29-يوليو-2022

خلافات بشأن تمديد عمل البعثة الأممية إلى ليبيا (Getty)

مدد مجلس الأمن الدولي عمل بعثة الأمم المتحدة للدعم إلى ليبيا لمدة ثلاثة أشهر بعد أن عارضت روسيا مساعي الدول الغربية والأفريقية في المجلس لتمديد ولاية البعثة لمدة عام. وهذه هي المرة الخامسة التي يتم فيها التمديد للبعثة لفترات قصيرة منذ أيلول/سبتمبر الماضي، بسبب الموقف الروسي الذي يشترط تعيين رئيس للبعثة أولًا.

مدد مجلس الأمن الدولي عمل بعثة الأمم المتحدة للدعم إلى ليبيا لمدة ثلاثة أشهر بعد أن عارضت روسيا تمديد ولاية البعثة لمدة عام

وحصل القرار الذي تقدمت به بريطانيا على تأييد 12 دولة عضوًا في مجلس الأمن، في حين امتنعت ثلاث دول عن التصويت وهي الغابون وغانا وكينيا. وفي كلمتها لأعضاء المجلس عقب التصويت على القرار، رحبت المندوبة البريطانية الدائمة لدي الأمم المتحدة باربارا وودوارد باعتماد القرار قائلة إنه "يشمل عددًا من الرسائل المهمة بما في ذلك العمليات السياسية والأمنية، ونزاهة المؤسسة الوطنية للنفط، وحقوق الإنسان". وأضافت "تكتسب الرسالة الواضحة للأطراف الليبية أهمية خاصة بشأن الحاجة إلى اتفاق على مسار لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت ممكن".

 وفي تعليقها عن امتناع الأعضاء الأفارقة في المجلس عن التصويت، قالت المندوبة البريطانية  "نحن نشارك زملاءنا الأفارقة شعورهم بالإحباط من التفويض القصير للولاية"، وأضافت "نعتبر أن إصرار الاتحاد الروسي على أن يكون التمديد لمدة 3 أشهر فقط يسهم في تقويض ولاية البعثة ودعم المهام السياسية والأمنية التي تعمل من أجلها"، مشيرة إلى أن "مطالب الاتحاد الروسي تتناقض مع ما تريده ليبيا والأمم المتحدة ودول المنطقة من البعثة".

من جهته، قال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي "ليس من الطبيعي أن تترك البعثة بلا قيادة كل هذه الفترة، وبالتالي فهي لا تتمتع بالأدوات اللازمة لإدارة الحوار الليبي". وأضاف بوليانسكي أن "ولاية وليامز في منصبها مستشارة خاصة للأمين العام من دون ولاية أمنية محددة، أطيلت دون مبرر على الرغم من التأكيدات أن التعيين كان مؤقتًا". وتابع الدبلوماسي الروسي "نُصر على أن يقدم السيد أنطونيو غوتيريس مرشحًا مناسبًا لمنصب الممثل الخاص لليبيا، مرشح يناسب الأطراف الليبية وأصحاب المصلحة الإقليميين"، مشددًا على "ضرورة أن يتم التوافق حول ممثل للأمين العام بأسرع وقت ممكن". كما أكد أن "هذه البعثة تحتاج إلى قائد يتمتع بثقة الليبيين، لا يمكننا أن نوافق على تسوية ليبية يتم بناؤها خارج إطار مجلس الأمن، وخاصة عندما نرى حلقة أخرى مما تقوم به القوى المتنافسة في ليبيا"، محذرًا من أن "البلد على حافة تجديد النزاع المسلح". كما شدد على "الحاجة للتحرك السريع، معبرًا عن "أمل بلاده بألا يدوم ذلك طويلًا، وهو ما سيخدم مصالح انتهازية ومتعمدة".

وعن موقف الدول الأفريقية بالامتناع عن التصويت على القرار قال نائب السفير الروسي "نفهم أن الزملاء من الدول الأفريقية يشعرون بالقلق إزاء الوضع الحالي، ولكن كلما استمر الوضع على هذا النحو زادت الخطورة ليس فقط في ليبيا ولكن على دور الأمم المتحدة هناك ككل"، معتبرًا أن "الوضع الراهن لا يشجع الأطراف الليبية على الاستمرار بجهودها البناءة لتوحيد البلد والمؤسسات الليبية".

من جانبهم أعرب مندوبو الدول الأفريقية الثلاث في كلماتهم خلال الجلسة عن "عدم ارتياحهم إزاء التمديد لولاية البعثة الأممية لمدة 3 أشهر فقط، جراء استمرار الخلافات بين مجلس الأمن بشأن طول التفويض، وإعادة هيكلة البعثة وتعيين قيادة لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا". وأشار المندوب الكيني في الأمم المتحدة مارتين كيماني أن "بلاده صوتت منذ أيلول/سبتمبر الماضي أربع مرات تأييدًا للتمديد قصير المدى، على الرغم من إيمانها بضرورة أن يتم التمديد لسنة كاملة"، وأضاف "خلال التصويت في المرات الأربع السابقة تحدثنا عن شعورنا بالإحباط لأن التمديد لمدة قصيرة، وعلى الرغم من ذلك أيدنا القرارات لأننا رجحنا أن البعثة ستقدم الدعم لليبيا حتى لو كانت المدة قصيرة". وأوضح الدبلوماسي الكيني "ما نحتاج إليه هو أن تتمتع البعثة بولاية لسنة مع تعيين مبعوث خاص أفريقي مناسب".

من جهتها أعربت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة  ليندا توماس غرينفيلد عن شعور الولايات المتحدة بـ"خيبة أمل بشأن القرار"، وقالت غرينفيلد خلال الجلسة إن "المدة القصيرة لا تؤدي إلا إلى زيادة تعقيد جهود الأمانة العامة للأمم المتحدة"، واعتبرت أن "إعادة النظر في الولاية كل بضعة أشهر تؤدي إلى صعوبة تنفيذ البعثة للخطط طويلة الأجل، أو تطوير حلول مستدامة للتحديات في ليبيا، بل وتجعل من الصعب تعيين أفضل مرشح لهذا الدور". وتابعت المندوبة الأمريكية أن "ليبيا تمر بمنعطف حرح"، مشيرة إلى الدور الكبير الذي تقوم به بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا في "دعم التحضير للانتخابات ومراقبة وقف إطلاق النار والإبلاغ عن قضايا حقوق الإنسان وتقديم الدعم التقني بشأن ميزانية الدولة".

هذا ونص القرار الذي صاغته بريطانيا وحمل الرقم 2647 على "تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة حتى 31 تشرين الأول/أكتوبر المقبل باعتبارها بعثة سياسية خاصة متكاملة للدعم في ليبيا"، ودعا القرار "جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي أعمال من شأنها تقويض العملية السياسية أو وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في 23 تشرين الأول/أكتوبر 2020". وأكد القرار  أنه "لا يوجد حل عسكري في ليبيا"، مشددًا على "جميع الأطراف المعنية بضرورة الامتثال الكامل لحظر الأسلحة المفروض على ليبيا، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1970 لعام 2011"، وطالب القرار من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن يقوم بـ"تعيين ممثل خاص له في ليبيا على وجه السرعة".

نص القرار الذي صاغته بريطانيا وحمل الرقم 2647 على "تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة حتى 31 تشرين الأول/أكتوبر المقبل باعتبارها بعثة سياسية خاصة

وكان مجلس الأمن قد اعتمد في 29 نيسان/ أبريل الماضي قرارًا بتمديد ولاية البعثة الأممية في ليبيا حتى 13 تموز/ يوليو الماضي وسط خلافات بشأن تعيين مبعوث خاص جديد للبعثة الأممية إلى ليبيا.