12-أبريل-2020

مشروب المتة

دعونا نمارس طقوسنا بحرية كي لا نكتب قناعاتكم على راحة أقدامنا.

ليلة الأمس كتبت عدة ملاحظات على راحة قدمي كردِّ فعلٍ على الذين يتدخلون في حياتنا الشخصية وفقًا لقناعاتهم وأيديوجياتهم الخاصة، وردِّ فعلٍ على سلطة الأبوة والأمومة لدى الكثير من العوائل.

لا أدري لماذا نمت في غرفة شقيقتي الصغرى رغم إني أمتلك غرفة خاصة بي؟ صباحًا استيقظت على سعال أبي، رائحة التبغ تفوح من غرفتهِ، أمي تعد القهوة الصباحية، فهي الأخرى انتهت توًّا من صلاتها بلكنة عربية ركيكة حادة، بنسبة لي وإن كنت متواجدًا في المنزل صباحًا لا أشربُ القهوةِ عادة، المتة هي مشروبي المفضل، رغم أني أشرب أيضًا البيرة، العرق، الويسكي.. ونادرًا ما أشرب الشاي، المتة لهُا مذاق وطقسٌ خاصان.

أبي فشل في تعليمي الأيمان وأنا فشلت في أن أكون حبيبًا وزوجًا، فعلى مدار سبعة وعشرين عامًا مررت بعدة تجارب عاطفية، مِنها رونوشكا ابنة عامودا، قبل أن ترحل قالت لي: أنت تحب سليم بركات ولم تحبني يومًا، وإن أحببتني فستحبني من أجل مكتبة أبي، والآن أحب فتاة في مقتبل العمر شبيه بالفنانة السورية ديما الجندي لها غمزة في الحنك، وإن ضحكت نبتت غمزتان في وجنتيها، لها شاماتٌ مبعثرة، متوسطة القامة، شعرها فاحم منسدل على كتفيها كستار مسرحي، صدرها ممتلئ وأردافها شهية، عيناها يابانية، كلامها غنج حتى لو كانت شتيمة، قبل سبع ساعات كانت نشطة في الافتراض، ليلة الأمس لم ترد على رسائلي، رغم أني كتبت لها العديد من الرسائل، ربما تظن إني أعبثُ معها وأحاول ملء فراغ يومي معها، هي لا تدري إن لا أملك الوقت الكافي لقراءة كتاب شعري، واستقبال صديق في المبيت أو التحدث معه عبر الهاتف مطولًا، مكالمات الهاتف والماسنجر والواتس فقط للضرورة الملحة أردُ عليها.

أدخل غرفتي حاملًا بيدي عدة شرب المتة: قدح صغيرٌ مصنوع من الفخار، وإبريق ماء ساخن قليلًا، ضياء الشمس يتسرب إليها بحقارة، أنظر إلى حيّنا الثيوقراطي من زجاجة النافذة، صمت مخيف يحل على شارعنا لا شيء يلفت نظرك سوء القطط التي تنبش القمامة، وعمال النظافة الذين يخاطرون بحياتهم في سبيل إبقاء الحي نظيفًا، وفي الزاوية الأخرى من الشارع أنظر إلى سلك الكهرباء يمامتان بجانب بعضهما البعض تتبادلان القبل، والسماء مبعثرة بغيوم سواء وأخرى بيضاء.

أتكي على الأريكة التي أعادت اتكائي عليها وأشرب مته بتلذذ لأقرأ أو أكتب شيئًا.

قبل عام قلت لمطرب حفلات شعبية المثل السوري "من قلة الخيل لبسنا البردع للكلاب"، حين ظن نفسه فنانًا مهمًا وله تاريخ في الفن.

الأحمق لم يسمع بتشايكوفيسكي أو برشيد الصوفي، أو حتى بمارسيل خليفة.

أحمق آخر قبل عامين تشاجرت معهُ كلاميًا حين قال سليم بركات لا شيء، فقط يمتلك عدة روايات وبضع مجموعات شعرية لا يقرؤوها سِوى من على شاكتهِ، فهو ليس صاحب وظيفة مرموقة ولا يملك شهادة جامعية وليس لهُ مكانة اجتماعية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

عام العودة

أدباء منتحرون