04-يوليو-2017

أهالي الرقة المدنيين هم الضحية الدائمة للحرب (أليس مارتينز/ واشنطن بوست)

أعلنت حكومة العبادي نهاية تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العراق، وتحرير الموصل، بعد حربٍ دامت قرابة عام، كانت حكومة العبادي قد أعلنت حينها أنها لن تتجاوز ثلاثة أشهر. وشهدت عملية "التحرير" تلك تهجير مئات آلاف العراقيين، وتدميرًا كبيرًا في بنية المدينة المعاصرة والتاريخية.. واليوم انتهى داعش والموصل إلى المجهول.

دفع أهل مدينة الرقة دمهم ثمنًا للبقاء وللهروب، ففي طريق الهروب قتلتهم طائرات التحالف، وفي البقاء قتلهم داعش

في الجانب الآخر حيث المعقل السوري لتنظيم داعش، ثمة مدينة عريقة ومحاصرة، والتحالف الدولي يفتك بأهلها، فيما المليشيات الكردية تحت مسمى "سوريا الديمقراطية"، تعلن عن حصار المدينة بشكل كامل بعد تحرير كل القرى المحيطة بها.

الرقة ودير الزور آخر معقلين كبيرين للتنظيم في سوريا، وتشهدان المعارك الأخيرة لنهايته، كما تعلن كل الأطراف المتواجدة في البلاد، وهي كثيرة وتتسابق للسيطرة على المدينتين، وكل الأطراف لا يهمها في إنجاز المعركة سوى إعلان هزيمة يشبه إعلان العبادي، على حساب شعب محاصر منذ سنوات دفع ثمنًا باهظًا لكل أشكال الاحتلال التي كان التنظيم الوحشي آخرها.

اقرأ/ي أيضًا: تطورات معركة الرقة.. مقتل البغدادي مرة أُخرى!

قبل الرقة بقليل دفع الرقاويون دمهم ثمنًا للبقاء والهروب من المدينة، وفي الطريق إلى النجاة، قتلتهم طائرات التحالف كضحايا لإنجاز النصر، وعندما قرروا البقاء متشبثين بأرزاقهم وبيوتهم، قتلهم داعش باسم الدين وتعاليمه.

قبل الرقة بقليل، هناك سوريا الديمقراطية بكردها وعربها وسلاحها الأمريكي، قتلت الرقاويين باسم القضاء على إرهاب داعش، وهجّرت من هجّرت منهم، وأهانت من أهانت، والراغبون بالعودة اليوم إلى بيوتهم في القرى المحيطة بالمدينة، يحتاجون جواز سفر إليها.

رجل يشكو ضرب أطفاله وزوجته، وعندما حاول حمايتهم ضربه العسكر السوريون الديمقراطيون حتى سال دمه، وأما جارته العجوز، فأهانوها بما استطاعوا من جبروت، فقط لأنها طلبت العودة إلى بيتها: "هو بيتي". وفي الطرق المحفوفة بالموت والخلاء، رافق المُهجَّرين صوت الرصاص فوق رؤوسهم، لا يريدون لهم بيوتًا أو أمنًا أولئك المنذورون لإنقاذهم.

في دير الزور، المدينة المجاورة وفي ريفها، ما زال طيران التحالف يلقي بقنابله التي تقتل المئات من الأطفال والنساء، وفقط تعلن قيادته عن فتح تحقيقات بأخطاء تقتل البشر ولا توقف الحرب، وفي مدينة الميادين وحدها تجاوزت الأخطاء مئات القتلى، والضحايا الأبرياء المحاصرون ينتظرون اعتذار القنابل.

في الطريق إلى الرقة ستُعلن انتصارات الوهم، ليس لأن داعش لا ينته أو يموت، ولكنها الوسيلة الوحيدة لبناء دويلة جديدة فاشلة

في الطريق إلى الرقة ودير الزور ستعلن انتصارات الوهم، ليس لأن داعش لا ينتهي أو يموت، ولكنها الوسيلة الوحيدة لبناء دويلة جديدة فاشلة، ليس فيها سوى القتلى والمعاقين والقبور والبكاء وذكريات الحرب، وفي الطريق إلى الرقة ستعلن دول جديدة هجينة مؤقتة الصلاحية، كردية وعربية وغربية، دويلات صالحة فقط لإطالة الحرب وإنجاز ما وعد الحلفاء وأتباعهم من رعاع القبائل والحاقدين العنصريين الباحثين عن شبه دولة في شبه أرض موعودة.

اقرأ/ي أيضًا: خسائر سوريا سنويًا.. 53 مليار دولار

لكل هذا الموت المقدس والحرب المقدسة، لا يسأل أحد لماذا لن تنحسر داعش النائمة في قلوب الكثيرين من مخذولين وموتورين وقتلةٍ وأسيادهم، بينما الرقة وما بعدها بشر يموتون بنفس الطريقة جوعًا وحصارًا وتكفيرًا، وآخرون يبحثون عن نصرهم الذي لن يقود إلا لمعارك قادمة ودواعش جدد.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الدليل المختصر لفهم إستراتيجية داعش الإعلامية

حوار مع "داعشي" في الدين والمخدرات وجهاد النكاح