18-يناير-2021

طفلة نازحة في أحد مخيمات شمال إدلب (Getty)

تكاد تكون الأمطار نقمة بدل أن تكون نعمة على النازحين في مخيمات الشمال السوري. إذ صارت معاناتهم تتكرر سنويًا مع حلول فصلي الخريف والشتاء بسبب ما تخلفه الرياح والأمطار والصقيع والفيضانات من صعوبات حياتية تضاف إلى ظروفهم الإنسانية الصعبة أساسًا، في ظل ضعف الاستجابة الأممية لمعالجة أوضاعهم المعيشية. 

تحدثت تقارير الأمم المتحدة عن الحاجة لحوالي 3.3 مليار دولار  أمريكي من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية ودعم النازحين في الداخل السوري

اجتاحت الأمطار وموجات الصقيع والفيضانات عشرات المخيمات هذا الشتاء، بحسب ما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان، فمزقت الخيم البلاستيكية والملاجئ المبنية من بعض الأخشاب وألواح الصفيح. كما تتسبب الحرائق المندلعة داخل المخيمات بأضرار مادية كبيرة نتج عنها حصيلة من الوفيات، وذلك نتيجة وسائل التدفئة غير الآمنة. فيما نشرت جمعية "الوفاء للإغاثة والتنمية" تقريرًا مصورًا أظهرت فيه حال المخيمات في الشمال السوري بعد السيول التي ألحقت الضرر بالمقتنيات وأغرقت بعض الخيام بالكامل، كما قطعت الطرقات.

اقرأ/ي أيضًا: كيف يعيش الإيرانيون في ظل العقوبات الأمريكية؟

وفقًا لمنظمة "منسقو استجابة سوريا" التي أصدرت تقريرًا أوليًا ميدانيًا يوم الجمعة  15 كانون الثاني/يناير 2021، حول الأضرار المادية نتيجة هطول الأمطار في محافظتي إدلب وحلب، فقد تم توثيق 23 مخيمًا في ريف إدلب الشمالي وريف حلب الشمالي تعرضت لأضرار مختلفة. وبلغ عدد الخيام المتضررة في هذه التجمعات بشكل كلي 49 خيمة، وبشكل جزئي 107 خيمة. وناشدت المنظمة الهيئات الدولية الإنسانية لتقديم "التدخل اللوجستي والدعم الفوري والعاجل" للنازحين القاطنين في هذه المخيمات بسبب الأضرار الكبيرة التي لحقت بملاجئهم.

أوضاع الطرقات تحت المطر في أحد مخيمات شمال إدلب (Getty)

 وفي سياق ميداني نقلت صحيفة العربي الجديد عن محمد حلاج،  مدير فريق "منسقو استجابة سوريا"، قوله أن "الحل الوحيد لتفادي الكوارث الناجمة عن الهطولات المطرية بالنسبة للنازحين يكمن عبر استبدال خيامهم بمساكن مسبقة الصنع أو نقل النازحين لمباني داخل المدن بعد ترميمها".

فيما نقل موقع المونيتور عن الطفل عمران الأحمد، يبلغ من العمر 12 عامًا، وهو من ريف حلب الجنوبي أصلًا نزح إلى إحدى مخيمات إدلب بالقرب من الحدود مع تركيا، قوله "أنا لا أحب المطر. وأخشى رؤية الغيوم السوداء لأنني أعلم أن الكوارث ستأتي معها. أحب الشمس وأخشى الشتاء والبرد والرياح والأمطار". وأضاف الأحمد "حين تمطر تنقطع الطرقات وأتوقف عن الذهاب إلى المدرسة وأتوقف عن اللعب لأيام، كما لا يمكننا تأمين الخبز". أما علي سلمان البالغ من العمر 67 عامًا، نزح من مدينة سراقب وسكن في إحدى مخيمات ريف إدلب، شارك موقع المونيتور تجربته مع فصل الشتاء في المخيمات، وقال "نعاني من عدم وجود طرق معبدة. كلها طرق ترابية، وتتحول إلى أكوام من الطين والوحل عندما تمطر".

يبلغ عدد النازحين  ضمن مخيمات الشمال السوري حوالي مليون و48 ألف نازح يعيشون في 1304 نقطة تجمع 

في الوقت ذاته، تستمر الإصابات بفيروس كورونا بالارتفاع في هذه المخيمات بشكل يومي، مما يزيد من مخاطر تحول المخيمات إلى بؤرة كبيرة للوباء، خاصة في ظل كثافة سكانية مرتفعة جدًا وازدحام شديد مترافق مع غياب إجراءات الوقاية الصحية والمستلزمات الطبية. يضاف إلى هذه الصعوبات خطر إهمال معالجة الأمراض الأخرى بسبب تحديات كوفيد-19، كالملاريا والأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسل والسكري والضغط ومشكلات الصحة العقلية والنفسية والتعامل مع الإعاقات الحركية خصوصًا عند الأطفال.

خيمة لنازحين في ريف إدلب الشمالي (Getty)

كما يعاني النازحون من نقص فادح في عدة متطلبات حيوية أساسية متعلقة بسبل العيش على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. في مقدمتها النقص في المواد الغذائية وندرة المياه النقية وتردي الخدمات الصحية والمساكن غير الصالحة للحياة وغياب خدمات التعليم والرعاية الاجتماعية والتدفئة وملابس الشتاء.

يذكر أن تقارير الأمم المتحدة تحدثت عن الحاجة لحوالي 3.3 مليار دولار من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية ودعم النازحين في الداخل السوري، بينما هناك حاجة إلى 5.2 مليار دولار لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين في دول الجوار. ويبلغ عدد النازحين السوريين  ضمن المخيمات حوالي مليون و48 ألف نازح يعيشون في 1304 نقطة تجمع في شمال غربي سوريا وفقًا لإحصاء منظمة "منسقو استجابة سوريا". 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

أسماء الشوارع في لبنان.. إحالة إلى ولاءات خارجية تهدد "الوحدة الوطنية"

أطفال المكسيك في حرب المخدرات.. جنود وضحايا