20-أغسطس-2021

تتراجع فعالية لقاح فايزر بشكل طفيف بعد عدة أشهر من تلقي الجرعتين (Getty)

ألتراصوت- فريق الترجمة 

تغيرت في الآونة الأخيرة العديد من الأمور والعادات بين الناس. فبعد أن كنا نسأل في الحوارات السريعة مع الأصدقاء عن العمل وآخر المطاعم التي زرناها أو عن العطلة أو الأعمال، صار الناس يبادرون بالسؤال عن أمور لها علاقة بجائحة كورونا، وما إذا كان الشخص مقتنعًا باللقاح أو لا، وأسباب ذلك، أو إن كان قد أخذ اللقاح، فالسؤال التلقائي هو السؤال عن نوع اللقاح الذي أخذه: صيني، أمريكي، بريطاني؟ وقد ازداد الاهتمام بنوع اللقاح الذي حصل عليه الشخص، ولاسيما مع وجود بعض التعليمات في بعض الدول بخصوص سفر وحركة الأفراد، وما إذا كان من الضروري الحصول على جرعة معزّزة ثالثة من هذا اللقاح أو ذاك، مع تداول أخبار عن تسجيل تراجع في فعالية بعضها في الحماية من مرض كوفيد-19.

لقاح فايزر يوفر وقاية فورية أعلى ضد متحوّر دلتا من فيروس كورونا الجديد مقارنة بلقاح أسترازينيكا

وفي دراسة هي الأكبر من نوعها حتى الآن، استعرضها موقع هافنغتون بوست، درس باحثون من جامعة أكسفورد، بالتعاون مع مكتب الإحصاءات الوطني في المملكة المتحدة، نتائج مليونين ونصف المليون فحص، من أجل تعقب مستوى فعالية اللقاحات المختلفة في الوقاية من المرض.

وقد تبين أن لقاح فايزر-بيونتيك يوفر وقاية فورية أعلى ضد متحوّر دلتا من فيروس كورونا الجديد مقارنة بلقاح أسترازينيكا، إلا أن الإشكال الذي لاحظوه يتعلق بالتلاشي السريع لفعالية اللقاح بعد فترة قصيرة من تلقيه.

فبعد أربعة أو خمسة أشهر، يكون مستوى الحماية لكلا اللقاحين متشابهًا إلى حد بعيد، ولم تتوفر البيانات الكافية للوصول لنفس الملاحظة في حالة لقاح موديرنا، إلا أن الباحثين واثقون من أنّه يوفر نفس المستوى من الحماية عبر فترة مشابهة.

لقاح فايزر يوفر فعالية فورية بنسبة تعدّ الأعلى مقارنة ببقية اللقاحات (Getty)

ماذا يعني أن يكون لقاح فايزر أقل فعالية ضدّ متحوّر "دلتا"؟

في المملكة المتحدة، قام الباحثون بتحليل نتائج الفحوص خلال شهر أيار/مايو الماضي، وهي الفترة التي تفشّت فيها النسخة المتحورة من فيروس كورونا، المعروفة باسم "دلتا"، وعني البحث بشكل خاص بتلك الفترة بالتحديد. وبالرغم من أن اللقاحات الثلاثة، فايزر وموديرنا وأسترازينيكا، قد تراجعت مستويات حمايتها ضد متحور دلتا بشكل ملحوظ، مقارنة بالنسخة ألفا من الفيروس، إلا أنّ الثلاثة كانت فعّالة في الوقاية من المرض أو الإصابة بمضاعفات شديدة منه.

وفي حالات الإصابة بالعدوى الشديدة، التي فيها تركيز أعلى من الفيروسات، فقد بين الباحثون عبر تحليل البيانات بأن مستوى الحماية، بعد شهر من الحصول على الجرعة الثانية من لقاح فايزر، كان أعلى بنسبة 90 بالمئة مقارنة بمستوى الحماية لدى الأشخاص غير الحاصلين على اللقاح، ثم تبدأ هذه النسبة بالتراجع بشكل طفيف، لتصل إلى 85 بالمئة بعد الشهر الثاني من الجرعة الثانية، ثمّ إلى 78 بالمئة بعد انقضاء الشهر الثالث.

أما بالنسبة للقاح أسترازينيكا، فكانت النسب على التوالي 67 بالمئة، ثم 65 بالمئة، ثم 61 بالمئة. أما بعد الشهر الرابع، فكانت مستويات الحماية التي يوفرها اللقاحان متشابهة إلى حد بعيد.

وقد أوضح الباحثون بأن الجرعة الأولى من موديرنا توفر مستويات أعلى من الحماية من متحور دلتا، مقارنة بالجرعة الأولى من اللقاحات الاخرى، إلا أنّه لم يتوفر لدى الباحثين في المملكة المتحدة القدر الكافي من البيانات لتتبع مستويات الحماية التي يوفرها موديرنا بعد الجرعة الثانية.

كما بينت الدراسة أن الزمن الفاصل بين الجرعات لا يؤثر على الفعالية العامة للقاح في الوقاية من كوفيد-19، وأن الأفراد الأصغر سنًا (بين 18 و34) يحظون بمستوى أعلى من الوقاية بفضل اللقاح، مقارنة بالأشخاص الأكبر سنًا (بين 35 و64).

هل الأمر يستدعي القلق؟

الجواب هو لا، هذه البيانات لا تستدعي القلق، وذلك لأن التراجع المسجّل طفيف عمومًا، وفعالية معظم اللقاحات المعتمدة ما تزال عالية في الوقاية من كوفيد-19 أو التعرض لمضاعفات شديدة منه، والسبب الأساسي لذلك هو أن اللقاحات موضوع الدراسة توفّر مستويات عالية جدًا من الحماية من البداية، تصل إلى أكثر من 90 بالمئة بالنسبة لفايزر. وهذا يعني أن الحصول على جرعتين من اللقاح هو الطريقة الأفضل لوقاية نفسك وغيرك من عدوى فيروس كورونا الجديد.

قد يحتاج كبار السنّ إلى جرعة معززة ثالثة من لقاحات كورونا (Getty)

كما أن البيانات التي استعرضها البحث لا تتضمن الحديث عن معدلات الإصابة بمضاعفات شديدة من المرض، أو الاضطرار للإدخال إلى المستشفى بعد الإصابة بالعدوى، وهذا العنصران بالغا الأهمّية عند تقييم الفعالية العامة للقاحات، والتي تظهر بأنها تساعد بالفعل على الوقاية من التعرض لمثل هذه المشاكل.

هل هذا يعني أن هنالك لقاحًا أفضل من الآخر؟

قد يكون من الصعب الوصول إلى جواب مباشر لهذا السؤال. يمكن القول إن ثمة اختلافات بين اللقاحات، لكن يصعب تقديم حكم بتفضيل لقاح على آخر.

ففي المملكة المتحدة مثلًا، يتم استخدام ثلاثة لقاحات، هي استرازينيكا وفايزر وموديرنا، وجميعها أثبتت فعالية عالية في الوقاية من الأعراض الشديدة من كوفيد-19، والحد من معدلات الإدخال إلى المستشفيات للعلاج من المرض، كما أنها جميعًا فعالة ضد متحور دلتا من الفيروس، خاصة بعد الحصول على الجرعة الثانية.

إلا أن أسترزينيكا قد يكون أقل فعالية من فايزر، ومع ذلك فإن الفعالية على المدى الطويل تجعل الحكم أكثر تعقيدًا، نظرًا إلى أنّ فعالية فايزر تتلاشى بسرعة بعد الشهر الثاني والثالث، في حين يظهر أن مستوى الوقاية التي يوفرها لقاح أسترازينيكا أكثر ثباتًا مع الزمن، على الرغم من انخفاضها المبدئي عن نسبة الوقاية التي يوفّرها فايزر. في المقابل، نجد أن جرعة واحدة من لقاح موديرنا توفر وقاية أعلى ضد متحور دلتا، مقارنة بلقاح فايزر، حتى بعد الحصول على جرعتين منه.

هل سيتم اعتماد جرعة معززة ثالثة من لقاحات كورونا؟ 

يميل الخبراء إلى التوصية بالحصول على جرعة معززة ثالثة من لقاحات كورونا، خاصة إن كانوا يعانون من مشاكل في المناعة، أو كانوا من الفئات الأعلى تضررًا من كوفيد-19، مثل الكبار بالسن أو المصابين بأمراض مزمنة.

يميل الخبراء إلى التوصية بالحصول على جرعة معززة ثالثة من لقاحات كورونا، خاصة إن كانوا يعانون من مشاكل في المناعة

ففي الولايات المتحدة، أعلنت إدارة الغذاء والدواء عن توصيتها بخصوص تلقي من يعاني من ضعف في نظام المناعة الطبيعي لجرعة معززة ثالثة من لقاحات كورونا، وبالتحديد فايزر وموديرنا، وهو قرار يتوقّع أن يتم اعتماده في الدول الأخرى التي تعتمد هذين اللقاحين، ومن بينها المملكة المتحدة، والعديد من الدول الأخرى حول العالم. كما يمكن أن تشمل التوصية لقاحات أخرى، مثل لقاح استرازينيكا، حيث ستوصي هيئة مراكز التحكم والوقاية من الأمراض (CDC) بتأمين جرعة معزّزة ثالثة لبعض الأفراد الذين يعانون من مشاكل في جهاز المناعة، وللأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بأعراض شديدة من المرض، أو الدخول إلى المستشفى بسببه.

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

هل يحتاج ضعيف المناعة إلى جرعة معززة ثالثة من لقاحات كورونا؟

ماذا يعني أن يكون لقاح فايزر أقل فعالية ضدّ متحوّر "دلتا"؟

موديرنا ونوفافاكس تسعيان لتطوير لقاح يوفّر المناعة ضد كوفيد-19 والإنفلونزا