيفة وفي مراكز الإيواء المؤقتة التي افتتحتها المنظمات الإغاثية ومنها بنفسج وهي المساجد والمخازن الكبيرة".

لكن المشكلة الكبرى بحسب سيد عيسى هي أنه ليس لدى النازحين إمكانية مالية لاستئجار البيوت بسبب غلاء الإيجارات، كما أنه لا يوجد بيوت للإيجار في هذه المناطق. وقال ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي إن كلفة نقل محتويات المنزل إلى المناطق الحدودية بلغت 300 دولار أمريكي.

ويضيف سيد عيسى أنه "منذ بداية النزوح الأخير أي منذ أسبوع، نزح 150 ألفًا ومنذ شهر ونصف نزح أكثر من 800 ألف. وحتى اللحظة، فإن المساعدات المطلوبة للمرحلة الأولى فقط بحسب الأمم المتحدة تتطلب 30 مليون دولار، لكن نحن كمنظمات إنسانية نقدرها اليوم بـ 200 مليون دولار بحسب احتياجات كل عائلة".

 

أما تركيا التي تخشى من موجة نزوح ضخمة قرب حدودها، فقد بدأت ببناء منازل مؤقتة قرب الحدود، فيما يوضح المتحدث أن تركيا بدأت المشروع بالتعاون مع بعض الجمعيات وهي منازل من دون سقف أي عبارة عن جدران وعازل للسقف وتديرها منظمة (IHH) التركية، وحتى الآن لم تبن أكثر من ألف بيت، مشيرًا إلى أنهم لم يتأكدوا أين وصل المشروع التركي، ويلفت إلى أن العائلات النازحة تبيت في سيارتها الخاصة أو في مراكز الإيواء.

ويتابع: "نهدف حاليًا إلى إخلاء المدنيين وإنقاذ أرواحهم من أماكن القصف والغارات الجوية. أخلينا 16 ألف شخص من المناطق الساخنة إلى مناطق أكثر أمنًا ثم نهدف لتأمين مراكز الإيواء والطعام والشراب ثانيًا، وفي المرحلة الثالثة وهي الأصعب نحاول تأمين البيوت أو تأهيلها".

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال إن أعمال بناء مساكن مؤقتة للنازحين بمحافظة إدلب، تقيهم برد الشتاء القارس، جارية على قدم وساق. وأضاف أن "هناك موجة نزوح من إدلب نحو حدودنا، وقد اتحذنا التدابير اللازمة للتعامل مع هذا الوضع". ولفت إلى أن المساكن المؤقتة التي سبق وأعلن عنها، "يتم بناؤها بسرعة"، وبمجرد الانتهاء من تشييدها سيتم إسكان نازحين فيها.

وفي 20 من الشهر الماضي، أعلن الرئيس التركي عن إطلاق بلاده حملة جديدة لإغاثة نازحي إدلب. مشيرًا إلى أن بلاده ستشرع ببناء منازل مؤقتة مبنية من الطوب (بلوك) ومسقوفة بأغطية عازلة، تتراوح مساحة كل واحد منها بين 20 و25 مترًا مربعًا، قرب الحدود السورية التركية.

وأكد أنّ إدارة الكوارث والطوارئ التركية (آفاد)، والهلال الأحمر التركي، سيبذلان قصارى جهدهما لبناء هذه المنازل بأقصى سرعة. وأوضح أن تركيا ستبذل كافة جهودها الممكنة من أجل بناء البنية التحتية لهذه المنازل، وتضعها في خدمة نازحي إدلب.

وأعلنت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية  (İHH) تسليمها 200 منزلًا مؤقتًا، للنازحين من إدلب، ضمن إطار مشروع أطلقته "الإغاثة التركية" تحت شعار "كن سقفًا للمظلوم"، ويهدف لإسكان 10 آلاف أسرة نازحة بمنطقة إدلب، في المنازل المؤقتة، بحسب وكالة الأناضول.

الغارات تلاحق النازحين

تلاحق غارات النظام وروسيا النازحين الفارين من ريفي إدلب وحلب الغربي، إذ وثق الدفاع المدني السوري مقتل عائلة نازحة بينها أطفال ونساء، إثر غارة استهدفت سيارة كانت تقلّهم في ريف حلب الغربي الإثنين. وقال الدفاع المدني في حلب، إن سبعة مدنيين مِن عائلة واحدة بينهم أربعة أطفال وثلاث نساء قتلوا وأصيب آخرون، بغارة روسيّة استهدفت سيارة كانت تقلّهم في منطقة جمعية الرحال غربي حلب، أثناء محاولتهم النزوح مِن المنطقة.

وسبق أن ارتكبت طائرات حربية روسيّة، قبل أيام، مجزرة في ريف حلب الغربي راح ضحيتها عشرة مدنيين في مخيم للنازحين بمنطقة الأتارب، وذلك بعد ساعات مِن مجزرة أخرى في المنطقة، أوقعت عددًا مِن الضحايا بينهم أطفال.

اقرأ/ي أيضًا: الانهيار المتوقّع لهدنة إدلب

كما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 16 مدنيًا الأحد بينهم 5 أطفال في ريف إدلب، على يد قوات النظام السوري والقوات الروسية. في حين دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" جميع الأطراف المتحاربة إلى وقف الأعمال العدائية فورًا في شمال غرب سوريا، حفاظًا على الأطفال وحالاتهم النفسية.

وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان مقتل 16 مدنيًا الأحد بينهم 5 أطفال في ريف إدلب، على يد قوات النظام السوري والقوات الروسية

وقالت المنظمة في بيان، إن "الأزمة في شمال غرب سوريا تحولت إلى أزمة حماية أطفال على نطاق غير مسبوق. وقد أجبر العنف الذي شهدته المنطقة خلال الأسبوع الماضي 6500 طفل على الفرار يوميًا، مما رفع العدد الكلي للأطفال النازحين في تلك المنطقة إلى 300 ألف منذ كانون الأول/ديسمبر".