في أعقاب ما وصفه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بـ "يوم التحرير" الاقتصادي، تسببت موجة جديدة من الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات، التي تصل إلى 50%، في خسائر فادحة لعمالقة الاقتصاد الأميركي. وقد رافق ذلك تحذيرات من تبعات كارثية على سلاسل التوريد والأسواق المالية، مع تهديد بارتفاع الأسعار وتراجع إنفاق المستهلكين.
كما شهدت الأسواق الأميركية انهيارات دراماتيكية في أسعار أسهم أبرز الشركات، في وقت يسود فيه القلق من دخول الاقتصاد العالمي في نفق ركود جديد. صحيفة 'الغارديان" البريطانية سلطت الضوء على أبرز القطاعات والعلامات التجارية الأميركية المتضررة من تصعيد ترامب التجاري.
تُعد شركات التكنولوجيا الأميركية من أكثر المتضررين، نظرًا لاعتمادها الكبير على التصنيع في آسيا
التكنولوجيا: آبل، أمازون، وإنفيديا في قلب العاصفة
تُعد شركات التكنولوجيا الأميركية من أكثر المتضررين، نظرًا لاعتمادها الكبير على التصنيع في آسيا، خاصة الصين. آبل، عملاق التكنولوجيا العالمي، فقدت أكثر من 300 مليار دولار من قيمتها السوقية يوم واحد، في أكبر انخفاض يومي منذ 2020، وسط مخاوف من تضاعف تكلفة منتجاتها مثل هاتف "آيفون" نتيجة الرسوم الجديدة، التي بلغت 34 % على المنتجات القادمة من الصين.
كما لم تسلم الهند وفيتنام ،وهما مركزان رئيسيان لتجميع أجهزة آبل، من الرسوم، حيث فرضت عليهما الولايات المتحدة رسومًا بنسبة 26 % و46 % على التوالي.

أما أمازون، التي تعتمد بشكل كبير على البائعين من الصين، فقد خسرت نحو 190 مليار دولار من قيمتها السوقية. ووفقًا لتحليلات 'MarketPlace Pulse'، يشكل البائعون من الصين أكثر من 50% من سوق أمازون للبائعين من الطرف الثالث.
إنفيديا، الرائدة في صناعة شرائح الذكاء الاصطناعي، شهدت هي الأخرى نزيفًا في السوق، بخسارة بلغت 210 مليارات دولار بعد فرض رسوم بنسبة 32 % على المنتجات القادمة من تايوان، حيث تقع مصانعها الرئيسية.
الأزياء: نايكي، غاب، وليفايس على خط النار
الرسوم الجمركية الجديدة طالت الدول الآسيوية التي تُعد القلب النابض لصناعة الملابس الجاهزة، ما وضع علامات تجارية كبرى مثل نايكي، ليفايس، وغاب تحت ضغط كبير.
نايكي، التي تُنتج 95 % من أحذيتها في الصين وفيتنام وإندونيسيا، فقدت نحو 13 مليار دولار من قيمتها في السوق. كما أن 60 % من ملابسها تُصنّع في فيتنام، الصين، وكمبوديا، ما يجعلها عرضة لتضخم كبير في تكاليف سلاسل التوريد.

غاب، التي تعتمد أساسًا على فيتنام كمصدر رئيسي، سجلت انخفاضًا بأكثر من 20% في قيمة سهمها، بينما هبط سهم ليفايس بـ14%، وسهم أندر آرمور بنسبة 19%.
السفر والترفيه: بوينغ، ديزني، وشركات الرحلات البحرية تتضرر بشدة
القطاع السياحي لم يسلم بدوره من الخسائر، وسط توقعات بتراجع عالمي في الإنفاق على السفر والترفيه. شركة بوينغ، تراجعت أسهمها بأكثر من 10%، بعد انهيار اتفاقيات حرية التجارة الجوية مع أوروبا التي استمرت 45 عامًا. شركات الرحلات البحرية، مثل Norwegian Cruise Line، Carnival، وRoyal Caribbean، فقدت مجتمعة حوالي 10 مليارات دولار في السوق خلال يوم واحد.
أما ديزني، عملاق الترفيه، فقد تراجعت أسهمها بنسبة قاربت 10 %، نتيجة التأثيرات المزدوجة على منتزهاته الترفيهية ورحلاته البحرية.
ومع استمرار الردود الانتقامية من الدول المتضررة، وعلى رأسها الصين، والتقلبات الحادة في الأسواق، يبدو أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مدى قدرة الاقتصاد الأميركي على الصمود أمام عواقب هذه السياسات الحمائية. وإذا استمر التصعيد، فإن قطاعات أخرى قد تنضم قريبًا إلى قائمة الخاسرين، في مشهد يعيد إلى الأذهان توترات الحروب التجارية السابقة، لكن على نطاق أوسع وأكثر تأثيرًا.