محاكمة مؤيدي "فلسطين أكشن".. انتهاك الحقوق الأساسية بموجب قوانين مكافحة الإرهاب

تشن السلطات البريطانية حملة لا هوادة فيها ضد المؤيدين لحركة "فلسطين أكشن" أو "التحرك من أجل فلسطين"، إذ أوقفت في غضون أيام قليلة أكثر من 2000 شخص بتهمة إظهار الدعم للحركة منذ حظرها.

وكانت الحكومة البريطانية قد صنفت "فلسطين أكشن" كمنظمة إرهابية في تموز/يوليو الماضي، وقد واجهت تلك الخطوة إدانات حقوقية داخلية وخارجية.

وفي أحدث فصول المتابعة القضائية، مثّل عشرات النشطاء المؤيدين لفلسطين، أمس الأربعاء، أمام محكمة وستمنستر في العاصمة البريطانية لندن، وذلك بموجب قوانين مكافحة الإرهاب.

أنتوني هارفي: "الاحتجاج على التحريض على الإبادة الجماعية ليس إرهابًا، بل هو إنسانية"

وقد غصّت قاعة المحكمة وأروقتها بالنشطاء المتهمين وأنصارهم الذين حضروا معهم للاستماع إلى جلسات الاتهام، والتي بدأت أولى جلساتها في شهر أيلول/سبتمبر الماضي بمثول ثلاثة أشخاص. أما الجلسة الأخيرة فقد مثل فيها نحو 30 ناشطًا تتراوح أعمارهم بين الثلاثين والستين، وينتمون إلى قطاعات مهنية مختلفة، من بينهم مهندس متقاعد وطباخ لا يزال يمارس عمله.

وتم اعتقال هؤلاء النشطاء خلال الاحتجاجات التي نظّمت في تموز/يوليو الماضي، بالتزامن مع دخول قرار حظر منظمة "فلسطين أكشن" حيز التنفيذ. وتشير قائمة الاتهامات إلى أن الموقوفين حملوا لافتات أو ارتدوا قمصانًا عليها شعار "أنا أدعم فلسطين أكشن".

وبحسب القاضي في محكمة وستمنستر، ستجرى محاكمة النشطاء في نيسان/أبريل من العام المقبل، ويواجهون احتمال الحكم بعقوبات قد تشمل السجن.

وردًا على التهم الموجهة إليهم، قال المهندس المتقاعد أنتوني هارفي للقاضي في قاعة المحكمة: "الاحتجاج على التحريض على الإبادة الجماعية ليس إرهابًا، بل هو إنسانية".

من جانبها، قالت ترودي ورنر، أخصائية اجتماعية متقاعدة جرى توقيفها في احتجاجات آب/أغسطس ومن المقرر مثولها أمام المحكمة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، إن عمليات التوقيف والمحاكمات تمثل "انتهاكًا للحقوق الأساسية ورد فعل مبالغًا فيه من طرف السلطات البريطانية".

وشهدت بريطانيا خروج مظاهرات عديدة مؤيدة للفلسطينيين ومنددة بحرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.

واختارت حركة "فلسطين أكشن" نموذجًا احتجاجيًا خاصًا بها، إذ عمدت إلى الاحتجاج أمام الشركات والمؤسسات المرتبطة بإسرائيل أو التي توفر لها دعمًا، حيث تقوم بإغلاق أبوابها وكتابة شعارات على جدرانها باللون الأحمر.

وعلى إثر ذلك، اتهمت الحكومة البريطانية الحركة بتنفيذ "أعمال شغب وتخريب ممتلكات تابعة لسلاح الجو البريطاني". الشهر الماضي، أصدرت شرطة لندن تحذيرات بأنها "لن تتردد في اعتقال أي متظاهر يعرب صراحة عن دعمه لحركة فلسطين أكشن"، مشيرة إلى توقيف 890 شخصًا، من بينهم 857 بسبب دعم الحركة و33 آخرين بسبب مخالفات، بينهم 17 متهمين بالعنف ضد الشرطة، وفق ادعاءات الشرطة.

وتضاعف العدد عقب احتجاجات السبت الماضي في لندن، التي رفع فيها المحتجون لافتات تدعم حركة "فلسطين أكشن".

وقبل تلك المظاهرة بيومين، طلبت الشرطة والحكومة من المتظاهرين إلغاء احتجاجهم المزمع تنظيمه، إثر هجوم مانشستر يوم الخميس بالقرب من كنيس يهودي، والذي أسفر عن مقتل شخصين بالإضافة إلى المهاجم. لكن النشطاء رفضوا مطالب السلطات، معتبرين أن نشاطهم الاحتجاجي لا علاقة له بالهجوم الذي حدث في مانشستر.

تنديدات حقوقية

بات النهج البريطاني في التعامل مع الحراك الاحتجاجي المؤيد للفلسطينيين محلّ تنديد، واعتُبر مثالًا على الانتقائية والانحياز الواضح لإسرائيل أثناء ارتكابها حرب إبادة جماعية.

وفي هذا السياق، نددت منظمات حقوقية وأممية بقرار السلطات البريطانية حظر حركة "فلسطين أكشن"، حيث اعتبرت منظمة العفو الدولية ذلك ضربة لحرية التعبير. وأضافت المنظمة في بيان على منصة إكس: "عندما تعتقل الحكومة أشخاصًا بموجب قانون مكافحة الإرهاب بسبب احتجاجهم السلمي، فهذا يعني أن هناك أمرًا لا يسير على ما يرام هنا في المملكة المتحدة".

كما عبر "مجلس أوروبا" عن قلقه إزاء "الأعداد الكبيرة" للاعتقالات. وقال مفوض حقوق الإنسان في المجلس، مايكل أوفلاهيرتي، في رسالة موجهة لوزيرة الداخلية البريطانية، شبانة محمود، إن الحكومة "بحاجة إلى إجراء مراجعة شاملة لإجراءات ضبطها لمثل هذه الاحتجاجات" التي تؤيد قضايا التحرر وحق الشعوب في المقاومة والاستقلال.

ويرى أوفلاهيرتي في رسالته أن "قوانين مكافحة الإرهاب يجب ألا تفرض قيودًا غير ضرورية على الحقوق الأساسية".