31-يوليو-2016

عصام حجي أثناء حديثه مع تلفزيون العربي لشرح مبادرته

في أجواء شديدة الاحتقان في مصر وفي ظل تفكك شديد في أي حراك شعبي في مواجهة النظام، خرج عصام حجي عالم الفضاء المصري والمستشار السابق لرئيس الجمهورية "عدلي منصور"، بمبادرة مشروع يرجو أن يتجمع حوله قوى يناير من الشباب وحركات التغيير، لإعداد برنامج للترشح الرئاسي لانتخابات الرئاسة عام 2018. وقد أكد حجي أن دوره يقتصر على مساهمات خاصة به في الملف العلمي دون أن يكون له أدوار أخرى في المبادرة.

 ردود الأفعال التي استقبلت مشروع حجي في مصر، جاءت متباينة، البعض رآها تحريكًا للمياه الراكدة، والآخرون اتهموها بإعادة تجربة فاشلة

المشروع الذي يسعى حجي لتقديمه يركزعلى قضايا خمس: التعليم، الصحة، المرأة، الاقتصاد والمساواة ولم يتحدد حتى الآن أعضاء هذه المبادرة أو الفريق الرئاسي، حسب تصريحاته.

اقرأ/ي أيضًا: الجولاني ينفصل عن القاعدة، إلى أين؟

يريد حجي لهذا المشروع أن يجمع حوله الفرقاء بغض النظر عن الاستقطاب الحادث في الأوساط السياسية في مصر فيرحب بمؤيدي السيسي أو مبارك أو المنتمين للإخوان طالما كان هناك بين أيديهم جديد يقدمونه في مجال التعليم، وفي إطار المصالحة الوطنية.

وفي لفتة جريئة منه دعا عصام حجي القوات المسلحة إلى التنازل عن جزء من نفقاتها لصالح مشاريع تعليمية في مصر، مشيرًا إلى أن التعليم هو سلاح مصر الأول في مواجهة الفشل الذي تعاني منه على مستويات مختلفة وفي مواجهة الأفكار المتطرفة، مؤكدًا أن الأفكار تحاربها الأفكار.

ثغرة في الجدار

ردود الأفعال التي استقبلت مشروع حجي في مصر، جاءت متباينة، كما هو متوقع. أما من استحسن المبادرة فرأى أنه حجرًا يُلقى في مياه السياسة الراكدة في مصر، ويرى أن السياسة كأداة للتغيير في مصر قد تم تهميشها في السنوات الأخيرة، كما عبر السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق. 

الحديث عن السياسة المغلقة، كان محور الدفاع الرئيسي عن مبادرة حجي، فالبعض يرى أنه في غيبة أي مساحة للتنظيم والتحرك بشكل حالي، يكون العمل لمشروع متوسط المدى، مثل الاستعداد لانتخابات الرئاسة في 2018، هو الثغرة الوحيدة التي يمكنها فتحها الجدار.

حجي الذي اشتهر، وقت كان مستشارًا لرئاسة الجمهورية، بمعارضته الشديدة من جهاز معالجة فيروس سي، الشهير بـ"جهاز الكفتة"، دافع عنه البعض، بكونه يحظى بشيء من الاستحسان في ظل معارك سياسية عديدة استطاعت أن تنال وتشوه العديد من الشخصيات السياسية في مصر، وأن مبادرته تركز على الأفكار وتهمش الأشخاص منعًا لشخصنة المشروع وحصره في شخص أو جهة. كما يرى آخرون أن حجي يقدم الإجابة للسؤال الذي كان يُطرح دوما عن "البديل" السياسي الحقيقي بين مرشح المؤسسة العسكرية ومرشح الإخوان من ناحية أخرى وأن هذا المشروع قد يكون منقذًا من كارثة محتملة.

اقرأ/ي أيضًا: مصر..النظام يختبئ خلف ميج-35

تجربة مكررة

على الجانب الآخر، أبدى معلقون عدم ارتياحهم لمبادرة حجي لكونها تكرر تجربة فشلت بالفعل، مشيرين إلى تجربة عودة محمد البرادعي إلى مصر في 2010 وقيادته لحملة التغيير من أجل الاستعداد لانتخابات 2011. وعلقوا بأن شخصية حجي غير المسيسة لا تؤهله ليلعب دورًا سياسيًا واضحًا. 

كما وجه الكثيرون سهام النقد لتجربة حجي في العمل كمستشار للجمهورية، أن انخداعه بالنظام المتكون بعد الانقلاب العسكري، والعمل تحت إمرته، يؤكدان على قصور نظرته السياسية، حتى لو أعلن الرجل نقده بنفسه للتجربة التي خاضها.

في مواجهة ذلك، دافع المتحمسون للتجربة عن مبادرة حجي، بأن مبادرة البرادعي نفسها، لم تكن فاشلة تمامًا، وأنها كانت من ضمن كرات الثلج التي أنتجت ثورة يناير، ولا تتحمل في ذاتها فشل تجربة الثورة، الفشل الذي يظل له أسبابه الخاصة بالصراعات التي تكونت بين القوى التي أفرزتها الثورة، وليس غير ذلك.

هل يمكن للمشروع أن ينتهي قبل أن يبدأ؟

 مبادرة حجي تأتي وسط تخوفات عديدة من أن يكون مصيرها هو التشويه والمحاربة بكل الوسائل الممكنة من قبل الدولة، خاصة في هذا التوقيت الذي يقوم به رجال أعمال، قريبون من السلطات، بشراء مؤسسات صحفية ومواقع إخبارية وإعادة هيكلتها وتوجيهها لبث ما يراه النظام، وخاصة وأن المؤسسة الرئاسية في مصر حريصة دومًا على أن تتأكد من ولاء كل منابر الإعلام لها.

في المقابل، أكد حجي، في لقائه مع تلفزيون العربي، أن الاعتماد على وسائل الإعلام التقليدية أمر غير واقعي، وفي ظل وجود مواقع السوشيال ميديا، خصوصًا وأنها توفر البديل الحقيقي الذي يصل للناس، كما ذكر في معرض حديثه أن المشروع يخاطب مجموعات شبابية يمكنها أن تصل للناس أكثر.

ويرى مراقبون أنه من المبكر الحكم على مدى صلاحية الأجواء السياسية في مصر لمبادرة حجي، كما يبقى المشروع نفسه غير واضح المعالم حتى يتم الحكم عليه، ولكن من المؤكد أن الأيام القادمة في مصر، ستشهد نقاشًا محتدمًا حول المبادرة وأهدافها ورؤيتها، وهو نجاح يحسب للمبادرة مهما كان مصيرها.

اقرأ/ي أيضًا: 

النازحون في العراق..مخيمات الموت المهملة

2016..النظرية التي تفسر عامًا سيئًا للغاية