1. سياسة
  2. حقوق وحريات

محمود خليل حرًّا: رمزية الانتصار في معركة حرية التعبير بالولايات المتحدة

21 يونيو 2025
محمود خليل
لحظة الإفراج عن محمود خليل (منصة إكس)
الترا صوتالترا صوت

بعد أكثر من 100 يوم قضاها في الاحتجاز، أُفرج عن الناشط الفلسطيني محمود خليل، أحد أبرز وجوه الحراك الطلابي المؤيد لفلسطين في جامعة كولومبيا، في خطوة شكّلت منعطفًا في قضية باتت تُجسّد حجم الضغوط السياسية على حرية التعبير داخل الحرم الجامعي الأميركي، وخصوصًا في سياق الانتقادات المتزايدة لسياسات الإدارة الأميركية المؤيدة لإسرائيل.

الإفراج جاء بأمر من قاضٍ فيدرالي في ولاية نيوجيرسي، رغم ضغوط متواصلة من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي حاولت ربط نشاطه السياسي بتهديد محتمل للأمن القومي.

إلا أن الإفراج عنه كان مشروطًا بفرض قيود صارمة على تحركاته داخل الولايات المتحدة، إذ اقتصر تنقل خليل على ولايتي نيويورك وميشيغان فقط، حيث تقيم زوجته التي وضعت مولودهما أثناء فترة احتجازه، ومن دون السماح له بمغادرة البلاد إلا إذا قرر اللجوء إلى خيار "الإبعاد الطوعي".

أُفرج عن الناشط الفلسطيني محمود خليل، أحد أبرز وجوه الحراك الطلابي المؤيد لفلسطين في جامعة كولومبيا

السياسات العنصرية للولايات المتحدة

عند خروجه من مركز احتجاز في ولاية لويزيانا، مرتديًا الكوفية الفلسطينية، قال محمود خليل في أول تصريح له إن "إدارة ترامب اختارت الشخص الخطأ". وهاجم ما وصفه بـ"السياسات العنصرية للولايات المتحدة"، معتبرًا أن "أحدًا لا يجب أن يُسجن لأنه ندد بالإبادة الجماعية". ووصف مركز الاحتجاز الذي خرج منه بأنه "متحف للسياسات العنصرية الأميركية".

"لم يكن يجب أن يُعتقل أصلًا"

من جانبها، قالت زوجته عبير عبدالله، التي أنجبت طفلهما دِين أثناء وجوده في الاحتجاز: "بعد أكثر من ثلاثة أشهر، أخيرًا يعود محمود إلى عائلته، حيث ينتمي. لم يكن يجب فصل دِين عن والده أبدًا".

علّقت النائبة رشيدة طليب على الإفراج عن خليل بقولها: "محمود خليل أصبح حرًّا أخيرًا! لقد استُهدف فقط لأنه تكلّم ضد الإبادة الجماعية المدعومة من الولايات المتحدة. إطلاق سراحه يُعدّ انتصارًا لكل من يدافع عن الحقوق التي يكفلها التعديل الأول للدستور، وعن جيراننا من المهاجرين، وعن حرية فلسطين".

حملة ممنهجة ضد النشطاء الفلسطينيين

وكان خليل، الحاصل على الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء) والمولود في سوريا لأبوين فلسطينيين، قد اعتُقل في 8 آذار/مارس الماضي بسبب مشاركته البارزة في قيادة الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل حرم جامعة كولومبيا، والتي نددت بالعدوان الإسرائيلي المستمر على غزة. ونُقل بعد اعتقاله إلى مركز احتجاز في مدينة جينا بولاية لويزيانا، على بُعد أكثر من 2000 كلم من محل إقامته في نيويورك.

الإدارة الأميركية تتهم.. والقضاء يرفض

إدارة الرئيس دونالد ترامب اعتبرت خليل "تهديدًا للأمن القومي"، استنادًا إلى مزاعم أدلى بها وزير الخارجية ماركو روبيو، إلا أن القاضي مايكل فربيارز حكم بأن تلك المزاعم لا تبرر قانونيًا استمرار اعتقاله. ورفض مزاعم وزارة العدل التي حاولت لاحقًا اتهامه بإخفاء معلومات في ملف إقامته، واصفًا محاولة توظيفها في هذا السياق بـ"سابقة خطيرة".

في المقابل، ردت وزارة الأمن الداخلي بغضب على القرار، متهمة القضاء الأميركي بـ"تقويض الأمن القومي". إلا أن القاضية التي نظرت لاحقًا في تفاصيل شروط الإفراج أكدت أن السلطات ملزمة بإعادة بطاقة الإقامة الدائمة لخليل، مع تسليم جواز سفره للسلطات، وتقييد تنقلاته داخل عدد محدود من الولايات.

حملة أوسع ضد الأصوات المؤيدة لفلسطين

مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية "كير" أشاد بالحكم، واعتبره "تأكيدًا على أن التعديل الأول من الدستور الأميركي لا يسمح للحكومة بمعاقبة من يعارض السياسات الإسرائيلية". 

لكن قضية محمود خليل ليست الوحيدة. إذ تتّهم إدارة ترامب الجامعات الأميركية بالتقاعس في حماية الطلاب اليهود، وتشنّ حملة واسعة ضد ما تسميه "الأيديولوجيا اليسارية" أو "الاستيقاظ الثقافي" (Wokeism).

وتعليقًا على القضية، اعتبرت أستاذة القانون في كولومبيا، إلورا موخيرجي، أن "هذه سابقة خطيرة"، مؤكدة أن القانون الذي احتُجز بموجبه خليل لم يُستخدم من قبل ضد حامل بطاقة الإقامة الدائمة.

في هذا السياق، اعتُقل زميل محمود خليل في كولومبيا، محسن مهداوي، في نيسان/أبريل، وأُفرج عنه لاحقًا بشروط. كما أمرت محكمة في ولاية ماساتشوستس بالإفراج عن طالبة الدكتوراه التركية في جامعة تافتس، رميساء أوزتورك، بعد اعتقالها بسبب مقال أكاديمي ينتقد موقف الجامعة من الحرب على غزة.

وخلال حفل التخرج في كولومبيا أواخر أيار/مايو، واجهت رئيسة الجامعة صيحات استهجان حادة من الطلاب بسبب موقفها من اعتقال خليل، بينما نال رئيس جامعة هارفارد تحية حارّة بسبب دفاعه العلني عن حرية التعبير.

إدارة الرئيس دونالد ترامب اعتبرت خليل "تهديدًا للأمن القومي"، استنادًا إلى مزاعم أدلى بها وزير الخارجية ماركو روبيو

الجامعات تحت النار، والحريات في مهبّ الريح

قضية خليل لا يمكن قراءتها في سياق فردي فقط، بل تأتي ضمن حملة أوسع تقودها إدارة ترامب ضد الجامعات الأميركية، متهمةً إياها بعدم حماية الطلاب اليهود، في ظل تصاعد الاحتجاجات ضد الحرب الإسرائيلية على غزة.

جامعة كولومبيا، حيث أُلقي القبض على خليل داخل حرمها، واجهت انتقادات من طلابها بسبب عدم الدفاع عنه، في حين احتفى طلاب جامعة هارفارد برئيسها لموقفه الداعم للحريات الأكاديمية في وجه ضغوط البيت الأبيض.

انتصار محدود في معركة ممتدة

تحولت قضية محمود خليل إلى رمز لصراع أوسع داخل الجامعات الأميركية، حيث تتقاطع خطوط التماس بين حرية التعبير، والدعم العلني لفلسطين، والضغوط السياسية من إدارة ترامب المتحالفة مع اليمين المؤيد لإسرائيل.

وبينما يستعيد خليل حريته جزئيًا، تظل الأسئلة الكبرى مطروحة: إلى أي حد تستطيع المؤسسات الأميركية الصمود أمام هذه الحملة؟ وهل ستتمكن الحركة الطلابية من مواصلة تحدّي سياسات الإقصاء وتكميم الأفواه؟

كلمات مفتاحية
سجن مجدو

"سجن مجدو": معاناة مريرة للأسرى الفلسطينيين

سلّط تحقيقٌ لصحيفة هآرتس الضوء على الظروف المزرية للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال، وما يتعرضون له من تعذيب وانتهاكات

ورد كيك

معتقلة بلا جنسية: كيف احتجزت واشنطن شابة فلسطينية خمسة أشهر دون تهمة؟

في مشهد يختزل مآسي عديمي الجنسية ومآلات السياسات القاسية ضد المهاجرين، خرجت الشابة الفلسطينية ورد سكيك من أحد مراكز احتجاز إدارة الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) بعد أربعة أشهر ونصف من المعاناة

عبد المنعم المريمي

الناشط الليبي عبد المنعم المريمي.. من الاختطاف من طرف جهاز الأمن الداخلي إلى الوفاة في مقر النيابة العامة

دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وعدة جهات حقوقية إلى فتح تحقيق شفاف ومستقل في الوفاة الغامضة للناشط السياسي الليبي عبد المنعم المريمي

المهرجان الوطني للفنون الشعبية بالمغرب (وزارة الثقافة المغربية)
فنون

اختتام الدورة الـ 54 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية بالمغرب

حضور ملفت للجمهور المغربي في ختام الدورة 54 للمهرجان الوطني للفنون الشعبية بالمغرب

دونالد ترامب
سياق متصل

صناعة السجون: لماذا تحرص الشركات الخاصة على إبقاء الزنازين ممتلئة؟

تتّجه الولايات المتحدة إلى زيادة عدد السجون وذلك تحت ضغط الأعداد المتزايدة للنزلاء، حيث ارتفعت أعداد المعتقلين بشكل قياسي منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض واستئناف سياسة مكافحة الهجرة

سد النهضة
سياق متصل

الانتهاء رسميًا من بناء "سد النهضة".. أي خيارات متاحة أمام القاهرة؟

في 29 حزيران/يونيو، أعلن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي فشل مفاوضات "سد النهضة"، مؤكدًا تمسّك القاهرة بحصتها من مياه النيل واحتفاظها بحق الدفاع عن مصالحها المائية

الذكاء الاصطناعي
تكنولوجيا

من الغش إلى الفهم.. ميزة جديدة من ChatGPT قد تغيّر طريقة التعلم

ميزة "الدراسة معًا" لا تعتمد على تقديم الإجابات الجاهزة كما هو معتاد في ChatGPT، بل تقوم بطرح الأسئلة على المستخدم وتشجعه على التفكير والإجابة بنفسه