منذ لحظة فوز الملف القطري بشرف استضافة كأس العالم 2022 لكرة القدم، وضعت اللجنة المنظمة للمسابقة ومن خلفها الحكومة القطرية نصب أعينها تأمين أفضل تنظيم ممكن، وإعطاء القادمين إلى دولة قطر لمشاهدة المونديال فرصة عيش تجربة فريدة واستثنائية على كافة المستويات، فلم تهمل أو تتهاون اللجنة في أي مجال من شأنه أن يؤمن الراحة والرفاهية للزوار.
أحد أهم التحديات كانت مسألة المواصلات خلال المونديال، حيث من المنتظر أن يصل إلى قطر أكثر من مليون ونصف المليون زائر، سيتنقلون من وإلى المطارات، وبين المدن والفنادق والملاعب ومراكز الترفيه، وبالتالي فإن الأمر يستلزم شبكة مواصلات عصرية تؤمّن تنقل الزوار بالوقت المحدد، مع مراعاة أعلى معايير الراحة والرفاهية.
التحدي الأول والأكبر كان إنشاء شبكة مترو تراعي أحدث المعايير العالمية، ولذلك كان هناك مشروع مترو الدوحة، الذي استمر العمل عليه طوال السنوات الماضية، ليبصر النور ويكون جاهزًا لاستقبال الركاب بدءًا من عام 2019.
سيساهم المترو في تقليل زحمة السير في الدوحة خلال المونديال إلى حدّ كبير، حيث سيخف الاعتماد على سيارات الأجرة للتنقل بين الملاعب والفنادق ومراكز الترفيه، وسيستفيد مستخدمو الميترو من مميزات كثيرة، أهمها أن محطات توقفه الكثيرة والمتشعبة، قريية جدًا من جميع المرافق الرئيسية التي قد يقصدها الزائر عبر خطوط المترو الرئيسية الثلاثة، بالإضافة إلى سهولة حجز البطاقات وانخفاض سعرها، ورحابة العربات ما يجلعها مناسبة للأفراد والعائلات على حد سواء.
ثلاثة خطوط تأخذك إلى أي مكان في الدوحة
الخط الأول الذي افتتح في البدء، يعرف باسم الخط الأحمر، وهو يمتد على طول 40 كلم، ويصل بين الوكرة ومدينة لوسيل التي ستحتضن المباراة النهائية، وتكمن أهميته أيضًا بكونه يربط مطار حمد الدولي بالسيتي سنتر أحد أهم مراكز التسوق والترفيه. يضمّ هذا الخط 18 محطة، من بينها الحي الثقافي ـ كتارا الذي يحوي الملعب الروماني، المطار القديم وجامعة قطر.
الخط الثاني هو الخط الأخضر، هو بنصف طول الخط الأحمر تقريبًا، يمتد بين الرفاع والجديدة، ويضم 11 محطة، أبرزها المدينة التعليمية ومكتبة قطر الوطنية، وهما معلمان قد يرغب الكثير من زوار قطر بالعروج عليهما، فيما يمتد الخط الذهبي على طول 14 كلم وهو أقصر الخطوط، يضم أيضًا 11 محطة أبرزها سوق واقف والمتحف الوطني.
تتلاقى الخطوط الثلاثة عند محطتي مشيرب والبدع، حيث يمكن للمستخدم الانتقال من خط إلى آخر، فمثلًا للانتقال من مطار حمد الدولي إلى المدينة الرياضية، عليك استخدام الخط الأحمر بدايةً، ثم الانتقال إلى الخط الذهبي.
مشروع المترو الذي تم تنفيذه بإشراف شركتين يابانية وفرنسية، سيتضمن أيضًا وضع 75 قطارًا بالتصرف، يتألف كل منها من ثلاث عربات، ويسير بسرعة 100 كلم في الساعة، ومن شأنه أن يحدّ من 30 % من الانبعاثات الحرارية الناجمة عن عوادم السيارات، ويوفر ما يقارب 900 مليون دولار في السنة.
يعتبر مترو الدوحة واحدًا من أسرع شبكات المترو في العالم، وتبلغ سرعته حوالى 100 كلم/ساعة، الأمر الذي سيتيح للزوار توفير الوقت والقيام بأكبرعدد من النشاطات، وقد صنفته شبكة سي. إن. إن من بين شبكات المترو الأكثر تقدمًا على الإطلاق، وأشادت بشكل خاص بخدمات التكنولوجيا الانترنت المتوفره في العربات، وبوسع المحطات وأناقتها، واحتوائها على متاجر ومراكز تسوق وترفيه.
بلغت تكلفة بناء شبكة المترو في دولة قطر حوالى 30 مليار دولار، وصحيح أنه بني وصمم بهذه الطريقة ليكون جزءًا رئيسيًا من خطة استضافة كأس العالم، حيث سيربط بشكل مباشر مطار حمد الدولي بخمسة من الملاعب الثمانية التي تستضيف المسابقة، ألا أنه يدخل ضمن خطة التنمية المستدامة التي وضعتها قطر، وتسهيل أمور التنقل فيها مع توفير الوقت، المال والمحروقات، كل هذا في سبيل خلق بيئة آمنة وصحية ومدن صديقة للإنسان.
