05-أكتوبر-2016

تعبر السفارة الأمريكية في بغداد عن مركز قيادة عمليات شاسع، أكثر من كونها مقرًا دبلوماسيًا لبلد أجنبي (Getty)

زيارة السفير الأمريكي لبعض المسؤولين العراقيين، هي أشبه بعيد وطني بالنسبة لهم، أو يوم مبارك قد لا يتكرر خلال مسيرتهم السياسية، خاصة أولئك الذين يسعون إلى رضا أمريكي.

عندما كان محمود المشهداني رئيسًا لمجلس النواب العراقي في 2006، تهكم على النواب قائلًا: "من منكم لا يشمه الكلب الأمريكي قبل الدخول لقاعة المجلس؟"

لا يخفى على أحد أن السفراء الأمريكيين في العراق بعد العام 2003، كان لهم تدخل كبير في شؤون السياسة العراقية، وربما يكونوا أصحاب مواقف حاسمة، تحديدًا في الأوقات التي تضطرب فيها الأوضاع السياسية بشكل كبير ويعجز ساسة العراق عن حل مشكلاتهم.

اقرأ/ي أيضًا: العراق..المالكي يحضر نفسه لولاية ثالثة

تقع السفارة الأمريكية في بغداد داخل المنطقة الخضراء المحصنة المعروفة أيضًا باسم المنطقة الدولية. هذه المنطقة التي عرفُ اسمها بـ"Green Zone" دوليًا، أنتج باسمها فيلمًا هو "Green Zone" كان بطله الممثل الأمريكي مات ديمون.

ويقال إن سفارة واشنطن في بغداد، هي السفارة الأكبر في العالم حيث يُقدر عدد موظفيها بـ 15 ألف موظف. محيط السفارة الأمريكية محصن بشكل كبير ولموظفيها هيبة داخل المنطقة الخضراء التي يتمنى رؤيتها أغلب العراقيين.

السفراء الأمريكان الذين تعاقبوا على العراق، لا يثقون بالمسؤولين العراقيين، أو ربما لا يثقون بالإجراءات الأمنية المتخذة في المنطقة الخضراء التي تتواجد فيها السفارة، مع أن الإجراءات الأمنية في هذه المنطقة، هي الأكثر دقة وصرامة في العراق بأكمله.

ونادرًا ما تكون للسفراء الأمريكان زيارة خارج المنطقة المحصنة، وإذا ما كانت خارجها فإنها لا تبعد كثيرًا، ربما أقل من كيلو متر واحد. لكن هؤلاء السفراء لا يحضرون اللقاء مباشرة، فلديهم إجراءات عدة.

قبل موعد الزيارة بساعة أو ساعتين يتجول عدة أشخاص من السفارة أو الشركات الأمنية العاملة فيها، يرافقهم كلب (k9)، يفتش الطريق من السفارة إلى المكتب المؤدي للمسؤول العراقي. يحوم الكلب لدقائق حول المكتب الذي سيزوره السفير الأمريكي، ويدخل مجموعة أشخاص (فرق استطلاع) إلى المكتب للجلوس فيه ومعاينته قبل الزيارة بساعة أو نصف ساعة.

سائق في حمايات أحد المسؤولين العراقيين قال "ليس لدينا إطلاع على مواعيد زيارات واستقبال المسؤول الذي نعمل معه. فالإيعاز يأتينا قبل دقائق إذا ما كنا سنغادر لزيارة مكان ما. لكننا نعرف بزيارة السفير الأمريكي قبل موعد زيارته بساعتين. كلما رأينا الكلب وعناصر الشركة الأمنية، عرفنا أنه سيزور المسؤول الذي نعمل معه".

هذه الإجراءات لم يتخذها المسؤولون العراقيون فيما بينهم، وربما لم يقم بها السفراء الأمريكيون عن فراغ، فشكهم في الموجودين في السلطة يدفعهم للقيام بتشديد الإجراءات لحماية أنفسهم.

لـ"الكلب الأمريكي" قصة معروفة، فعندما كان محمود المشهداني رئيسًا لمجلس النواب العراقي في العام 2006، تهكم على النواب قائلًا: "من منكم لا يشمه الكلب الأمريكي قبل الدخول لقاعة المجلس؟".

عنصر في حماية مسؤول عراقي قال ساخرًا: "في يوم ما تأخرت زيارة أحد السفراء الأمريكان لمسؤول عراقي. كان الكلب قد تأخر وصوله للمكان. ضحك المسؤول العراقي الذي كان يهيئ نفسه للزيارة وقال: نصرخ في الإعلام ضد أمريكا، ونرضخ لظرف كلب في شركاتها الأمنية".

اقرأ/ي أيضًا:

شباب العراق المقاتلون في سوريا: كذبة حماية المراقد

الأطفال النازحون في العراق..عمالة وأجور قليلة