14-أبريل-2016

(Getty)

انطلقت في العاصمة السويسرية جنيف، محادثات السلام غير المباشرة بين المعارضة السورية والنظام السوري، الذي لن يصل وفده قبل يوم 15 من الشهر الحالي، بحجة الانتهاء من الانتخابات البرلمانية، بعد مرور أسبوعين على المباحثات الأخيرة التي لم تشهد أي تقدم يذكر في مسار العملية التفاوضية، وإصرار الحكومة السورية على إجراء الانتخابات التشريعية للبرلمان، بمشاركة أكثر من 3500 مرشح، وسط انتقادات من المعارضة السورية، والمجتمع الدولي للنظام السوري في مضيه قدمًا في إجراء الانتخابات التشريعية التي يشكك في نزاهتها كافة الأطراف الدولية، باستثناء حلفاء النظام السوري.

محادثات جنيف متأزمة، تتمسك المعارضة السورية بإجراء انتقال للسلطة في سوريا، بدون الأسد، وهو ما يرفضه الحليف الروسي للنظام السوري

اقرأ/ي أيضًا: ماذا بعد هزيمة داعش؟

المشهد العسكري

وتشهد الخريطة العسكرية في سوريا، بالتزامن مع انطلاق مباحثات السلام، تصعيدًا من كافة القوى العسكرية المتواجدة على الأراضي السورية، ويأتي في مقدمتها الكتائب المبايعة لتنظيم "الدولة الإسلامية"، في جنوب العاصمة دمشق.

إذ أحكم تنظيم الدولة يوم أمس سيطرته على ما يقارب 60% من مساحة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، بعد انتهاء اتفاق الهدنة مع "جبهة النصرة"، التي التزمت في فترة سابقة الحياد، عندما هاجم عناصر الدولة، كتيبة "أكناف بيت المقدس"، وسيطر على مفاصل الطرق في مخيم اليرموك، قبل أن ينقلب على النصرة، ويسيطر على مساحات واسعة من المخيم.

كما أصدرت القيادة العامة لـ "لواء شهداء اليرموك"، المبايع لتنظيم "الدولة الإسلامية"، منذ يومين بيانًا طالبت فيه سكان عددٍ من القرى في مدينة درعا "إخلاء منازلهم بأقرب وقت ممكن"، بحجة اقتحامها لهذه القرى التي تتخذها "الصحوات" مركزًا لها، حيث تشهد أطراف سد سحم الجولان ومحور العلان اشتباكاتٍ عنيفة بين الطرفين.

وتشهد محافظة حلب توترًا ملحوظًا، بعد أنباء عن حشد النظام السوري لقواته مدعومًا بالقوات الإيرانية الخاصة والميليشيات الداعمة له، وهو ما أعلنه منذ أيام رئيس الحكومة السورية وائل الحلقي، بهدف السيطرة على محافظة حلب، التي ستكون المفصل الأساسي في مباحثات السلام الحالية.

بينما ذكرت تقارير صحافية عن حشد "جبهة النصرة"، لما يقارب 9500 مقاتل، لصد الهجوم المتوقع شنه في أي لحظة من قبل النظام السوري، الذي خسر بلدة العيس منذ يومين، بعد أن نفذت عناصر تابعة للنصرة وفصائل من المعارضة السورية، هجومًا مضادًا استطاعوا من خلاله استعادة السيطرة على البلدة من "حركة النجباء" العراقية و"حزب الله" اللبناني وميليشيات من جنسيات مختلفة.

اقرأ/ي أيضًا: هل كان صدام حسين إسلاميًا في أواخر حكمه؟ 

المشهد السياسي

وعلى وقع الخريطة العسكرية المتشابكة المعالم، تدخل الأطراف المتحاورة مباحثات السلام، وسط العديد من السيناريوهات التي يحاول كل طرف أن يكسبها لصالحه.

ويعتمد النظام السوري في المفاوضات على ثلاث ورقات ضغط يظن أنها ستحقق له مكسبًا مهمًا في المفاوضات، أولها إجرائه الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد، علمًا أن مباحثات السلام السورية كان من المقرر إجرائها في الحادي عشر من الشهر الحالي، قبل أن يعود المبعوث الأممي ديميستورا ويعلن عن تأجيلها ليوم الثالث عشر من ذات الشهر، بالتزامن مع بدء الانتخابات التشريعية.

ويستند النظام السوري في الورقة الثانية، على التقدم الذي يحققه تنظيم الدولة على أطراف العاصمة دمشق، وأهمها التقدم الذي حصل يوم أمس في مخيم اليرموك، ما يجعلها ورقة ضغط على الأطراف المعارضة، بحجة مكافحة الإرهاب التي ينتشر في سوريا، إضافة لاستعادة النظام السوري لمدينة تدمر الأثرية من تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ ما يقارب عشرة أيام.

وتظهر الورقة الثالثة في خروقات اتفاق الهدنة بين المعارضة السورية والنظام السوري، من قبل "جبهة النصرة"، وعددٍ من الفصائل المقاتلة على الأرض، التي شنت هجومًا معاكسًا بعد تنفيذ الانسحاب الروسي "الشكلي" من سوريا، والتي سيحاول الضغط من بوابتها، رغم أن معظم التقارير الدولية التي توثق خروقات الهدنة، سجلت أرقامًا عالية تدين النظام السوري في خروقاته المتكررة لبنود الهدنة، والتي ساعدته في استعادة عددٍ من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية.

ويبرز إلى جانب أوراق الضغط التي يعتمد عليها النظام السوري، تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي توقع إجراء انتخابات رئاسية في ظل دستور جديد خلال الفترة المقبلة.

فيما تدخل المعارضة السورية الحوار وفي يدها ورقة التقرير الأخير، الذي نشرته مجلة "نيويوركر" الأمريكية، ويتحدث عن وجود أكثر من ستة آلاف وثيقة تدين هرم النظام السوري بشار الأسد، المسؤول المباشر عن عمليات التعذيب والقتل والتهجير في سوريا، وعلى الرغم من أن التقرير لن يساعد كثيرًا في حسم العملية التفاوضية لصالح المعارضة السورية، نتيجة تمسك الروس ببقاء بشار الأسد رئيسًا لسوريا، بصلاحيات محدودة خلال المرحلة الانتقالية.

كما ستحاول المعارضة السورية جاهدًة، الضغط على ورقة إجراء الانتخابات التشريعية والتشكيك بنزاهتها، وبالأخص أنها تقام على ثلث الأراضي السورية، في ظل غياب أكثر من 50% من السوريين المهجرين من أراضيهم، والتي وصفتها الخارجية الفرنسية بـ "انتخابات صورية"، يجريها "نظام قمعي دون مراقبة دولية".

وتتمسك المعارضة السورية بخيار إجراء انتقال سياسي للسلطة في سوريا، بدون بشار الأسد، الذي تصر على رحيله، وهو ما يرفضه الحليف الروسي للنظام السوري، الذي لا يزال متمسكًا بإجراء مرحلة انتقال سياسي، مع بقاء بشار الأسد رئيسًا.

من المرشح أن تنتهي هذه المفاوضات، في ظل الخريطة الحالية للمشهد السوري، إلى الإعلان عن تمديدها لفترة زمنية جديدة، خصيصًا وأن حديث انهيار اتفاق الهدنة، بدأ يراه معظم محللي وسائل الإعلام العربية، في ظل استهداف الطيران الحربي السوري للعديد من مناطق المدنيين في مناطق سيطرة المعارضة السورية، ومحاولته التقدم في معظم المدن الخارجة عن سيطرته، وعلى رأسها مدينة حلب العاصمة الاقتصادية لسوريا.

اقرأ/ي أيضًا:

هل سيتم تعديل دستور تونس؟

سلمان في القاهرة..السعودية تحاول ضرب إيران من مصر