09-ديسمبر-2018

تسعى السلطات العراقية إلى إجهاض احتجاجات البصرة (أ.ف.ب)

الحكومة العراقية تصعد ضد "السترات الصفراء" في البصرة بالمدرعات الحربية

الترا صوت – فريق التحرير

في ساعة متأخرة من ليل السبت، 8 كانون الأول/ديسمبر، انتشرت مدرعات عسكرية ودبابات ترافقها قوة من الجيش، شمالي البصرة، حيث ناحية الهوير التي تأتي في مقدمة المدن البصرية التي تشهد تظاهرات مستمرة تطالب بالخدمات والوظائف، وتضم ثاني أكبر حقل نفطي في العالم.

عد ناشطون في البصرة، "الاقتحام العسكري للمدينة"، محاولة لترهيب المتظاهرين والناشطين من أبناء الناحية، و"حركة استفزازية" لجر الاحتجاجات الى العنف مجددًا

جاء الانتشار الذي تضمن حملة دهم وتفتيش طالت منازل في بعض مناطق الناحية، بعد هجوم مسلح استهدف موقعًا نفطيًا، نفذه مسلحون مجهولون، بحسب مصدر أمني تحدث لـ "الترا صوت"، مبينًا أن "الهجوم نفذ بقنبلتين يدويتين، دون أن يسفر عن سقوط ضحايا أو خسائر مادية".

اقرأ/ي أيضًا: تظاهرات البصرة تتوسع في العراق.. سخط الجنوب يوحد الشارع

بدورهم عد ناشطون في البصرة، "الاقتحام العسكري"، محاولة لترهيب المتظاهرين والناشطين من أبناء الناحية، و"حركة استفزازية" لجر الاحتجاجات الى العنف مجددًا، خاصة بعد إطلاق سراح ناشطين ومتظاهرين اعتقلوا خلال الأسبوع الماضي، وفق كفالة مالية.

وقال أحد الناشطين البصريين، إن "الشكوك تحوم حول الهجوم الذي استهدف الموقع النفطي، حيث لم تسجل كاميرات المراقبة في الموقع الحادث، كونها قد عطلت لحظة تنفيذه"، دون أن يستبعد أن يكون الهجوم "مدبرًا" لايجاد مسوغ لنشر الدبابات والآليات العسكرية في الناحية، وتفتيش المنازل.

ويؤكد الناشط الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ "ألترا صوت"، أن "عددًا كبيرًا من عناصر الجيش دخلوا الناحية"، فيما رأى أن تلك الخطوة "تهدف لاستفزاز المواطنين في الناحية، التي تشهد منذ أشهر تظاهرات مستمرة تطالب بالخدمات وفرص العمل".

مطالب بإقالة المحافظ

تشهد مدينة البصرة جنوب العراق، تظاهرات يومية، أمام مبنى الحكومة المحلية، حيث رفع المتظاهرون مطالبات جديدة من بينها إقالة المحافظ أسعد العيداني، على خلفية اتهامات بالتحريض على العنف ضد المتظاهرين، بعد مقطع مصور أظهره وهو يهم بضرب أحدهم.

ولم تكن الاحتجاجات بدايةً موجهة ضد العيداني، حيث حدد المتظاهرون مبنى المحافظة كموقع للاحتجاج، كونه يمثل رمزية الحكومة، كما يشير الناشط، علي كريم، لكنه يؤكد أن تصرف المحافظ وجه التظاهرات ضده وأن "البصريين لن يسامحوه".

وكان متظاهرون غاضبون يرتدون "السترات الصفراء"، قد اقتحموا، في وقت سابق، مقر إقامة وزيري المالية والعمل، اللذين كانا في زيارة إلى المحافظة، وأجبروهما على مغادرة المدينة بعد مهاجمة موكبهما بالحجارة، وسط هتافات تهدد بتصعيد التظاهرات.

ويعزو كريم، موقف المحتجين من زيارة المسؤولين إلى المحافظة، إلى عدم وجود جدوى لتلك الزيارات التي يحاول المسؤولون من خلالها إبراز جوانبهم "الإيجابية" للمواطنين، مؤكدًا أن "الكثير من المشاكل التي تعانيها محافظة البصرة لا تحتاج إلى مثل تلك الزيارات".

مياه الموت

يأتي في مقدمة مشاكل المحافظة، تلوث المياه، حيث كشفت الحكومة المحلية عن نتائج الفحوصات المختبرية لعينات من مياه شط العرب، أثبتت تلوثه بأنواع خطرة من الملوثات، مؤكدة على لسان النائب الإداري لمحافظ البصرة ضرغام الأجودي، أن "تلك الملوثات تزيد خطورة التلوث في المناطق المشتركة بين العراق وإیران".

تسعى السلطات العراقية إلى إجهاض احتجاجات البصرة (أ.ف.ب)

وكشف الأجودي، أن الملوثات تشمل بعض أنواع البكتريا وبقايا الأسمدة والمبيدات الحشرية والمخلفات الكيمياوية الصناعية والنفطية وارتفاع مستويات النترات والكبريتات والإشعاع عن المستوى الطبيعي، لكن الملوث الأخطر هو التلوث بعنصر "الكادميوم"، حيث بلغت مستويات التلوث فيه أكثر من 53 ضعف عن الحد الأعلى المسموح، بحسب الأجودي، فيما سجلت النتائج ارتفاع نسبة الرصاص بمعدل أعلى بعشرة أضعاف من الحد الأعلى المسموح به، وكذلك نسبة النترات والكبريتات التي جاءت أعلى بتسعة أضعاف من الحد المسموح به.

اقرأ/ي أيضًا: البصرة تزف شهيدًا جديدًا.. التصعيد وخيارات الضرورة

وبحسب تلك النتائج، فإن الأعراض التي عانى منها المواطنون في البصرة تتطابق مع أعراض التسمم الحاد بالكادميوم، الذي قد يسبب السرطان وهشاشة العظام والفشل الكلوي في حالة التعرض له لمدة طويلة ولو بتراكيز قليلة، ما يدعو إلى منع استخدام مياه شط العرب لأغراض الشرب أو تربية الأسماك وتوفير مصدر بديل.

يأتي في مقدمة مشاكل البصرة، تلوث المياه، حيث كشفت الحكومة المحلية عن نتائج الفحوصات المختبرية لعينات من مياه شط العرب، أثبتت تلوثه بأنواع خطرة من الملوثات

ويتوجب على الحكومة المركزية برئاسة عادل عبد المهدي، اتخاذ "اجراءات عاجلة" لإنقاذ البصرة، كما أكد نائب المحافظ، داعيًا إلى "تخصيص موازنات عاجلة لإجراء بحوث للكشف عن مصدر التلوث بعنصر الكادميوم لمعالجته فورًا، وتطوير قناة البدعة وإنشاء محطات تحلية لمياه البحر، وبناء ناظم على شط العرب يفصل المنطقة التي يقع فيها مصدر التلوث (الجزء الجنوبي) عن الجزء الشمالي من شط العرب كي تمنع التلوث من الامتداد شمالًا".

وعلى ما يبدو فإن تلك الإجراءات لن تكون جزءًا من الواقع في وقت قريب، حيث لا يزال رئيس الحكومة والقوى السياسية منشغلين بمعضلة استكمال الحكومة والصراع على الحقائب الأمنية، في وقت لا تزال فيه الموازنة المالية التي تترقبها المحافظات المنكوبة بالحرب والسيول أو التلوث، حبيسة أدراج البرلمان.