01-فبراير-2020

تحمل المجموعة سياسات المصرف مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في لبنان (ألترا صوت)

عقب اندلاع الانتفاضة اللبنانية في 17 تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تكونت مجموعة سياسية، أطلق عليها مجموعة "شباب المصرف"، حددت أهدافها وموقعها من الحراك. وأمام بوابة مصرف لبنان المركزي كان الموقع الذي اختارته المجموعة للوقوف والاحتجاج المتواصل، مطالبين بإصلاحات اقتصادية ومالية تتضمن إجراءات وقرارات وتشريعات لإنقاذ البلاد، ومحاسبة الفاسدين الذين تسببوا في وصول لبنان لمرحلة الانهيار الاقتصادي.

رغم الانتقادات الكثيرة التي توجه للحراك اللبناني بعدم التنظيم ووضوح الرؤية المحددة للأهداف العاجلة والاستراتيجية، كانت هذه المجموعة مثالًا على عكس ما سبق

رغم الانتقادات الكثيرة التي توجه للحراك بعدم التنظيم ووضوح الرؤية المحددة للأهداف العاجلة والاستراتيجية، كانت هذه المجموعة مثالًا على عكس ما سبق، رغم تنوع خلفيات أفرادها.

تتشكل المجموعة، حسب ما يبين أعضاء فيها في حوار مع "ألترا صوت"، من "الأفراد المستقلين الذين جمعتهم مطالبهم المعيشية ووجدوا في باحة مصرف لبنان خير ساحة مطلبية كونها معقلًا للسياسات الإفقارية المتوحشة للتنديد بسياسات مصرف لبنان وحاكمه الفاشل التي فاقمت الأزمة الحاليّة"، معتبرين "أنهم كأفراد لهم أهواء سياسية متنوعة  ولكن على الصعيد الفردي وهو أمر متاح ومقبول، لكن ليس للمجموعة ككلّ أي توجه أو انتماء سياسي".

تطالب المجموعة التي تواصل التظاهر في المكان نفسه، بـ"مطالب الثوار أجمعين، مع التصويب على السياسات النقدية والمالية الجائرة والفاشلة التي كرسها حاكم مصرف لبنان وجمعية المصارف بموافقة كل القوى السياسية على مدى الحكومات المتعاقبة". غير أن "مجموعتنا قامت، لا سيّما في الفترة الأخيرة، بتنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات أمام مؤسسات فساد أخرى كوزارة المالية ومجلس النواب. كما شاركنا في الاعتصام أمام مجلس الجنوب (والذي كان مقررا أن يكمل جولته على مزاريب الفساد الأخرى كمجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين) الذي نظّمه ائتلاف بناء الدولة (والذي انضمت إليه المجموعة حديثًا)"، حيثُ تعرّض هؤلاء الأفراد وسائر الموجودين آنذاك إلى اعتداء وحشيّ وميليشياوي على يد بعض أتباع أحزاب السلطة.

وقد كان لحاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، نصيب كبير من انتقادات المجموعة والمطالبات بإقالته ومحاسبته. فـ"في الوقت الذي كانت فيه كل المؤشرات المالية والاقتصادية تُنذِرُ بخطر الانهيار الاقتصادي المُحدِقِ بنا، كان رياض سلامة يُغامِرُ ويُقامِر على حساب المودعين عبر إقراض المصارف التجارية مبالغ طائلة بنسب فوائد متدنية لِيقترضَ منها فيما بعد على حساب خزينة الدولة بنسب فوائد مرتفعة للغاية. بالإضافة إلى اتباع هندسات ماليّة صبّت في صالح المصارف وألحقت الضرر الكبير بالدولة والمواطنين مما فاقم وسارع في الانهيار الاقتصادي الذي نعيشه".

يتابع ممثلو المجموعة لـ"ألترا صوت"، بأنه إضافة إلى ذلك، حاول سلامة حتى اللحظة الأخيرة التحذلق على الرأي العام مقنِعًا إياه بأن الليرة بـ"ألف خير" حتى أصبحت بـ"ألفين خير". ارتفع سعر الدولار الأمريكي من 1500 ليرة إلى 2000. وحينما نفذت منه الأكاذيب، رمى المسؤولية على الثورة والثوار في تصريحات اعتبروا أنها "تظهرُ المرة تلو الأخرى مدى وقاحته ولامبالاته إزاء طوابير المودعين الذين باتوا -بسبب هندساته المالية المشبوهة-يتسولون مدخراتهم ورواتبهم. ولا ننسى أنه منح الضوء الأخضر للصيارفة للتلاعب بسعر الصرف متنصِّلا من مسؤوليته القانونية بفرض الرقابة عليهم".

أما بالنسبة لمظاهر العنف التي حدثت تجاه فروع البنوك بشارع الحمرا، تقول المجموعة بأنها تُشدِّد على "أهمية اللجوء في المقام الأول إلى الأدوات القانونية لتحصيل حقوقنا. وانطلاقًا من هذه القناعة، نظمنا لقاءات حوار عدة مع محامين وخبراء اقتصاديين. ولكن في وجه سلطة بهذه الوقاحة والفساد،  ليس من المنطق في شيء دعوة الثوار إلى الاحتجاج السلمي حصرًا ولا لومَ يُلقى إلاّ على من دفع بنا إلى الهاوية التي بلغنا، إضافة إلى أن العنف الأمني والاجتماعي والاقتصادي الذي تمارسه الدولة بمؤسساتها التي باتت تعمل لدى المصارف وتحت إمرتها، من المؤسسات الأمنية والرقابية والقانونية، لا يمْكن أن يفرض واقعًا أفضل أو أخف وطأة على الواجهات الزجاجية للمصارف وما تمثله من السلطة".

أما فيما يتعلق بما واجهته المجموعة من قمع، يتابع المتحدثون: "تعرضت مجموعتنا ليلةَ تكسير المصارف كسائر المتظاهرين -حتى السلميين منهم- إلى اعتداء وحشيٍّ على يد القوى الأمنية ما أسفر عن وقوع حوالى 30 جريحًا من مُجمل الثوار المتواجدين أمام المصرف يومئذٍ، حتّى قبل بدء ما يسمى بموجات العنف الثوري"، علمًا بأن هذه لا تعدو كما يشيرون كونها "فشّة خلق".

اقرأ/ي أيضًا: الثنائي الشيعي في واقع الانتفاضة اللبنانية

وقد اعتادت المجموعة التواجد أمام مصرف لبنان، بشكل شبه دائم ودوري ولكن غير منتظم وليس من عدد محدّد أسبوعيّا، ولكن تِبعًا للظروف. يضيف المتحدثون بأن "وقفاتهم تُقَدّر حتى اليوم بالعشرات، بجانب عدد كبير من الندوات المُنظمة والتي عادة ما تكون بحضور خبير للاستفسار حول مسألة مالية أو قانونية مُعينة لا لِنشر أفكارنا التي لا تختلف في شيء عن كل من يسعى إلى العيش الكريم في وطننا".

مجموعة شباب المصرف: ارتفع سعر الدولار الأمريكي من 1500 ليرة إلى 2000. وحينما نفذت المبررات من رياض سلامة، رمى المسؤولية على الثورة والثوار

وعن سؤال التنظيم واحتمالية تحول هذه المجموعة إلى حزب سياسي، فـ"إنهم يتبعون قاعدة أن كُل تعاطي بالشأن العام هو عمل سياسي، ما يقومون به يندرج أصلًا ضمن العمل السياسي لكنهم حاليّا لا يلوح في أفقهم أي توجه نحو تنظيم أنفسهم كحزب أو تيار سياسي". ملخصين رؤيتهم بأن "أولويتنا الأولى والأخيرة: تحصيل حقوقنا المشروعة ومحاسبة كل الطبقة السياسية التي تآمرت علينا من دون استثناء".