20-نوفمبر-2021

يتزايد الاهتمام العالمي بتعلم اللغة الصينية (Getty)

منذ عرف الإنسان القديم الكتابة، استخدم الرسوم البدائية للتعبيرعن الحاجات والمعاني المختلفة لتسهيل عملية التواصل، كما كان الحال في الحضارة المصرية القديمة والحضارة البابلية التي استخدمت مثل هذه الرسوم منذ أكثر من خمسة آلاف سنة. لكن لم يكتب لأن يعيش هذا النظام الكتابي بعد ازدهاره في العصور الذهبية لكل من هذه الحضارات. وحدها الحضارة الصينية قد حافظت عليه حتى يومنا هذا.

لا تستخدم اللغة الصينية حروفا كأغلب اللغات الأخرى عند كتابة كلماتها المنطوقة؛ بل تستخدم رموزا كانت تعبر في السابق عن أمور عديدة وجدت في البيئة المحيطة

لا تستخدم اللغة الصينية حروفا كأغلب اللغات الأخرى عند كتابة كلماتها المنطوقة؛ بل تستخدم رموزا كانت تعبر في السابق عن أمور عديدة وجدت في البيئة المحيطة، ومرت هذه الرموز -أو الرسوم- بتطورات عديدة إلى أن وصلت لشكلها الحالي، لكن بالرغم من تغير شكلها بطريقة شبه كلية؛ إلا أنها حافظت على لمحة بسيطة ترتبط بالرمز القديم حتى وإن عبرت عن معنى جديد.

تسمى هذه الرموز في اللغة الصينية (汉字) ومن الممكن تقريب اللفظ إلى العربية باستعمال كلمة "هانز" ومعناها الحرفي هو رمز شعب الهان، وكلمة هان هذه يستخدمها الصينيون للتعبير غالبا عن كل شيء صيني؛ نسبة إلى عرق الهان الذي يتفوق في عدد أفراده على بقية الأعراق في الصين.

 من الأمثلة البسيطة على تطور الرموز الصينية في الشكل والمعنى إلى وصولها للشكل الحالي المبسط بعد الشكل التقليدي هي هذه الكلمات.

يتضح من هذه الصورة تغير شكل الرموز من اليسار إلى اليمين. في الرسم قبل الأخير نرى الرموز التقليدية والتي يستخدمها في هذا اليوم صينيون في مناطق معينة، مثل: هونغ كونغ، تايوان، وماكاو. تتسم الرموز التقليدية بصعوبتها نسبيا مقارنة مع الرموز المبسطة المستخدمة رسميا في البلاد.

تسمى اللغة الصينية أو لغة الهان 汉语 (بوتونغهوا普通话) وترجمتها: لغة عامة الشعب، وتسمى بالإنجليزية (Mandarin). بغض النظرعن تعدد التسميات، فإن اللغة الصينية ذاتها ينبثق عنها العديد من اللهجات التي تصل أحيانا إلى الاعتقاد بأنها لغات جديدة، وهنا يحدث اللبس عند من يسمع أحدا يتكلم بال(كانتونية) ويعتقد أن من يتكلم الصينية الرسمية قادر على فهم ما يقوله الأول، هذا ببساطة خطأ.

قامت الحكومة الصينية باستخدام حروف لاتينية للتعبير عن لفظ الكلمات الصينية وتسمى هذه الكتابة ب(البينيينPinyin )، لتسهيل القراءة المبدأية لمن يتعلمون الصينية من غير الناطقين بها ولتسهيل الكتابة باستخدام الحاسوب، وأضافت لها النغمات الأربع (ā، á، ǎ، à) التي بتغيير أحدها في أي كلمة، يؤدي إلى تغيير المعنى كليا لنفس الكلمة ومثال على ذلك: تعني الأم، تعني القنب، تعني حصان، و تعني التأنيب. هذه إحدى صعوبات تعلم اللغة الصينية؛ عليك أن تحفظ جميع الكلمات الرئيسية المكونة لكلمات أخرى.

اقرأ/ي أيضًا: وول ستريت جورنال: لماذا تسبب أزمة الكهرباء في الصين قلقًا عالميًا؟

يبلغ عدد الكلمات الرئيسية للاستعمال الحياتي على الأقل 3000 كلمة تقريبا -بغير احتساب الكلمات المتخصصة بمجالات معينة- مع نغماتها المختلفة ومعانيها التي تصدرعنها ومع تركيب كل كلمة مع الأخرى ما يؤدي لإنتاج معنى جديد قد يتشابه أو لا يتشابه مع الكلمات المكونة له. وبالطبع بالإضافة لذلك، عليك حفظ الكتابة الخاصة بكل كلمة وإقرانها باللفظ والنغمة والمعنى، والذي من الممكن لكل منها أن يتغير حتى مع استخدام الرمز نفسه، مثل ( التي تقرأhang  بمعنى وتقرأ xíng بمعنى آخر) أو أن تحافظ على لفظها والنغمة والكتابة لكن بذات الوقت تحتوي على معان كثيرة، وهذه حال جميع الكلمات تقريبا والتي يكون منها ما يعطي معنى في حال وجودها وحدها، مثل ومنها ما يجب أن يقترن بكلمات أخرى لتكوين كلمة مفيدة، مثل . ويحدث العكس كذلك؛ فترى اللفظ للكلمة ونغمته نفسها له أكثر من رسم صيني بمعان عديدة، مثل (是,事,市,式...). في داخل كل كلمة توجد رموز تجتمع لتشكل الكلمة الواحدة، وهذا يسهل الوصول للمعنى في بعض الأحيان، فهو كما ولو كان يشكل قصة قصيرة داخل كل كلمة باستخدام هذه الرموز مع بعضها وإنتاج معنى نهائي له صلة فيها كلها، ومثال ذلك () وتعني ذكر؛ يشكل الرمز الأول في الأعلى معنى الحقل، والرمز الآخر في الأسفل معنى القوة، وبالتالي من يعمل بالحقل هو الذكر.

 تركيب الكلمات ككلمتين أو أكثر معا لإنتاج كلمات -أو عبارات- جديدة هو علم قائم بذاته فأنت تأخذ مثلا كلمة ذات معنى معين وتضعها مع كلمة أخرى بمعنى آخر فتحصل على كلمة جديدة لا دخل لها أحيانا بمعنى هاتين الكلمتين بالضرورة كـ骆驼 السابق ذكرها، وقد تكون مترابطة في المعنى مثل 火车 التي تعني قطار، فالكلمة الأولى معناها النار، أما الكلمة الثانية فتعني مركبة. ولم تكن الصينية القديمة تحتوي على مثل هذا النوع من تركيب الكلمات، فإنك الآن من الممكن أن تفكر جاهدا فيما يربط معنى بعض الكلمات التي لديك برسمها القديم مثلا، ولا تصل إلى نتيجة مرضية؛ لتطور هذه الكلمات القديمة وحصولها على معان جديدة مثل كلمة 笔记本 التي كانت تعني في السابق دفتر الملاحظات، وهذا ما يدل عليه معنى كل كلمة في ترابطها معا؛ لكن تغير معناها وأصبحت تعني الحاسوب المحمول.

 ولكتابة الرموز نفسها قواعد معينة، فهي ليست مجرد رسوم يمكنك أن تبدأ بأي خط تكتبه كما تشاء! كما وإنك من الممكن جدا مصادفة الرمز نفسه تماما لكن بإضافة نقطة صغيرة على الرسم أو أي إضافة غير واضحة تماما لغير الناطقين بها، لكنها كلمة جديدة كليا لها معنى خاص ( 已,己/力,刀/来,米/我,找.....).

 ومن الممكن أن تتغير النغمات للكلمات بتغير موقعها بالجملة اعتمادا على الكلمات التي تلحقها. كما وتستخدم الصينية كثيرا من التعابير الصوتية التي لا تعني شيئا معينا بالضرورة، لكن لا بد منها عند الحديث لتحافظ على التدفق الصوتي لتركيب الجملة مثل 啊,吧,呀,啦....

يتزايد الاهتمام العالمي بتعلم اللغة الصينية (Getty)

تأثرت اللغة الصينية مؤخرا باللغة الإنجليزية، فباتت تستخدم كلمات أجنبية بالمحافظة على صوت الكلمة الأصلي بالإنجليزية وتقريبه إلى اللفظ الصيني، ويعود ذلك لأسباب شتى؛ فالتطور التكنولوجي قد أجبر الجميع على استخدام الكلمات نفسها المستخدمة من قبل المخترع، وكل شيء دخيل على حضارتهم قد حافظ على اسمه الأجنبي بلا تغيير، كما أن الشباب الصيني حاليا مهتم بالتكلم باللغة الإنجليزية وتعلمها بل والسفر إلى البلاد التي تتكلم بها؛ مما أدى إلى إدخال العديد من العبارات الإنجليزية حرفيا إلى كلامهم المعتاد، مع وجود البديل الصيني الأصلي قبل ذلك. فكما نرى، حتى أعتق اللغات وأقدمها لم تسلم من التبادل اللغوي أو التأثر باللغات التي تسعى لأن تكون عالمية تماما.

من المفيد حاليا تعلم الماندرين على الرغم من صعوبتها، فمن المتوقع لها الازدهار في الأعوام المقبلة، وهو ما تسعى له جمهورية الصين الشعبية منذ فترة من الزمن

من المفيد حاليا تعلم الماندرين على الرغم من صعوبتها، فمن المتوقع لها الازدهار في الأعوام المقبلة، وهو ما تسعى له جمهورية الصين الشعبية منذ فترة من الزمن ويتضح ذلك سنة بعد سنة في جميع الإجراءات التي تقوم بها مع كافة الدول ولها في ذلك مصالح متنوعة، واتضح أنه يكثر روادها بالفعل بشكل ملاحظ، فكان لا بد من توضيح النقاط الأساسية فيما يخص كلماتها وتصحيح ما ينتشر من خرافات حولها.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

إيلون ماسك يغرّد بمقطع شعري بالصينية.. فماذا ردّ الصينيون؟

مسودة قانون التربية الأسرية في الصين تجيز معاقبة الآباء وتكافح إدمان الإنترنت