يبدو أن "العظماء يموتون في أفريل"، وفق تعبير عنوان لرواية الكاتبة التونسية أميرة غنيم الأخيرة، التي تناولت فيها سيرة الزعيم الحبيب بورقيبة (3 آب/أغسطس 1903 - 6 نيسان/أبريل 2000) من خلال ذكريات رئيسٍ معزولٍ في نهاية العمر.
ومن نهاية قصة رئيس إلى آخر سطر من صفحة شاعر وصف بـ"الصعلوك"، كنايةً عن الشعراء الصعاليك ما قبل الإسلام الذين عاشوا وأطلقوا حركتهم في الجزيرة العربية، وعُرفوا بعدم انتمائهم إلى سلطة قبائلهم وواجباتها، فانشقوا عنها أو طُردوا منها؛ يصادف أن يقترن أفريل بمرور تسعة عشر عامًا على رحيل الشاعر السوري محمد الماغوط (12 كانون الأول/ديسمبر 1934- 3 نيسان/أبريل 2006)، الذي غادرنا قبل أن يرى قمر سوريا يخلع حجاب حزنه لأول مرة في الليلة التي سقط فيها نظام الأسد، ليرفع الوطن كأسه أخيرًا وتتحطم ملايين الجدران من الخوف والاستعباد.
هو الذي كان يردد إحباطه بينما يدخّن بشراهة مجنونة، ويشرب عَرق الخوف والجوع متكئًا على ضجره في بيته في "السلمية"، وخلف القضبان في سجن "المزة"، أو هاربًا إلى لبنان سيرًا على الأقدام. يقول: "ماذا يفعل هؤلاء العرب من المحيط إلى الخليج؟ لقد أعطونا الساعات وأخذوا الزمن، أعطونا الأحذية وأخذوا الطرقات، أعطونا البرلمانات وأخذوا الحرية، أعطونا العطر والخواتم وأخذوا الحب، أعطونا الأراجيح وأخذوا الأعياد، أعطونا الحليب المجفف وأخذوا الطفولة، أعطونا السماد الكيماوي وأخذوا الربيع، أعطونا الحراس والأقفال وأخذوا الأمان، أعطونا الثوار وأخذوا الثورة".
وتُعدّ تجربة الماغوط واحدة من أبرز التجارب الأدبية التي جسدت معاناة الوطن العربي عمومًا، وسوريا على نحو خاص، في فترة مليئة بالتوترات السياسية والاجتماعية. في أشعاره، نقل الماغوط آلام شعبه وأحلامه المكسورة، معبرًا عن واقع مليء بالظلم والقمع. ورغم أن الفرح ليس مهنته، كان حالمًا بمصير أفضل من جحيم حاضره المكبل بالقتل والخوف والدماء. كان شعره بمثابة صرخة تعبيرية عن حالة شعبه، متجاوزًا معاناته مع الفقر والجوع، معتنقًا قضايا الأمة العربية التي تتوق إلى العدل والحرية أساسًا للعمران وتحقيقًا لكرامة الإنسان المسلوبة. ولطالما كانت قضية فلسطين، جرحنا الأبدي، أحد الهموم الرئيسية للماغوط، لكنه كان يرى كيف أن العرب، وفي مقدمتهم السوريون، أصبحوا أسرى الهزائم المتتالية.
كان السجن، رغم قسوته، مدرسة تعلّم فيها الماغوط الكثير. فقد تعلم أن السوط والحذاء العسكري ليسا مجرد وسائل للتعذيب، بل دروس الواقع القاسية
كان يشير إلى أن القضية الفلسطينية تحولت إلى قضية هامشية في حياة العرب الذين انشغلوا بالتوافه، بينما كانت أراضيهم تُغتصب: "أمة بكاملها تحل الكلمات المتقاطعة وتُتابع المباريات الرياضية أو تمثيلية السهرة، بينما البنادق الإسرائيلية مصوبة إلى جبينها". يقول: "فأعطني طفولتي/ وضحكاتي القديمة على شجرةِ الكرز".
شهد الشاعر والكاتب السوري محمد الماغوط أولى سنواته طفولةً ممزقة بين الفقر والشقاء، طفلًا ضجرًا وغاضبًا من جوعه الدائم والمتوحش. كان الابن البكر لأسرة ريفية تقليدية في قرية السلمية بمحافظة حماة السورية. باع والده دكانه لشراء حصان، لم يكن يدرك أن هذا القرار سيقوده وأسرته إلى هوة الفقر. سرعان ما نفق الحصان بسبب غلاء العلف، ليجد الأب نفسه مضطرًا إلى العمل أجيرًا في الحقول، دون أن يتمكن من تأمين ما يكفي من القمح أو الشعير لإعالة أسرته. وفي خضم هذا التدهور، كانت والدته تعود من الحقول محمّلة بحبات البطاطا، التي أصبحت الوجبة الوحيدة على مائدتهم، لتسند جوعهم وتذكرهم بمذاق الفقر القاسي.
لقد كانت تلك السنوات هي أولى تجارب الماغوط مع مرارة الحياة، تجربة تُثقل الروح وتُدمي القلب. وعليه، كان لا بد أن تظهر معاناته في شخصيته منذ سن مبكرة. ففي التاسعة من عمره، كان قد وقع في فخ التدخين، وتلقّى عقابًا قاسيًا من والده، الذي كان يعتبر هذه العادة عارًا. لم يكن الماغوط ليصمت، إذ شعر بجفاء من والده الذي كان يضربه علنًا ويشتمه في السوق. رغم ذلك، لم يستطع الماغوط أن يكبح شغفه بأن يكون أكثر من مجرد طفل عادي في قريته.
تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة قريته، حيث تميز بسرعة حفظه للدرس وجمال خطه، وكان شغوفًا بالرسم، لكن حبه للكتابة دفعه إلى التخلي عن حلمه في الفن. وفي سن الرابعة عشرة، اضطر للالتحاق بثانوية دمشق، حيث كانت المنحة الدراسية تؤمن له الطعام والمبيت. ورغم تفوقه في عامه الأول، إلا أن رسائل التذمر التي بعث بها إلى والده بسبب قلة النفقات الدراسية كانت سببًا في فضحه أمام زملائه عندما علّق المدير رسالته على لوحة الإعلانات، ما دفعه لترك المدرسة قبل نهاية العام، ليظل هذا الحدث محفورًا في ذاكرته بقهرٍ لا يُنسى.
من فضل مرحلة الدراسة أنه تعرّف على الشاعر سليمان عواد، الذي فتح حواسه على الشعر الحديث، لا سيما مؤلفات الشعراء الفرنسيين: أرثر رامبو، شارل بودلير، والكاتب التشيكي كافكا، كما كان مطلعًا على الشعر القديم مثل أشعار المتنبي وأبي نواس.
غرفة بملايين الجدران.. التجربة الحزبية وسجن المزة
في قصيدة بعنوان "رسالة إلى القرية"، من ديوان "الفرح ليس مهنتي"، يقول الماغوط: "أنام.. ولا شيء غير جلدي على الفراش.. جمجمتي في السجون قدماي في الأزقة.. يداي في الأعشاش.. كسمكة سانتياغو الضخمة.. لم يبق مني غير الأضلاع وتجاويف العيون".
عقب عودته إلى السلمية، انضم الماغوط إلى "الحزب السوري القومي الاجتماعي" دون أن يقرأ مبادئه، إذ كانت في تلك الفترة منافسة بين حزبيْن كبيرين: "الحزب السوري القومي الاجتماعي"، و"حزب البعث". يذكر الماغوط أن "البعث" كان في حي بعيد، بينما كان القومي في الجوار، وقربه من بيته كان قد أثّر على اختياره، خاصةً أنه كان يمتلك مدفأة جذبت قلبه وجسده المنهك في أحد الأيام الباردة، فدخل وانضم دون تردد. لكن انتماءه لم يدم طويلًا، فقد انسحب من الحزب في الستينيات بعد أن تعرض للسجن والملاحقة بسبب عضويته فيه.
خلال هذه الفترة، بدأت براعته الشعرية تلوح في الأفق، فكانت أولى قصائده المنشورة بعنوان "غادة يافا" التي ظهرت في مجلة "الآداب" البيروتية. وبعد ذلك، أتم خدمته العسكرية. وهناك، في أجواء الحياة العسكرية، كتب أولى قصائده النثرية، مثل قصيدته "لاجئة بين الرمال" التي نُشرت في مجلة "الجندي" في الأول من أيار/مايو 1951، المجلة التي كانت تضم أسماء لامعة مثل أدونيس وخالدة سعيد وسليمان عواد.
بدأت رحلته الأدبية الحقيقية بعد حادثة اغتيال عدنان المالكي في 22 نيسان/أبريل 1955. حينها، تم اتهام الحزب السوري القومي الاجتماعي باغتياله، فتعرض أعضاؤه للملاحقة والاعتقال، وكان الماغوط واحدًا منهم. في سجن المزة، خلف القضبان، نشأت بدايات رحلته الأدبية الحقيقية، حيث التقى بالشاعر علي أحمد سعيد "أدونيس " الذي كان يقبع في الزنزانة المجاورة له.
لقد أدخل الماغوط أسلوبًا جديدًا في الكتابة، متنقلًا بين الإيقاع الداخلي للكلمات والصور الشعرية، ليعكس بهما حالة الفوضى والتمرد على الواقع
وفي فترة الوحدة بين سوريا ومصر، أصبح الماغوط مطلوبًا في دمشق، فاختار الهروب إلى بيروت في أواخر الخمسينيات، ملتحقًا بـ"الجماعة الأدبية" في لبنان. دخل البلاد بطريقة غير شرعية، سائرًا على قدميه. وبعد ذلك، عاد إلى دمشق بعد أن أصبح اسمًا كبيرًا، وصدرت مجموعته الأولى "حزن في ضوء القمر" عام 1959 عن "دار مجلة شعر" في بيروت.
"الخوف حفر فيّ مثل الجرافة داخل أعماقي بقلبي بروحي بعيني بأذني/ فلا أرجف من البرد ولا من الجوع بل أرجف من الخوف". (في حوار لمحمد الماغوط مع قناة الجزيرة )
في الزنزانة، واجه الرعب والقسوة التي كانت تمزق روحه. يتذكر الماغوط بكلمات مريرة تلك اللحظة التي هزته بعمق: "حذاء الشرطي لا أنساه". كان الشرطي يقف أمامه، عرقه يتصبب أثناء التعذيب، لكنه كان يجهل تمامًا ما هي التهمة التي استحق بها هذا العذاب. كان يصرخ ويبكي، وتلك الأشهر في السجن كانت كافية ليشعر أن جزءًا منه قد تحطم إلى الأبد.
كان السجن، رغم قسوته، مدرسة تعلّم فيها الماغوط الكثير. فقد تعلم أن السوط والحذاء العسكري ليسا مجرد وسائل للتعذيب، بل دروس الواقع القاسية. في تلك الزنازين الضيقة، بدأ يكتشف الوجه القاتم للحياة، وصار يعرف الخوف كما لم يعرفه من قبل. كانت تلك التجربة القاسية تنزع عنه الأمان والطمأنينة، وتزرع فيه قلقًا مستمرًا لم يستطع أن يتخلص منه. كان البكاء يملأ ليل السجن، وصرخاته كانت تحمل ألمًا ظل في قلبه حتى آخر أيامه وظلت حاضرة في كل كلمة يكتبها، وفي كل صورة ينسجها من فكر ووجع.
كانت أشهر السجن كافية لتغير حياته إلى الأبد، لتجعله يكتب ويبدع ويخلق من وراء القضبان كلمات تتنفس الألم والحرية. وسط مستنقع من القهر والعبودية، خفق "العصفور الأحدب"، بجناحين من عرق ودموع، لينشد رائعته الشعرية "قصيدة القتل"، والتي يستهلها بالمقطع التالي:
"ضع قدمكَ الحجريةَ على قلبي يا سيدي
الجريمةُ تضرب باب القفص
والخوفُ يصدحُ كالكروان
ها هي عربةُ الطاغية تدفعها الرياح
وها نحن نتقدم كالسيف الذي يخترقُ الجمجمة
أيها الجرادُ المتناسلُ على رخام الكنيسة
أيتها السهولُ المنحدرة كمؤخرة الفرس
المأساةُ تنحني كالراهبة
والصولجان المذهَّبُ ينكسر بين الأفخاذ".
"أنا لم أذهب إلى مجلة (شعر) بل مجلة (شعر) جاءت إلي"
تجربة الشاعر في بيروت
في أحد حوارته حول تجربته في بيروت، قال الماغوط "عندما هاجرت من دمشق إلى بيروت، في فترة الخمسينيات من القرن العشرين، أنا لم أذهب إلى مجلة "شعر" بل مجلة "شعر" جاءت إلي، لا لأسباب ثقافية أو مذهبية، وإنما لسبب بسيط جدًا، هو أنني لم أكن أملك أجرة التاكسي أو السرفيس لأذهب إلى "رأس بيروت"، حيث مقر المجلة".
وأضاف: "عندما انحلت مشكلة المواصلات هذه، وبدأت أكتب أو أقرأ ما أكتب، لم يكن يهمني أو يعنيني اللغة التي أكتب، أو الأسلوب الذي ألتزم به، أو المجلة التي سأنشر على صفحاتها، أو القارئ أو الناقد، كنت متألمًا ومطاردًا، ولجأت إلى الشعر، كما يلجأ الإنسان البدائي إلى جذع شجرة هربًا من الوحوش التي تطارده، بصرف النظر عن نوع الشجرة أو فصيلتها".
وأكمل: "ما كان يهمني هو أن أعقد مؤتمرًا لكل الجياع، وكل مشردي ومضطهدي الوطن العربي وألقي عليهم قصيدة. ولكن لأن الجوع لم ينته وكذلك الإرهاب وكذلك التشرد، تابعت الكتابة، وأعتقد أنني سأتابعها حتى في قبري دون جدوى".
يرى الفنان الهولندي بيت موندريان الفنّ بوصفه تعويضًا عادلًا عن عدم التوازن في الواقع. وربما قدر الماغوط أن يكون شاعرًا وفنانًا. كان ذلك هو الثمن الذي دفعه من لحمه وعظامه رغم أنه لم يخطط لكل ذلك، إذ كان يقول "ولدت في السلمية وعشت فيها مراهقتي. كان حلمي أن أتزوّج من ابنة عمّي أو خالي وأنجب الأطفال. هذا كان حلمي أيام الفتوّة، كنت أتمنى أن أظل ذاك الفتى الأميّ الذي يرعى الغنم ويعيش في القرية حياة النوَر والغجر".
لكن قدره شاء غير ذلك، فتزوج من الشاعرة سنيّة صالح . في بيروت، انضم إلى جماعة "مجلة شعر"، وهناك التقى بالشاعر يوسف الخال، الذي احتضنه في المجلة بعد أن قدّمه أدونيس إلى هذه المجموعة، ليبدأ فصلًا جديدًا من حياته الأدبية التي ستصنع له مكانة خاصة بين كبار الأدباء والشعراء.
بقدر ما كان صوته قويًا في تعبيره عن قهره، بقدر ما كان يحمل في طياته نداءً عميقًا للمساواة والكرامة الإنسانية
كما نشأت صداقة حميمة بينه وبين الشاعر بدر شاكر السياب، الذي كان رفيقًا للتسكع على أرصفة المدينة. كانت بيروت أيضًا نقطة اللقاء الأولى بين الماغوط والشاعرة سنية صالح، وذلك في منزل أدونيس. وقد نشأ هذا التعارف بعد تنافسهما على جائزة "النهار" لأحسن قصيدة نثر، والتي كانت لحظة فارقة في حياة الماغوط الأدبية.
عندما عاد الماغوط إلى دمشق، كان قد أصبح اسمًا لامعًا في عالم الأدب، حيث صدرت مجموعته الشعرية الأولى "حزن في ضوء القمر" عام 1959، تلتها مجموعته الثانية "غرفة بملايين الجدران" في 1960، وكلاهما عن دار مجلة "شعر"، لتتواصل في السنوات اللاحقة مجموعة من الإصدارات والأعمال الفنية في المسرح والتلفزيون.
"الفرح ليس مهنتي": رحلة الماغوط الأدبية من القمع إلى الحرية والحب
كانت حياة الشاعر السوري محمد الماغوط مليئة بالآلام والمعاناة، فقد تنقل بين السجون والمنافي، وواجه قسوة الحياة بشجاعةٍ نادرة، جاعلًا من معاناته وقودًا لإبداعه الشعري والفني. في كل قصيدةٍ من قصائده، كانت صرخة تعبر عن الجوع، والخوف، والقهر، ولكنها كانت في الوقت ذاته دعوة للحرية، والحب، والعدالة التي تليق بالبشر.
ظل خائفًا من السجون ومن الأنظمة القمعية التي كانت تكتم أنفاس الشعر والحياة نفسها. كان الخوف جزءًا من كينونته. هذا الشعور العميق بالقلق والتهديد، الذي يرافقه منذ أيامه في السجون وحتى آخر لحظاته، جعل شعره ينطق بالمرارة ويعكس الوجع الداخلي للشاعر الذي يظل عالقًا بين القمع والتوق إلى الحرية. ورغم ذلك، لم يتراجع عن خطه الأدبي، بل كان خوفه دافعًا ليكتب بقوة أكبر، متمردًا على جدران السجون النفسية والجسدية التي فرضها عليه الواقع العربي.
مع كل هذه المعاناة، لا يمكننا تجاهل دور الماغوط كأحد رواد قصيدة النثر العربية. كان أول من جعل من قصيدة النثر وسيلة للتعبير عن المعاناة الإنسانية والحلم بالحرية، بل كان الرائد في تحطيم الأسس التقليدية للشعر العربي. لقد أدخل أسلوبًا جديدًا في الكتابة، متنقلًا بين الإيقاع الداخلي للكلمات والصور الشعرية، ليعكس بهما حالة الفوضى والتمرد على الواقع. لا شك في أن قصيدته "الفرح ليس مهنتي" وغيرها من أعماله قد وضعت أسسًا جديدة لفن كان قريبًا من فقدان ملامحه في ظل الهيمنة الشعرية التقليدي، متجاوزًا ألمه الشخصي ليحمل هموم أمتِه العربية التي غرقَت في بحر من الهزائم والتراخي.
بقدر ما كان صوته قويًا في تعبيره عن قهره، بقدر ما كان يحمل في طياته نداءً عميقًا للمساواة والكرامة الإنسانية. ورغم أن الفرح لم يكن حليفه، ظل يتطلع إلى لحظة يحقق فيها حلم الحرية والحب في وطنه وفي قلبه.
ترك لنا إرثًا أدبيًا يُحتفى به، ليس فقط كشاعرً مبدعً، بل لأنه كان صوتًا للحرية والحب. قال شقيقه عيسى الماغوط في كتابه "محمد الماغوط: رسائل الجوع والفقر": بعد أكثر من 70 عامًا من الجوع والخوف لا عطايا التكريمات والجوائز أشبعته ولا حنو أهل الأمن عليه جعله آمنًا، وكان يهرع إلى إيداع نقوده باسم ابنتيه خوفًا عليهما من الجوع.. كل ما حصل عليه فيما بعد العشرين من عمره لم يرمم ما جرى تمزيقه وإتلافه في سنوات ما قبل العشرين".
توفي محمد الماغوط ظهيرة يوم الإثنين، الثالث من نيسان/أبريل 2006 في منزله في دمشق، عن عمر ناهز 72 عامًا، وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض، وكان ذلك في اليوم المقرر لتكريمه من وزارة الثقافة السورية.