08-مارس-2019

متضامنون إيطاليون مع ضحايا القمع في السعودية (ستيفيانو مونتيسي/كوربيس)

في مبادرة وُصفت بالتاريخية اجتمعت العشرات من الدول الغربية، 36 دولة من بينها 28 هي كل دول الاتحاد الأوروبي، على إدانة المسطرة الحقوقية للسعودية. جاءت الإدانة التوبيخية عبر بيان مشترك صدر يوم الخميس 7 أذار/مارس، من خلال أكبر هيئة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، مجلس حقوق الإنسان، على خلفية الانتهاكات المتصاعدة لحرية الرأي والتعبير على أرض المملكة.

 قالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن المحققين السعوديين قاموا بتعذيب ما لا يقل عن 4 نساء بالصدمات الكهربائية، كما تم التحرش بهن جنسيًا والاعتداء عليهن

 الجدير بالذكر في هذا السياق أن هذه كانت أول مرة تواجه فيها كل هذه الدول مجتمعة المملكة على الإطلاق،  بسبب سجلها الحقوقي، في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث إن المملكة العربية السعودية هي واحدة من 47 عضوًا.

صورة "الإصلاحي السعودي" حطمت للأبد!

جاء التوبيخ في بيان وقعته 36 دولة، بما في ذلك كل أعضاء الاتحاد الأوروبي، الذي أدان "الاعتقالات المستمرة والاعتقالات التعسفية للمدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية، واستخدامها لقوانين مكافحة الإرهاب لإسكات المعارضة السلمية".

اقرأ/ي أيضًا: انتهاكات السعودية بحق المهاجرين الإثيوبيين.. سرقة وتعذيب وترحيل قسري

فيما أشار البيان بشكل خاص إلى سوء المعاملة الذي تتعرض له النساء في معتقلات المملكة، كما دعت الأمم المتحدة السعودية للتعاون بشكل كامل مع التحقيقات في وفاة جمال خاشقجي، الصحافي والكاتب في صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية، الذي قُتل في القنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي.

لاقى البيان في صيغته النهائية حماسًا كبيرًا من هيئات حقوق الإنسان الأخرى التي تلقته بالتصفيق، واعتبرت أنه كسر للحصانة الواضحة للمملكة العربية السعودية من الإدانة في المجلس. حيث قالت سلمى الحسيني، العضو بجمعية الخدمة الدولية لحقوق الإنسان ومقرها جنيف، "إن البيان يرسل إشارة قوية إلى أن المملكة العربية السعودية، التي كان الاعتقاد أنها غير قابلة للمساس، وأن أعضاء المجلس يجب أن يخضعوا لمستوى أعلى من التدقيق في سجلاتهم الحقوقية".

تقف السعودية، مثل إسرائيل وكوريا الشمالية، في مربع الدول التي تثير الأوضاع الحقوقية فيها قلق مجلس حقوق الإنسان وتحفظاته

أما سفير آيسلندا لدى الأمم المتحدة في جنيف، هارالد أسبيلاند، فقد قال في سياق البيان المشترك غير المسبوق، المدعوم أيضًا من كندا وأستراليا دون الولايات المتحدة الأمريكية: "نحن قلقون بشكل خاص حول استخدام قانون مكافحة الإرهاب وغيرها من الأحكام المتعلقة بالأمن القومي ضد الأفراد الذين يمارسون حقوقهم وحرياتهم بشكل سلمي"، وأضاف حسب ما نقلته رويترز أن الناشطين يمكنهم بل ويجب أن يلعبوا "دورًا حيويًا في عملية الإصلاح التي تسعى إليها المملكة".

وبينت صحيفة نيويرك تايمز أن آيسلندا، التي تشغل الآن مقعد رئاسة الهيئة في الأمم المتحدة بعد أن تركته الولايات المتحدة خاويًا العام الماضي، حثت السعودية على إطلاق سراح جميع المحتجزين، وحددت على وجه الخصوص عشرة محتجزين اعتقلوا جميعهم العام الماضي في حملة أمنية، بدأت قبل فترة وجيزة من قيام السعودية بإدخال إصلاحات تسمح للنساء بقيادة السيارة: لُجين الهذلول، إيمان النفجان، عزيزة اليوسف، نسيمة الصدة، سمر بدوي، نوف عبد العزيز، هتون الفاسي، محمد البجادي، أمل الحربي وشهدان العنزي.

إدانات وإحراجات علنًا.. ولكن!

في هذا الصدد قالت منظمة هيومن رايتس ووتش  إن المحققين السعوديين قاموا بتعذيب ما لا يقل عن 4 نساء بالصدمات الكهربائية، كما تم التحرش بهن جنسيًا والاعتداء عليهن. كما أشار بيان مجلس حقوق الإنسان بالنيابة عن الدول المشاركة فيه، "إننا ندعو المملكة العربية السعودية إلى اتخاذ خطوات ذات مغزى لضمان أن جميع أفراد الشعب، بمن فيهم المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين، يمكنهم ممارسة حقوقهم بحرية كاملة في التعبير والرأي وتكوين الجمعيات، بما في ذلك عبر الإنترنت، دون خوف من انتقام السلطات في المقابل".

وعلى الرغم من أن أعضاء الهيئة اتحدوا في صوت واحد في المجلس لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية، إلا أن زعماء الكتلة في بروكسل تراجعوا عن اقتراح وضع المملكة في القائمة السوداء على خلفية اتهامات بضلوعها في تمويل الإرهاب وغسل الأموال.

كما قال مشرعون أوروبيون الشهر الماضي إنهم يعتزمون توسيع قائمة الدول التي ينظر إليها على أنها ضعيفة عندما يتعلق الأمر باتخاذ إجراءات صارمة ضد الأموال الملوثة، مقترحين إضافة السعودية ونيجيريا وبنما، إلى قائمة تضم بالفعل دولًا مثل كوريا الشمالية وايران والعراق وإثيوبيا وأفغانستان، لكن حتى الآن لم يتم اتخاذ أي خطوة حيال ذلك.

 أشار بيان لمجلس حقوق الإنسان  إلى سوء المعاملة الذي تتعرض له النساء في معتقلات السعودية، كما دعاها للتعاون بشكل كامل مع التحقيقات بشأن جمال خاشقجي

يُحسب المشهد حتى الآن كخطوة في مسار الإدانة الدولية للسعودية، لكنه لا يزال بحاجة إلى تبعات عملية/تنفيذية لوضع التشخيص للانتهاكات المحددة المنسوبة للسعودية بالأدلة موضع تنفيذ قواعد المساءلة والمحاسبة المرعية في الحالات الشبيهة.

كما يأتي الموقف عبر هذا البيان الذي يدين جرائم السعودية في حق مواطنيها شاهدًا على تغيب الولايات المتحدة الأمريكية، التي تراجعت في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب عن اتخاذ أي إجراء حقيقي ضد الرياض، على الرغم من الأصوات الداخلية التي أدانت بشكل كبير ابن سلمان، ووصفته بأنه لا يصلح أن يكون حليفًا، أقله لصعوبة تبرير الحزم الواضحة من جرائمه الفادحة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

بالأدلة والصور.. السعودية قتلت أطفال صعدة بقنبلة أمريكية