15-أبريل-2019

قائمة من فتاة مصرية (فيسبوك)

على مدار التاريخ وحتى زمن ليس ببعيد، لا يخفى على أحد وجود أسواق تجارة العبيد، يعرض كل نخّاس بضاعته ثم يقف متحدثًا عنها بكلام لا يخلو من قافية ووزن، ليأتي المشتري متفحصًا البضاعة التي يريد شراءها، فإن كانت جارية فإن من حقه أن يتفحص أجزاء معينة من جسدها، للتأكد مما إذا كانت ستحقق له المتعة الجنسية التي يريدها أم لا، فإن أعجبته كان بها، وإن لم تعجبه أعرض عنها ونأى بجانبه إلى أخرى تتفق مع معاييره وشهواته، في صفقة تخالف الإنسانية والدين والعقل والمنطق تخلصت منها البشرية قاطبة، إلا مصر وبعض بلاد العرب ممن أعجب طائفة منهم أن يكونوا عبيدًا وإماءً تباع وتشترى!

من عادة أغلب الشباب المصري ألا يتقدم إلى فتاه جمعته بها علاقة عاطفية، لأن التي ارتبطت به خارج إطار منظومة الزواج قد تفعل ذلك مع غيره

في الأيام القليلة الماضية، تسرّبت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لمقارنة أجرتها إحدى البنات للمُفاضلة بين عريسين تقدما لخطبتها، مما آثار جدلًا واسعًا حول البنت خاصةً، وحول الزواج التقليدي عامةً، وهو ما يعرف في مصر بـ"زواج الصالونات"، تلك المنظومة القائمة على رواسب الرق والنخاسة. تعليقات بعض المتابعين ألقت باللوم الشديد على صاحبة المقارنة وكأن العريسين قد تقدما لخطبتها بناءً على قصة حب مسرحية.

اقرأ/ي أيضًا: الزواج النوبي.. التزام بالجذور والذاكرة

في رأيي – ولعلك تتفق معي – أن تلك البنت ليست مخطئة تمامًا، من الواضح أن العريسين قد تقدما لخطبتها بناءً على توصيات الأمهات والأقارب ممن طافوا الأرض سعيًا وبحثًا عن عروس تلبي رغبات الابن الجنسية المكبوتة وتخضع له بالقول، من عائلة محترمة وصاحبة شهادة جامعية راقية، والأهم من ذلك كله منكسرة وليس لها آية تجارب عاطفية سابقة وترابيزات بلياردو وبنج.

من عادة أغلب الشباب المصري ألا يتقدم إلى فتاه جمعته بها علاقة عاطفية، ظنًا منه أن تلك التي ارتبطت به خارج إطار منظومة الزواج قد تفعل ذلك مع غيره، تنتهي تلك العلاقة لأي سبب ثم يجري السيناريو الذي تعرفه، يتركها ويسافر إلى بلاد الخليج لجمع الأموال، ثم تتكلف أمه بالبحث عن عروس لا يعرفها ولا تعرفه، عين العقل ووصفة ناجعة للقضاء على "شبح العنوسة"!

إذًا فلماذا إلقاء اللوم على البنت؟! الموضوع عبارة عن صفقة تبادلية، ماذا سآخذ مقابل ما سأعطي، عندما يفكر أحد الشباب بزواج الصالونات فإن أول ما يشغل باله هو الجسم، هذه العروس لا بد أن تتفق مع معاييره الجنسية الموضوعة مسبقًا والتي يتفق عليها أغلب الشباب، جسم متناسق لم تصبه السمنة ولا النحافة، لا مانع من أن تكون مليئة من الأسفل نوعًا ما، وصاحبة خصر نحيف في نفس الوقت، العيون كذلك يفضل أن تكون ملونة، والشعر لا بد أن يكون ناعمًا، وهكذا كثير من التخلف العقلي الذي يعف المقام عن ذكره!

وجد الشاب تلك المواصفات، ولا بد أنه وجدها أولًا في مجال بحثه، فلا بد من اتفاق المستوي الاجتماعي والمؤهل الدراسي، فالطبيبون للطبيبات، والمهندسون للمهندسات، وكذلك كل كليات القمة فلا يستطيع خريج كلية التجارة مثلًا أن يتزوج بطبيبة أو مهندسة، ثم يأتي بعد ذلك دور المال وطلبات البنت، فلا بد أن يقام الفرح في إحدى القاعات الفخمة باهظة الثمن، ثم ينتقل العروسان للسكن في موقع فخم يليق بهما ويعجب أهلهما، وقبل كل ذلك قريب من أم العروسة، وفي شقة قد امتلأت بالأثاث والمفروشات وكل ما تتخيل، حتى غرفة الأطفال بالرغم من عدم إتمام الزواج بعد، وبالطبع عدم وجود أطفال!

عندما يفكر أحد الشباب بزواج الصالونات فأول ما يشغل باله هو الجسم، ولا بد للعروس من أن تتفق مع معاييره الجنسية الموضوعة مسبقًا

عزيزي الشاب المصري الذي يفكر في التقدم لإحدى الفتيات التي لا يعرفها ولا تعرفه أو من تزوج أصلًا بتلك الطريقة، أعرف جيدًا أن تلك البنت أثارت غضبك وجعلتك تفكر فيما إذا كنت خضعت لمقارنة مماثلة أجرتها من تريد خطبتها أو خطيبتك أو حتى زوجتك أم أولادك، جرحت تلك الفتاه كرامتك وأوقفتك أمام المرآه عاريًا، مع أنك حين تقدمت للخطوبة بطريقة مماثلة كنت تريدها أداة جنسية تشبع رغباتك وقتما أردت، إذًا لماذا الاستغراب حينما أرادتك بنكًا للنقود، أليس الجنس مقابل المال؟

اقرأ/ي أيضًا: الزواج في مصر بعد تعويم الجنيه.. معجزة!

بدلًا من أن تلوموا البنت أو الشاب، لوموا المجتمع المتدين ظاهريًا، الفاحش داخليًا، الذي أوصل كل منهما إلى ما وصل، لوموا أنفسكم أولًا وطهروها، ولا تظلموا الحب، زوجوا المتحابين مثلما أوصى الرسول، اقتلوا رعبي من أن يأتي أحدكم إلى فتاة أحببتها فيوقعها فريسة بأمواله تحت تهديد أهلها والمجتمع، أو كما قال السيد المسيح "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر".

 

اقرأ/ي أيضًا:

تقنين الخطوبة في مصر..مشروع قانون لمواجهة الطلاق والعنوسة