06-نوفمبر-2019

كثرة المضادات الحيوية قد تخلق جيلًا أشرس من البكتيريا (The Daily Beast)

نعرف جميعًا مصطلح "التدخين السلبي"، والذي يشير إلى ما يحدث لمن يجلس إلى جانب شخص مدخن فيستنشق معه دخان السجائر المنتشر في الهواء المحيط بهما. 

تؤثر المضادات الحيوية على الجزيئات التي تمتلكها الخلية البكتيرية ولا تمتلكها خلايا جسم الإنسان، وذلك لقتلها أو وقف تكاثرها

لكن، هل يمكن أن ينطبق هذا المفهوم من الضرر السلبي، على المضادات الحيوية أيضًا، فنقول مثلًا: تعاطٍ سلبي للمضادات الحيوية؟

اقرأ/ي أيضًا: البشرية في خطر .. عصر "ما بعد المضادات الحيوية"

علينا أولًا أن نفهم بعض النقاط الأساسية حول المضادات الحيوية، واستخداماتها، كي نتمكن من الوصول للإجابة الشافية على هذا السؤال.

ما هي المضادات الحيوية؟

المضاد الحيوي هو الدواء الذي يستخدم لعلاج التهابات بكتيرية معينة، إما بقتل البكتيريا أو وقف تكاثرها. وأول مضاد حيوي تم اكتشافه، هو البنسلين عام 1928، بواسطة العالم أليكساندر فليمنغ، ولا يزال مستخدمًا حتى يومنا هذا.

المضادات الحيوية

كيف تعمل المضادات الحيوية؟

تؤثر المضادات الحيوية على الجزيئات التي تمتلكها الخلية البكتيرية ولا تمتلكها خلايا جسم الإنسان، مثل الجدار الخلوي الذي يحيط بالخلية البكتيرية لحمايتها، فيكفي أن يقوم المضاد الحيوي على إذابة هذا الجدار لقتل الخلية البكتيرية. ولكن هل الأمر بهذه البساطة؟ 

مع عدو لا يستهان به كالعديد من أنواع البكتيريا الضعيفة فالقوية فالأقوى، لا يمكن أن يكون العلاج بالمضادات الحيوية أمرًا عشوائيًا، فكما أن البكتيريا أنواع عدة، فللمضادات الحيوية أيضًا تصنيفات عديدة ودقيقة، قادرة على التعامل مع سلالات معينة من البكتيريا وغير فعالة مع سلالات أخرى. لذا لا يمكن استخدامها إلا بوصفة طبيب مختص بعد تشخيص دقيق وفحوصات التحليل والزراعة لعينات تؤخذ من المصاب.

على سبيل المثال: يكفي لعلاج الإصابة ببكتيريا "ستافيلوكوكاس أوريوس" في مجرى البول، استخدام الجيل الأول من عائلة البنسلينات، مثل "سيفازولين"، أما إن كان التهاب مجرى البول ناجمًا عن الإصابة ببكتيريا "إشريشيا كولاي"، فإن المضاد الحيوي القادر على التعامل معها بشكل جيد هو أحد افراد الجيل الثاني من عائلة السيفالوسبورينات، مثل "سيفوروكسيم".

وهكذا فإننا ننتقل بخياراتنا من جيل لآخر بين عائلات المضادات الحيوية، بحسب نوع البكتيريا المسببة للعدوى، وذلك لانتقاء المضاد الحيوي الفعال لعلاجها.

لكن، ماذا يحدث إن تناول المريض مضادًا حيويًا بطريقة خاطئة، كأن:

  • يكرر استخدام المضاد لفترة طويلة، أو يستخدمه عدة مرات على فترات متقاربة.
  • يوقف تناول العلاج عند اختفاء أعراض المرض دون إكمال الجرعة الموصى بها.
  • يصف لنفسه الدواء دون استشارة الطبيب.

عند ذلك، تبدأ البكتيريا بحبك الخطط الدفاعية القادرة في كثير من الأحيان على إبطال مفعول المضاد الحيوي ومن هذه الخطط:

الطفرات الجينية: خلال تكاثر البكتيريا فائق السرعة تُخلق تغيرات جينية في تركيب حمضها النووي تمنحها صفات جديدة تجعلها قادرة على مقاومة المضادات الحيوية.

المضادات الحيوية

نقل الجينات: تستطيع خلايا البكتيريا أن تنتقي جينات صفة المقاومة من خلايا بكتيرية أخرى وتلتقطها لتضمها لحمضها النووي.

الضغط الاختياري: عندما يظهر جيل جديد يحمل صفات وراثية مقاومة يصبح هو الجيل السائد لهذه البكتيريا حيث يموت الضعيف ويبقى القوي وتبدأ السلالة الجديدة بالتكاثر حتى تصبح أعدادها بالملايين خلال ساعات.

وهنا تظهر المشكلة الأكثر خطورة للاستخدام الخاطئ للمضادات الحيوية، وهي "المقاومة"، أي عجز المضاد الحيوي عن علاج عدوى بكتيرية كان قادرًا على علاجها في السابق، وخلق أجيال مقاومة أكثر شراسة في مهاجمة جهاز المناعة للمريض، وأكثر قدرة على الانتشار وإصابة المحيطين به بالعدوى، حتى وإن لم يسبق لهم إساءة استخدام المضادات الحيوي. وهنا تحديدًا يتجلى مفهوم "التعاطي السلبي للمضادات الحيوية".

عندما يعجز المضاد الحيوي في القضاء على البكتيريا، تطور الأخيرة من نفسها، وتصبح أكثر شراسة وقدرة على إصابة المحيطين بالعدوى

يكمن حلّ هذه المعضلة في الحدّ من استخدام المضادات الحيوية لأقل المستويات، والتركيز على التثقيف الصحي للعاملين مع المرضى، بضرورة الالتزام بإجراءات التطهير والتعقيم قبل وبعد أي إجراء طبي، وقبل كل ذلك رفع مستوى الوعي العام لكافة أفراد المجتمع بأهمية النظافة الشخصية وخطورة إهمالها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

دراسة حديثة: المضادات الحيوية قد تعيق علاج السرطان!

البطاطا تقوي النظر مثل الجزر.. عن بروباغندا صناعة أساطير الصحة والغذاء