26-يناير-2020

يتابع القضاء قضية سرقة ساعات من القصر الملكي في المغرب (Pinterest)

لطالما كانت تفاصيل الحياة التي تدور وراء الأسوار العالية للقصر الملكي، محط فضول المغاربة، فدار "المخزن"، كما يُطلَق على مسكن الملك، قلعة حصينة مليئة بالأسرار.

تحاكم عاملة نظافة بالقصر الملكي و14 متهمًا آخرين في قضية سرقة 36 ساعة باهظة الثمن من داخل القصر الملكي المغربي بمراكش

ولأن قصص الملك والقصر تبقى مشوقة بالنسبة للناس، تتبع المغاربة منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2019، حكاية القبض على عاملة نظافة بالقصر الملكي، وُجهت لها، رفقة 14 شخصًا آخرين، تهمة "السرقة الموصوفة وتشكيل عصابة إجرامية".

اقرأ/ي أيضًا: العفو الملكي في المغرب.. وسيلة لنشر التسامح أم أداة للضبط الاجتماعي؟

محاكمة عاملة النظافة، أعادت للواجهة حكايات أشهر السرقات التي تعرض لها ملوك المغرب، خاصة الملك الحسن الثاني، الذي تعرض طيلة فترة حكمه لعدة سرقات من عاملين لديه ومقربين منه.

سرقة ساعات محمد السادس

نهاية الأسبوع المنصرم، أصدرت غرفة الجنايات في محكمة الرباط، أحكامًا تراوحت ما بين 12 و15 سنة، على 15 متهمًا في قضية السرقة الموصوفة لـ36 ساعة باهظة الثمن من داخل القصر الملكي بمراكش.

وتعود تفاصيل الحكاية إلى سنة 2013، عندما بدأت المتهمة الرئيسية، والتي كانت تشتغل عاملة نظافة في القصر الملكي، بسرقة ساعات ومجوهرات من القصر، ثم بيعها لمحلات الذهب في مدن مختلفة، قصد التمويه، وذلك مقابل مبالغ مالية تراوحت ما بين 50 ألف درهم (خمسة آلاف دولار) و170 ألف درهم (17 ألف دولار)، وهي القيمة التي لا تساوي الثمن الحقيقي للساعات.

سرقة ساعات ملك المغرب
يعرف عن العاهل المغربي محمد السادس شغفه بالساعات باهظة الثمن

ويعرف عن العاهل المغرب، محمد السادس، شغفه بالساعات باهظة الثمن، ففي سنة 2018 ظهر الملك مرتديًا ساعة يد من ماركة  "باتيك فيليب" السويسرية، يصل ثمنها إلى حوالي مليون دولار.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها الملك للسرقة، فطيلة العشرية الأولى من القرن الجاري، كان القصر الملكي محط أنظار لصوص يتسللون إلى مخابئ المجوهرات والمقتنيات الثمينة قصد سرقتها في غفلة من الحراس.

ففي سنة 2004 تفجرت قضية الكولونيل مصطفى الهلالي الذي عُرض على القضاء بتهمة اختلاس أموال من القصر الملكي بمدينة أكادير. بعدها بسنة تسلل عدد من الأشخاص إلى مرآب القصر الملكي في الدار البيضاء، وقاموا بسرقة سيارة الملك. وفي نفس السنة سُرقت من إقامة الملك في مراكش معدات وأدوات طبخ غالية الثمن.

وفي سنة 2005 أيضًا، قررت الكتابة العامة للملك عدم متابعة عمال بالقصر استولوا على 350 كأس من البلار، وهو نوع من الكؤوس تشرب منه الأسرة الملكية، بسبب خاصية تكسره إذا أفرغت فيه أي مادة سامة.   

وبعد هذه السنة، قرر القصر الملكي متابعة كل من تجرأ على أخذ أحد مملوكات القصر دون إذن، واعتبرها القانون سرقة موصوفة، ففي سنة 2006 تفجر "ملف تمارة"، والذي توبع فيه أربعة الأشخاص بتهمة سرقة مجوهرات ولوحات وتحف فنية من القصر.

"الأمير".. سارق الحسن الثاني

سرقات اكتشفت بالصدفة، وأخرى كانت نتيجة تقارير أعدتها مصالح المخابرات. ولعل أبرز السرقات التي وقعت في عهد الحسن الثاني، تلك التي كان بطلها هشام منداري، الرجل الذي ادعى أنه نجل الحسن الثاني، وحظي بمكانة خاصة داخل القصر، قبل أن يُغتال في فرنسا.

هشام منداري
هشام منداري الذي ادعى أنه نجل الحسن الثاني

ترعرع منداري داخل القصر الملكي وكان يعرف تفاصيل الإقامة الملكية، فاستغل الثقة التي حظي بها من طرف الحسن الثاني، ودخل غرفته الخاصة واستولى على خاتم الملك الخاص، وساعات فاخرة، بالإضافة إلى مجوهرات ودفتر شيكات، ثم هرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

كانت حياة الملك الراحل الحسن الثاني مثيرة، في السياسة كما في حياته الخاصة، فقد كان يتعامل بطرافة مع عديد من زلات عمال القصر، ولعل أشهر مواقفه عفوه عن عامل بالقصر ضبط متلبسًا بالسرقة.

وفي ثمانينات القرن الماضي، ضبط عامل يشتغل في القصر وهو يبيع أوانٍ نُحاسية في سوق شعبي وسط العاصمة الرباط، وبعد التحقيق تأكد أن هذه الأواني مأخوذة من مخزن في القصر.

ألقي القبض على العامل ووضع أمام الحسن الثاني، فقال له العامل ردًا على سؤال "لماذا سرقت؟": "إذا سرقت ما سرقتش الغريب، ولكن سرقت سيدنا"، أي "لم أسرق غريبًا، لقد سرقت سيدي". وكان رد الرجل كافيًا ليحصل على العفو من الملك.

سلطان "باليما"

كان أنيقًا، حسن المظهر، يرتدي جلبابًا مخزنيًا ببُلغة نحاسية لامعة، ويستعمل لغة أهل القصر الملكي، مستقرًا في مكانه الدائم بمقهى "باليما" الشهير أمام البرلمان المغربي وسط العاصمة الرباط.

وإذا كانت المسروقات التي أخذت من قصور الملك عبارة عن أغراض ثمينة لكنها صغيرة الحجم، فإن "سلطان باليما" اختار طريقة أخرى للسطو على ضحاياه، وعلى رأسهم العائلة الملكية.

الحسن الثاني
كان الحسن الثاني أكثر ملوك المغرب تعرضًا للسرقة

كان سلطان "باليما" يوهم ضحاياه بأنه مقرب من القصر الملكي، وتربطه علاقة خاصة بشقيق الملك، الأمير الراحل عبد الله،  فكان يبيع مقتنيات تعود ملكيتها للأسرة الملكية.

قضية سلطان "باليما" وعدد آخر من المتهمين بـ"التطاول" على ممتلكات القصر، خلقت تباينًا في الآراء، ففئة رأتها نوع من نهب المال العام، وأخرى اعتبرتها تطاولًا على ممتلكات ملكية خاصة.

وفي حديث لـ"الترا صوت"، قال عبد الإله بن عبد الله بن سلام، عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إن حكايات سرقة قصور الملوك كانت على مر تاريخ المغرب، لكنها لم تكن تخرج للعموم، أما اليوم "فهناك إرادة لكشفها للرأي العام".

وأضاف المتحدث أن القصور الملكية تعتبر مكان إقامة وظيفية يسكنها الملك، في حين أنها تبقى من ممتلكات الدولة، كما أن القصور الملكية تُمول من ميزانية القصر التي يصادق عليها البرلمان المغربي، لذلك اختار القائمون على شؤون القصر عرض أحداث السرقة على الرأي العام.

من جهته اعتبر الصحفي مصطفى الفن، في تدوينة على صفحته بفيسبوك، أن الأحكام الصادرة على المتهمين في قضية سرقة القصر الملكي بمراكش، "ثقيلة"، مضيفًا أن "الأمل معقود على مرحلة الاستئناف لتخفيف الحكم".

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

ملك المغرب الذي فهم القمم العربية "صح"

3 مرات منع فيها المغاربة من الاحتفال بعيد الأضحى بقرار ملكيّ!