27-يوليو-2018

كم من مشروع فشل مسبقًا لأنّه لم يحْظَ بشخصٍ يؤمن به (تعبيرية/ التحرير الجزائرية)

أعتذر مسبقًا عن فقداني القدرة على كتابة هذا "القول"؛ فأنا مستاء ومتذمّر، وفاقد لشهيّة الطّعام والكلام. ذلك أنّني فشلتُ فشلًا ذريعًا في إنجاح حملة تنظيف الحومة من أوساخها، بما جعل أطفالها يخافون اللّعب فيها، بسبب ما باتوا يُصادفونه فيها من قوارض وقططٍ عقدت صلحًا بينها وتفرّغت لعضّهم.

أرفض أن أشبه وزير العدل الطيب لوح، الذي أشاد بمجلس قمع الفساد، ثم أعلن عن مشروعٍ لإصلاحه!

كنتُ سأعترف بتقصيري في الحملة الإعلامية لحملة النّظافة لو حدث ذلك فعلًا، فأنا أرفض أن أشبه وزير العدل طيّب لوح، الذّي أشاد بمجلس قمع الفساد، ثمّ أعلن عن مشروعٍ لإصلاحه. هل كان في كامل وعيه حين فعل ذلك؟ أمّا أنا فقد كنت في كامل وعيي حين أوصلتُ المعلومة إلى كامل الجيران: هناك حملة لتنظيف الحومة صبيحة الجمعة.

اقرأ/ي أيضًا: السارق في الجزائر.. من خائن إلى بطل

كادت الشّمس تبلغ سرّةَ السّماء، من غير أن يظهر بالغ واحد! فقلت في نفسي: لا تيأس يا بوكبّة، لا ينبغي أن تحملك قلّة السّائرين في طريق الصّواب على الانسحاب منه. اشرعْ في التّنظيف، ولا شكّ في أنّ رؤية بعضهم لك تفعل ذلك ستحملهم على الالتحاق بك.

كم من مشروع فشل مسبقًا لأنّه لم يحْظَ بشخصٍ يؤمن به، فيلعب فيه دور كاسحة الجليد؟ لم تكن تلك قناعة حارس الحومة، الذي تأمّلني طويلًا، وحين لمس إصراري صبّ عليّ رسالة جديرة بالدّراسة والانتباه: "لاحظت أنّ الجزائريين يكفّون أيديهم عن مساعدة الوافد الجديد على الحومة في إيصال أغراضه إلى البيت الجديد، لكنّهم يتهافتون على مساعدته عند المغادرة".

تكفّلت البنات الثلاث بتجنيد 27  طفلة وطفلًا. متى نملك الشّجاعة الكافية للاعتراف بتفوّق الأنثى الجزائرية اليوم، في روح المبادرة ورعاية الحركة؟ راعيت طفولتهم، فطلبت منهم أن يكتفوا بجمع القارورات البلاستيكية والأوراق وقطع المعادن الصّغيرة. متى نبلغ مقام أن نستحي من كوننا دولةً لا تعيد رسكلة هذه الثّروات؟

كان الشّغل يسير بحماس واضح إلى أن صرخ أحدهم: "جرذ.. جرذ". كان الأطفال سبّاقين في الفرار على البنات، كان قاموسهم المستعمل في التّفاعل مع اللّحظة مفخّخًا بالبذاءة. ركلوا أكياس الوسخ المجموعة، فتناثرت من جديد، ازدادوا وقاحة حين نهرتهم عن ذلك. 

متى نملك الشّجاعة الكافية للاعتراف بتفوّق الأنثى الجزائرية اليوم، في روح المبادرة ورعاية الحركة؟

فحملت نفسي وبناتي إلى بيتي، محاولًا نسيان اللّحظة بالفسْبَكَة. لماذا لا تصنع الحكومات الفاشلة تماثيلَ للسيّد مارك، فقد أنقذها بتوفير فضاء لصرف تشنّجات شعوبها. وفتحت خانة الدّردشة، فوجدت 11 جارًا، قد أرسلوا لي: جمعة مباركة! 

 

اقرأ/ي أيضًا:

ما ذنب الطفل الجزائري؟

مبادرة "من أجل حي نظيف" تعيد الحياة لمدن جزائرية