28-نوفمبر-2016

شرق حلب (أ.ف.ب)

تكبدت قوات المعارضة السورية في الشطر الشرقي المحاصر في مدينة حلب، ضربة موجعة صباح اليوم الاثنين، بخسارتها ما يقارب ثلث الأحياء التي كانت تسيطر عليها، بعد اشتباكات عنيفة ضد قوات النظام والميليشيات الأجنبية الداعمة له، و"وحدات حماية الشعب" الكردية، في الوقت الذي يشهد ريف درعا تطورًا جديدًا، بعد استهداف تنظيم داعش مجموعة من جنود الاحتلال الإسرائيلي في هضبة "الجولان" المحتل.

تشهد المعارضة السورية انقسامات حادة فيما بينها، نتيجة الخسائر المتوالية في حلب وعدم استطاعتها كسر الحصار عن المدينة

النظام يقسم أحياء حلب

مختلف وسائل الإعلام المحلية، أكدت صباح اليوم أن قوات النظام وميليشياته بعد معارك عنيفة، بدعم جوي استهدف مناطق الاشتباك بعشرات الغارات الجوية، تمكنوا من السيطرة على كامل الشطر الشمالي (الحيدرية، الصاخور، والشيخ خضر) من أحياء حلب الشرقية المحاصر.

اقرأ/ي أيضًا: حلب..هل تنتهي المقتلة بالتهجير القسري للمعارضة؟

وبالتزامن مع الاشتباكات العنيفة التي كانت تخوضها المعارضة ضد ميليشيات النظام، نفذت "وحدات حماية الشعب"، الذراع العسكري لحزب "الاتحاد الديمقراطي" الكردي، الساعي لإنشاء إدارة "حكم ذاتي" شمال سوريا، هجومًا معاكسًا على أحياء "بعيدين، بستان الباشا، وعين التل"، وسيطرت عليهم، لتشارك بذلك إلى جانب النظام في عملية تقسيم الشطر الشرقي من المدينة.

وبتقدم النظام الأخير، تكون المعارضة خسرت ما يقارب الثلث من مناطق سيطرتها، في ظل انقسامات حادة تشهدها فصائل المعارضة فيما بينها، نتيجة الخسائر المتوالية التي تكبدتها، وعدم استطاعتها كسر الحصار عن الأحياء المحاصرة منذ أربعة أشهر تقريبًا.

وعلى الرغم من الدعوات الدولية لإيقاف الحملة العسكرية العنيفة، وتصريحات أممية حول موافقة المعارضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى الأحياء المحاصرة، فإن روسيا تصر على الاستفادة من عامل الوقت، من ناحية تصريحات تتعلق بعدم تأكدها من موافقة المعارضة، متحججة بغياب الوثائق الرسمية التي تثبت صحة حديث المعارضة، على حد قول وزارة الدفاع الروسية.

ويظهر من السيناريو الحالي الذي يشهده الشطر الشرقي من المدينة، أن معركة حلب خرجت من يد النظام السوري، وأصبحت تحت إشراف الداعمين الرئيسيين، أولهما روسيا، والتي تحاول السيطرة على العاصمة الاقتصادية لسوريا، قبل وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض في كانون الثاني/يناير المقبل، وزاد عليها ارتفاع حدة السجال التركي-الأوروبي حول اتفاقية اللاجئين، والانقسام الحاد في وجهات النظر، الذي أدى لتلويح الحكومة التركية بالانضمام لتحالفات بعيدة عن دول "الشنغن".

إذ تحاول روسيا استغلال هذين العاملين، إضافة لانتظارها ما ستؤول إليه نتائج انتخابات الرئاسة الفرنسية، حيثُ تشير الأخبار الواردة لتقدم المرشح اليميني، فرانسوا فيون، الذي يرغب بالتعاون مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو ما سيكون له أثره السلبي على المعارضة السورية، وخسارتها لأحد أهم حلفائها الغربيين.

أما بالنسبة للداعم الثاني، أي إيران، وبحسب الأخبار التي استبقت الحملة العسكرية على حلب، وتصريحات قادة ميليشيا "النجباء" العراقية، عن إرسالهم أكثر من ألف عنصر إلى حلب، وألحقها حديث القيادي في "حزب الله" اللبناني، نعيم قاسم، عن أنهم باتوا لا يعتمدون على "أسلوب حرب العصابات"، وتوجه ميليشيا الحشد إلى سوريا بعد عملية "الموصل"، وأخيرًا رغبة إيران بإنشاء قاعدة بحرية في سوريا.

جميع المعطيات السابقة، تشير إلى أن روسيا وإيران يريدان أن يستعيدا الشطر الشرقي للمدينة عسكريًا، على عكس ما يحصل في ريف دمشق من اتفاقيات تسوية، تفضي بخروج مقاتلي المعارضة مع سلاحهم الخفيف إلى شمال سوريا، وهو يدل على أن حلفاء النظام يضعون كامل ثقلهم العسكري لاستعادة حلب بالقوة، نظرًا لما يعنيه من ثقل دولي، وهو ما سيشكل ضربة لحلفاء المعارضة قبل الفصائل نفسها.

معركة حلب خرجت من يد النظام السوري، وأصبحت تحت إشراف روسيا المباشر، والتي تحاول السيطرة على المدينة قبل وصول ترامب للبيت الأبيض 

اقرأ/ي أيضًا: خيارات السوريين..الموت أو الباصات الخضراء

داعش على خط النار

وفي محافظة درعا، وتحديدًا منطقة "حوض اليرموك" في ريفها الغربي، شهد صباح اليوم الاثنين تطورًا مهمًا، عندما نفذت مقاتلات لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ضربة جوية ضد موقع لـ"جيش خالد بن الوليد"، المبايع لتنظيم الدولة، استهدفت "منشأة عسكرية خالية كانت تستخدم في الماضي من قبل الأمم المتحدة"، وتحولت لاحقًا مقرًا للتنظيم.

وجاءت الضربة الجوية، بعد تعرض عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي، قال إنها تتبع لـ"لواء جولاني" في هضبة "الجولان" المحتل، لهجوم نفذه صباح أمس الأحد، عناصر تابعون لتنظيم الدولة، رد عليها الأول باستهداف العناصر بضربة جوية عبر طائرة من دون طيار.

ووفق تصريحات جيش الاحتلال الإسرائيلي، فإنه من المتوقع أن تشهد المنطقة في الأيام القادمة، ضربات مماثلة، وربما تكون من بين المواقع المستهدفة مناطق تسيطر عليها المعارضة السورية. إذ إن الحكومة الإسرائيلية، ستحاول أن تثبت أنها لا تزال قوة عسكرية لها مركزها في المنطقة، بعد أن اهتزت داخليًا على خلفية الحرائق التي ضربت مستعمراتها في أماكن مختلفة من فلسطين المحتلة.

ويتضح من مجمل التطورات المتسارعة على الخارطة العسكرية في سوريا، أن المخطط الروسي-الإيراني يقضي باستعادة المدن والبلدات الخارجة عن سيطرة النظام في شمال سوريا عسكريًا، فيما ترك للنظام حرية إبرام التسويات في ريف دمشق، وحي "الوعر" الحمصي المحاصر.

أما بالنسبة لريف درعا فإنه سيشهد تطورات متعددة، وليس بعيدًا إعلان الحكومة الإسرائيلية مشاركتها في عمليات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة، بعد الهجوم المنفذ في هضبة "الجولان"، والذي لا يزال مجهول السبب والدافع، نتيجة عدم حدوث أي اشتباكات بين الطرفين، منذ إعلان التنظيم تواجده رسميًا في المنطقة.

اقرأ/ي أيضًا:

 حلب..معركة النفس الأخير

ملحمة حلب الكبرى..عين المعارضة على المدينة كلها