13-يوليو-2018

من أعمال عادل السيوي

منذ عدة سنوات، كان الحديث عن قضايا النسب في مصر من التابوهات المحرمة، حيث تبتلع الضحية قدرها في صمت، ولا تملك سوى التحايل لمواجهة المجتمع، حتى كسرتْ هند الحناوي هذا القيد، في القضية الشهيرة التي رفعتها على أحمد الفيشاوي، ابن الفنان الشهير فاروق الفيشاوي، لإثبات نسب طفلته لينا، القضية شغلت الرأي العام لفترة طويلة، وكان محامو هند وأحمد أبرز الضيوف في مصر لبرامج "التوك شو".

كان محامو هند الحناوي وأحمد الفيشاوي أبرز الضيوف في مصر لبرامج "التوك شو"، خلال قضية نسب الطفلة لينا

بعد إثبات نسب الطفلة، وظهور هند الحناوي في البرامج الحوارية بمظهر المنتصر غير المبالي، بدأت قضية إثبات النسب في مصر تأخذ منحى آخر. فكان ولا يزال سلوك أحمد الفيشاوي ونفيه لنسب ابنته محل غضب من الشارع المصري الذي استطاعت هند الحناوي انتزاع شيء من التعاطف معها، في مجتمع محافظ رفض العلاقة السرية.

اقرأ/ي أيضًا: تحرش جنسي في إعلان "فودافون" المصري!

بطل أبطال قضية النسب هذه المرة فنان تشكيلي هو عادل السيوي، وهو مطالب بالاعتراف بنسب الطفلة ديالا من الصحفية سماح عبد السلام.

يماطل عادل السيوي في إجراء فحص الـDNA الذي يثبت بالضرورة، نسب الطفلة ويحسم القضية. وقد حوّل المثقفون القضية إلى قضية رأي عام، حيث قاموا أولًا بتدشين هاشتاغ #حق_ديالا، كما أصدروا بيانًا للتضامن مع الطفلة، جاء فيه: "بعد مرور عام وخمسة شهور على قضية ديالا، التي رفعتها الصحفية سماح عبد السلام لإثبات نسب طفلتها للفنان التشكيلي عادل السيوي، وعدم خضوع عادل السيوي لإجراء تحليل DNA في المؤسسات التابعة للإشراف القضائي، لم يعد أمام المثقفين والكتاب والفنانين أن يقفوا مكتوفي الأيدي حيال أزمة تدفع ثمنها رضيعة في مجتمع لا يزال يرزح تحت تقاليد بالية وأعراف تلوم الضحية وتبرئ الجاني في كثير من جوانبها".

أما المشكلة الأخرى، فهي قانونية حيث إن القانون لا يضغط بشكل كافِ لحسم هذا النوع من القضايا، إذ تم رفض طلب الأم بخضوع عادل السيوي للفحص في إجراءات التقاضي من الدرجة الأولى، لأن السلطة الكاملة تُعطى للقضاء في إصدار أمر خضوع الأب للفحص من عدمه، أما الأم فلا ملجأ لها سوى الضغط الاجتماعي، والاستمرار في القضية من خلال الاستئناف.

جلسة الاستئناف التالية ستكون في الـ 15 من الشهر الجاري، وقد أكد المثقفون في بيانهم، أنهم يقفون بالأساس مع حق الطفلة في الانتساب إلى والدها عادل السيوي حيث جاء في بيانهم: "نحن لا نقف في صف طرف ضد آخر، ولا نُصدق جانبًا ونكذب الثاني، وإنما تملي علينا ضمائرنا أن نقف في صف الطرف الأضعف، وهو الطفلة ديالا، والدفاع عن حقها في اسم ونسب وهوية، ولا نتهم أحدًا بالتلفيق أو الكذب وإنما نطالب المتنازعين بالخضوع لإجراء التحليل وكشف الحقيقة، وأن يعلن السيوي للمحكمة قبوله بإجراء التحليل والانضمام لطلب المُدعية."

يقف بيان المثقفين المصريين في قضية ديالا مع حق الطفلة في الانتساب إلى أب، وهو ما ينكره الفنان عادل السيوي

يضيف البيان: "إن الموقعين على هذا البيان لا يتدخلون في شأن لا يعنيهم، ولا تخصهم الحياة الشخصية للأفراد، ويؤمنون بحرية الجميع طالما مُورست في إطار القانون واحترام حريات الآخرين، وإذ نعلن عن مطلبنا بإعلان الفنان التشكيلي عادل السيوي أمام المحكمة طلبه للخضوع للطب الشرعي كمطلب أصيل، فإننا لا نبتغي نتيجة معينة، ولا نسعى من ذلك إلا للحفاظ على حق طفلة في إثبات صحة نسبها عبر الإجراء العلمي والقضائي السليم".

اقرأ/ي أيضًا: ما هي السوريالية ومن أبرز من مثّلها من الفنانين؟

هذا النوع من القضايا يُخضع الشخصية العامة لضغط اجتماعي، يجعله إما يمتثل له، أو يستخدمه للشهرة، ففي المجتمعات الشرقية، تبدو المغامرات العاطفية للفنانين أمرًا عاديًا، ويكون الوصم فيه بالدرجة الأولى للطرف الأضعف في العلاقة وهي المرأة التي تواجه المجتمع ورافض النسب، والحياة كأم عزباء مع طفلة، في مجتمع لا يحترم ولا يفهم سوى لغة القوة، وانتزاع الحقوق.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عزيزي المثقف المصري: الأزمنة ليست كلها سوداء

ألكسندر صاروخان.. "المصري أفندي" الذي أهدرنا حقه