22-أغسطس-2018

يروج نتنياهو إلى نقيض ما قاله ترامب عن "الأغلبية العربية" (Getty)

نقلت القناة الإسرائيلية العاشرة، عن مصدر فرنسي، قبل يومين، أن العاهل الأردني الملك عبد الله، قدم تفاصيل جديدة عن اجتماعه في حزيران/يونيو مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وأشار التقرير إلى أن ترامب قال للعاهل الأردني، إنه إذا تحقق حل الدولة الواحدة "فسيكون اسم رئيس الوزراء القادم لإسرائيل هو محمد".

ليست هذه هي المرة الأولى التي يشيد فيها رئيس الوزراء السابق باراك بآراء ترامب

وجاء هذا التصريح العنصري كرد على تأكيد الملك عبد الله أن العديد من الفلسطينيين لم يعودوا مهتمين بحل الدولتين، ولكن بدولة واحدة متساوية الحقوق للجميع.

ووفقًا للتقرير، فقد نصح العاهل الأردني ترامب بأن الوقت الحالي ليس أفضل وقت لتقديم خطة سلام للمنطقة، حيث إن هناك "الكثير من الصعوبات". فيما أكد ترامب أن إداراته مصرة على الدفع باتجاه تسوية، لأنها إذا لم تفعل، فلن يحدث ذلك أبدًا.

إيهود باراك سعيدًا

وقد أشاد الرئيس السابق لحزب العمل الإسرائيلي، إيهود باراك، بتصريحات الرئيس الأمريكي. ونشر تغريدة بالعبرية على حسابه الشخصي في تويتر، قال فيها: "إن الرئيس ترامب يرى ذلك من هناك. نتنياهو يتعامى عنه من هنا. هذا ما تكون عليه الحال عندما تصبح الرؤية الميسيانية، والرهبة من التحقيقات، واهتمامك الشخصي، أهم من القلق على المواطنين الإسرائيليين. من الأفضل أن يستمع المشبوه من (شارع) بلفور (حيث يقيم نتنياهو في القدس)، إلى الرئيس ترامب وإلى معظم مواطني إسرائيل ويوقف السقوط نحو الهاوية؛ الآن".

اقرأ/ي أيضًا: إسرائيل كدولة لناس كثيرين ليسوا مواطنيها

وليست هذه هي المرة الأولى التي يشيد فيها رئيس الوزراء السابق باراك بآراء ترامب. حيث فعل الشيء نفسه عندما أعلن ترامب عن نيته نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

إن موقف باراك متوافق تمامًا مع  موقف المعارضة الإسرائيلية، وكذلك مع سجل من مواقفه الشخصية. حيث إن "عراب اليسار الإسرائيلي" يروج منذ سنوات للخطر الديموغرافي العربي، ويهدد من أن العرب داخل حدود فلسطين الانتدابية سيصيرون أغلبية. لذلك، فإن الرجل الذي ينتقد الرؤى المسيانية عند نتنياهو، يهدد من أن إسرائيل بسبب الأغلبية العربية، لن تظل دولة يهودية.

يصر باراك وثلة من زملائه الذين تقاعدوا، وللمفارقة، من العمل لسنوات طويلة في الجيش والموساد والشاباك، على تخويف الرأي العام الإسرائيلي من الزيادة في عدد السكان العرب، التي ستنهي قريبًا الأوتوبيا الصهيونية. ولذلك، فإنه لا يتوقف عن الدعوة إلى "الطلاق مع الفلسطينيين" من خلال الانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية، لأن "الأمن أولًا، والسلام لاحقًا".

وكان باراك قد أيد تحركات شبيهة في العام الماضي، عندما دعم حملة "ضباط من أجل أمن إسرائيل"، التي تتكون من مئات المسؤولين المتقاعدين الرفيعين من المؤسسة الأمنية والاستخباراتية، منهم المديران السابقان لجهاز الموساد، زيفي زامير وشبتاي شافيت، ورئيس أركان الجيش السابق دان هالوتز. قامت هذه المجموعة التي عظم باراك من شأنها، في منتصف شهر كانون الثاني/ يناير، بنشر مجموعة من اللافتات في تل أبيب ومدن وتجمعات إسرائيلية أخرى، تحمل صورًا للفلسطينيين الغاضبين، مكتوب عليها بالعربية: "سنصبح الأغلبية قريبًا".

ووفقًا للقائمين على الحملة، فإن الهدف كان إثارة اهتمام الإسرائيليين بحقيقة أنه في السنوات القادمة، سيصبح العرب أغلبية في إجمالي البلاد، وهو ما سيضع حدًا لكون إسرائيل دولة يهودية. وعند الاتصال على الأرقام الموضوعة على اللافتات، فإن المتصل يسمع صوت الجنرال السابق المعروف، وقائد الحملة، آرنون ريشيف يقول: "هل تضايقك اللافتات؟ وأنا أيضًا. إنها فقط مجرد إعلانات وستختفي قريبًا، لكن ما لن يختفي أبدًا هم ملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في يهودا والسامرة (الضفة الغربية). إنهم يريدون أن يكونوا الأغلبية هنا، وإذا لم نتخل عنهم، فسيكونون جزءًا من دولة إسرائيل، التي ستكون أقل يهودية وأقل أمانًا".

وعلى أية حال، فقد كان باراك دائمًا مستعدًا لاستغلال أي خطاب عنصري ضد الفلسطينيين، من أجل إدانة نتنياهو، وهذا ما حدث بالفعل مع تصريحات ترامب المثيرة للجدل.

هل تزعج تصريحات ترامب نتنياهو؟

تداولت بعض المواقع والصحف خبر تغريدة باراك، بشيء من المفارقة، إذ إن يمين الليكود في إسرائيل لم يتلهف لتصريحات ترامب، كما فعل باراك. مع قليل من التمحيص، فإنه ليس من المفاجئ، أن تصريحات ترامب ستسعد باراك، بالإضافة إلى أنه ليس من المفاجئ أيضًا أن التصريحات نفسها ستزعج نتنياهو. على الرغم أنه من المتوقع والبديهي، أن يقف أي يمين مع التهديدات الديموغرافية، كما يفعل اليمين الأمريكي والأوروبي.

اقرأ/ي أيضًا: أكثر من مجرد عد.. كيف يصمم الإحصاء المجتمعات البشرية؟

تستغل المعارضة الإسرائيلية، الخطاب التقليدي عن "التهديد الديموغرافي" للعرب، من أجل الدفع إلى الانسحاب من الضفة الغربية، والتفكير في حل الدولتين. أمام ذلك، فإن نتنياهو يروج للفكرة التي نادى بها لسنين، أي أن أمن إسرائيل ليس بحاجة للانسحاب، وأن العرب لن يصبحوا أغلبية بين البحر والنهر. لذلك، فإنه معجب بالدراسات التي نشرها بعض الديموغرافيين "غير الديموغرافيين" الإسرائيليين، أي أولئك الذين صاروا متخصصين في شأن التقديرات المستقبلية لعدد السكان، من دون أن يدرسو علم السكان، على غرار يورام إيتنغر. يقول هؤلاء إن العرب لن يصبحوا أغلبية أبدًا، وإن أرقام مركز الإحصاء الفلسطيني ملفقة.

ليس من المفاجئ، أن تصريحات ترامب ستسعد باراك، بالإضافة إلى أنه ليس من المفاجئ أيضًا أن التصريحات نفسها ستزعج نتنياهو

لقد أزعج ترامب نتنياهو من دون قصد ربما. في عام 2016، قال جون كيري في الخطاب الأخير الذي ألقاه كوزير للخارجية في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، إن تل أبيب يجب أن تستغل الفرصة، قبل أن يصبح العرب أغلبية. معتبرًا أن إسرائيل بعد وقت قصير ستضطر إما للتخلي عن يهوديتها، بعد أن تفوز الأغلبية العربية بالسلطة في البلاد، أو تخسر "ديمقراطيتها" من خلال رفض "رأي الأغلبية" أو عدم اعتماد هذا الرأي.

أثار خطاب كيري سخطًا عامًا في أوساط اليمين الإسرائيلي، وخرج كثيرون منهم في الصحف المحلية والأمريكية لاتهام كيري بأنه منحاز للفلسطينيين، وأنه لا يفهم الأوضاع جيدًا، وبطبيعة الحال، لنفي "أسطورة" الخطر الديموغرافي.

خفف الأمل بفترة ترامب الموعودة السخط على كيري. وبينما قال ترامب الشيء نفسه بعد ما يصل إلى سنتين، فإن نتنياهو سيكون أقل سخطًا، أو ربما أقل قدرة على التعبير عن هذا السخط أمام الحليف الأهم.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المركز العربي يضع قرار ترامب بشأن القدس تحت مجهر التشريح الأكاديمي

نتنياهو زار القاهرة سرًا.. وشارك السيسي مائدة رمضان!