11-فبراير-2025
عائلة شولا

(AP) الأب محمد شولا يتوسط ابنيه يزن وبلال

يروي محمد شولا لوكالة "أسوشيتد برس" التفاصيل التي رافقت إصابة ابنه يزن، ومقتل زوجته سندس شلبي، برصاص جيش الاحتلال أثناء محاولتهما الهروب من مخيم نور شمس للاجئين في الضفة الغربية المحتلة، حيثُ تشهد مدن الشمال في الضفة عدوانًا إسرائيليًا منذ 21 كانون الثاني/يناير الماضي.

يقول شولا إن زوجة ابنه الحامل في شهرها الثامن بطفلها الأول اتصلت به في منتصف الليل وسط حالة من الذعر، يتذكر صوتها على الهاتف تقول: "النجدة من فضلكم. يجب أن تنقذونا"، لكن صرخات السيدة لم تساعدها على النجاة، إذا قتلت مع جنينها بعد دقائق برصاص جنود الاحتلال.

كان جيش الاحتلال قد فرض حصارًا على مخيم نور شمس قبل أيام، وهو منطقة حضرية مزدحمة في مدينة طولكرم بشمال الضفة الغربية، حيثُ يشن جيش الاحتلال عدوانًا يستهدف مقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية. وصعّد جيش الاحتلال من عدوانه على مختلف أنحاء الضفة منذ سريان اتفاق وقف إطلاق مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في وقت سابق من الشهر الماضي.

يأتي استهداف جيش الاحتلال للمدنيين في إطار توجه مقلق نحو تكتيكات إسرائيلية أكثر فتكًا وأقرب إلى أساليب الحرب في الضفة الغربية، حيثُ صعّد من عدوانه عليها بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس

وبحسب أسوشيتد برس، فإن الفلسطينيين يروون أن إطلاق النار على شلبي، البالغة من العمر 23 عامًا، يأتي في إطار توجه مقلق نحو تكتيكات إسرائيلية أكثر فتكًا وأقرب إلى أساليب الحرب في الضفة الغربية، حيث قتلت أيضًا، الأحد الماضي، شابة فلسطينية تبلغ من العمر 21 عامًا برصاص جيش الاحتلال.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن عدد الشهداء في الضفة الغربية والقدس الشرقية الذين قضوا برصاص جيش الاحتلال ارتفع إلى 905 شهداء منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

يرى عضو فريق الاستجابة للطوارئ في قرية عنبتا المجاورة، ماهر كنعان، في حديثه لـ"أسوشيتد برس" أن "قواعد القتال الأساسية، وطريقة مواجهة الفلسطينيين، أصبحت مختلفة الآن" من قبل جنود الاحتلال، وأضاف: "التهجير، وعدد المدنيين الذين قُتلوا، إنهم يفعلون هنا ما فعلوه في غزة".

يوضح شولا في حديثه أن ابنه وزوجة ابنه بدأوا الأسبوع الماضي التخطيط للهروب من مخيم نور شمس، وذلك مع التزامن تحليق الطائرات الإسرائيلية المسيّرة في سماء المخيم، حيثُ كان موعد ولادة طفلهما الأول قد اقترب، لافتًا إلى أن ابنه "كان قلقًا على (شلبي) طوال الوقت. كان يعلم أنها لن تتمكن من ولادة الطفل إذا تفاقم الحصار".

يشير شولا إلى أن ابنه يزن الذي يعمل في البناء، كان قد فقد عمله بعد أن منعت السلطات الإسرائيلية أكثر من 200 ألف عامل فلسطيني من الدخول إلى الأراضي الفلسطينية التي تحتلها. مضيفًا أن ابنه وزوجته انتقلا إلى المخيم قبل 18 شهرًا، موضحًا أن "الطفل هو ما كانا يعيشان من أجله".

وقد قرر الزوجان الخروج من المخيم، الأحد الماضي، حيثُ كانت الخطة أن يذهبا إلى منزل والدي شلبي خارج المخيم، على بعد مئات الأمتار من طولكرم، وخلال هذه الرحلة أراد بلال، شقيق يزن الأصغر، أن يرافقهما في السيارة، لكن بعد وقت قصير من انطلاقهم بدأوا بسماع رشقة رصاص أطلقها جنود الاحتلال.

يقول شولا إن زوجة ابنه أخبرته بصوت متقطع أن قناصًا إسرائيليًا أطلق النار على زوجها، وكان الدم يسيل من مؤخرة رأسه، مضيفًا أنها لم تصب بأذى، لكنها لم تكن تعرف ماذا تفعل، وهو ما دفعه للطلب منها أن تطلب المساعدة من أي منزل، حيثُ سمع صوت طرقات وصراخها عبر الهاتف.

وفيما بلال الشقيق الأصغر لم يصب بأذى، إلا أن جيش الاحتلال اعتقل الشاب لساعات قبل أن يطلق سراحه. وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر حصلت على موافقة من الجيش الإسرائيلي للسماح للمسعفين بالدخول إلى المخيم. لكن المسعفين احتجزوا لمرتين، لمدة نصف ساعة في كل مرة، أثناء توجههم نحو السيارة التي كان يستقلها يزن وزوجته وشقيقه.

تشير أسوشيتد برس في تقريرها إلى أن المسعفين لم يصلوا إلى الزوجين الشابين إلا بعد الساعة الثامنة صباحًا، حيثُ تم احتجازهم للمرة الثالثة أثناء نقل الزوج من المخيم إلى المستشفى، حسبما ذكرت جمعية الهلال الأحمر.

كان يزن شولا فاقدًا للوعي وفي حالة حرجة، وهو حتى اليوم لا يزال على أجهزة الإنعاش في المستشفى، بينما تم العثور زوجته مقتولة، وكذلك جنينها لم ينجو من الموت أيضًا. يواصل شولا التفكير في كيف رأى الجنود جسد شلبي ينزف على الأرض ولم يفعلوا شيئًا لمساعدتهم، بينما قيدوا ابنه الآخر وقادوه إلى سيارتهم.

يقول شولا متساءلًا: "لماذا أطلقوا النار عليهم؟ لم يفعلوا شيئًا خاطئًا. كان بإمكانهم إيقافهم وطرح سؤال، لكن لا، لقد أطلقوا النار فقط".

وتابع مضيفًا أنه قبل أن يتمكن من استيعاب ما كان يحدث، طرق جنود إسرائيليون باب منزله الأمامي وأمروا الجميع بمغادرة المنزل، بما في ذلك ابنته وابنه والعديد من الأحفاد، أحدهم يبلغ من العمر عامًا واحدًا وآخر يبلغ من العمر شهرين، لافتًا إلى أنهم لم يتمكنوا من إحضار سوى كيس داخله حفاضات الأطفال، إذ إنهم لم يكن لديهم الوقت لإحضار صور العائلة أو حتى الملابس.

وكانت منظمة أطباء بلا حدود قد قالت في بيان لها إن عمليات "التهجير القسري للناس من قبل القوات الإسرائيلية في مخيم الفارعة للاجئين في طوباس بالضفة الغربية أمر مروع ويأتي بعد تهجير 38 ألف شخص بالفعل في جنين وطولكرم"، لافتة إلى أن "عمليات الإجلاء القسري والتدمير الواسع النطاق الذي يحدث في الضفة تتبع نمطًا مقلقًا من الاضطهاد ولها تأثير شديد على صحة الناس وظروفهم المعيشية".

وشددت المنظمة الدولية على أن العدوان الإسرائيلي الذي يستهدف مخيم الفارعة يقيد "بشدة تحركات الفلسطينيين وحصولهم على الخدمات الأساسية، حيث تم فرض حظر تجول وإغلاق مداخله"، مؤكدة دعوتها على "توقف تصاعد العنف والعدوان ضد المدنيين في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة".