15-مارس-2017

قوات روسية خلال إحدى المناورات في روسيا (أولجا مالتسيفا/أ.ف.ب/Getty)

روسيا تقف في ظهر الجنرال الليبي خليفة حفتر. ليس فقط في غرف المفاوضات وصفقات التسليح إنما على الخريطة. هكذا أعلنت وكالة رويترز، وفق مصادر أمريكية، ولكن بصيغة شك، حيث جاء العنوان أن روسيا تنشر فيما يبدو قوات في مصر وأعينها على دور في ليبيا.

تسريب الأمريكان لوجود قوات روسية في مصر لدعم حفتر، قد يكون لرغبة أمريكية لوقف هذا الدعم مبكرًا وإجبار حفتر على التفاوض

وأوضحت رويترز أن قوات روسية خاصة قوامها 22 فردًا وطائرات دون طيار، تتمترس في قاعدة جوية بمنطقة سيدي براني على بعد 100 كيلومتر من حدود مصر مع ليبيا في خطوة زادت من مخاوف الجانب الأمريكي من دور روسيا المتنامي بليبيا. وأكَّدت مصادر مصرية للوكالة، رفضت الكشف عن هُويتها، نبأ رويترز، لكنها امتنعت عن مناقشة مهمتها.

اقرأ/ي أيضًا: معركة الهلال النفطي في ليبيا.. الخلفية والرهانات

يظلّ توقيت تصريح المصادر الأمريكية حول قوات روسية بالقرب من ليبيا موحيًا، خاصة بعد الانتكاسة المؤقتة للواء خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، بعد هجوم شنّته سرايا الدفاع عن بنغازي على موانئ النفط الخاضعة لسيطرته يوم الثالث من آذار/مارس الماضي.

تلفت الوكالة إلى أن أي تقارير -في السابق- لم ترد عن عملية نشر القوات الروسية بمصر، إلَّا أن متابعة "سبوتنيك نيوز"، الظهير الإعلامي لروسيا في الشرق الأوسط، والذي يُدار من القاهرة، تكشف تفاصيل أخرى.

نشر الموقع الروسي، المعروف بولائه السياسي لبوتين، تقريرًا صحفيًا بعنوان "قاعدة مصرية قد تتحول لقاعدة جوية روسية" في تشرين الأول/أكتوبر الماضي. وأعلن: "عادت الصحف الروسية لتتحدث مرة أخرى عن وجود محادثات مع مصر حول استئجار منشآت عسكرية، من ضمنها قاعدة جوية في مدينة سيدي براني شمال غرب مصر، قرب ساحل البحر المتوسط".

ونقل عن صحيفة "ازفيستيا" الروسية انفرادها بأنّ "مصدرًا في الخارجية الروسية، ومقربًا من وزارة الدفاع الروسية، كشف أنه تم التطرق أثناء المحادثات إلى أن القاعدة ستكون جاهزة للاستعمال بحلول عام 2019، في حال توصل الطرفان إلى اتفاق".

وأضاف المصدر، في ذلك التوقيت، أن المحادثات حول مشاركة روسيا في إعادة ترميم مواقع عسكرية مصرية في مدينة سيدي براني على ساحل البحر الأبيض المتوسط تجري بنجاح، موضحًا أن القاعدة التي تقع في مدينة سيدي براني سيتم استخدامها كقاعدة عسكرية جوية.

وأكدت روسيا، على لسان مصدر بدا مطلعًا، أن القاهرة مستعدة للموافقة على حل المشاكل التي تتماشى مع مصالح الطرفين، موضحًا أنه حسب ما تم التوصل إليه حتى هذه المرحلة، فإن روسيا ستزود القاعدة عن طريق النقل البحري، وأن عدد القوات الروسية هناك سيكون محدودًا.

حاول الموقع الروسي التبشير بوجود قوات روسية في مصر بالإشارة إلى أنّ موسكو تمتلك عددًا من القواعد العسكرية في بلدان العالم المختلفة، ولكن هناك حاجة ضرورية لوجود قاعدة عسكرية في أفريقيا. وأضاف: "كان الاتحاد السوفيتي يمتلك قاعدة بحرية في مدينة سيدي براني المصرية حتى عام 1972 لمراقبة السفن الحربية الأمريكية، ولكن بعد تدهور العلاقات في عهد الرئيس الراحل أنور السادات غادرت القوات السوفيتية هذه القاعدة".

كان التقرير الروسي موجّهًا، ربما بغرض "فرض الأمر الواقع". وتزامن مع نشره إعلان موقع "روسيا اليوم" عن بدء مناورات "حماة الصداقة" بين قوات "المظليين" المصرية والروسية أواسط شهر تشرين الأول/أكتوبر. لم يكن الأمر مجرّد مناورة على ما يبدو.

لم يلقَ تقرير "سبوتنيك نيوز" رد فعل من أي جهة إعلامية مصرية على عكس نبأ رويترز أمس، الذي واجه نفيًا من أكثر من جهة مصرية وروسية أيضًا، في إطار ما بدا صفقة سرية بين البلديْن تحاول أمريكا كشفها لإثارة نشطاء مصر ضد روسيا؛ إذ إن السيسي وعد أكثر من مرة بعدم السماح بوجود قوات أجنبية على أراضٍ مصرية. وكشفت وزارة الدفاع الروسية، عبر بيان، في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر من العام الماضي، أنّ "وحدات المظليين الروسية تخطط لإنزال عدد من السيارات الحربية من الجيل الثاني بالإضافة إلى سيارة نقل مدرعة بالمظلة في ظروف المناخ الصحراوي المصري".

اقرأ/ي أيضًا: إعلان تونس الثلاثي حول ليبيا.. أي آفاق؟

ما الذي دفع الأمريكان إلى الإفصاح عن وجود قوات روسية في مصر الآن؟

بدا، من تقرير رويترز، أن فصيلًا داخل الإدارة الأمريكية يرفض محاولات روسيا لانتزاع دعم ترامب لحفتر بشكلٍ عملي بإحراج السيسي في مصر، وتعطيل عمل القوات الروسية التي حجزت القاعدة لإسناد حفتر، إذا آل للسقوط، بينما قد تكون الإدارة الأمريكية ترى أن كل هزيمة لحفتر، تجعله أكثر قابلية للتفاوض والقبول بالحلول الوسط.

روسيا تخطط لتسليح وإسناد قوات الجنرال خليفة حفتر، الذي يقاتل حكومة طرابلس المعترف بها دوليًا

كان حفتر، طوال الفترة الماضية، رقمًا صعبًا في المعادلة الليبية، حتى بعد خذلانه القاهرة، التي حاولت عقد صلح بين القوى المتصارعة في ليبيا ألغاه الجنرال الليبي بجرّة قلم، أو على الأحرى، بـ"شدّ أجزاء السلاح".

وقالت مصادر أمنية روسية، إنّ قوة من عشرات المتعاقدين الأمنيين المسلحين، تابعين لشركة "آر إس بي"، عملوا حتى الشهر الماضي، شباط/فبراير، في منطقة بليبيا خاضعة لسيطرة حفتر، لكن وزارة الخارجية الروسية نفت ذلك في بيان: "لا علم لنا بذلك".

جاء النفي الروسي رغم أن العلاقة بينهما بدأت بإرسال حفتر 70 عسكريًا من قواته جوًا إلى موسكو لتلقي العلاج. وهو الخيط، الذي تولّت صحيفة التايمز البريطانية تتبعه، ووصلت إلى أنّ روسيا تخطط لتسليح الجنرال خليفة حفتر، الذي يقاتل حكومة طرابلس المعترف بها دوليًا.

وأشارت التايمز إلى أن حفتر أجرى محادثات رفيعة المستوى مع مسؤولين روس على متن حاملة طائرات روسية متمركزة في البحر المتوسط، والتقى خلال الأشهر السبعة الماضية وزيري الدفاع والخارجية الروسيين من أجل الاتفاق على الدعم وتزويده بالسلاح.

الاتفاق ذاته ألمح إليه رئيس اللجنة العسكرية في حلف الناتو، الجنرال بيتر بافيل، الأربعاء الماضي، حين أكّد أن التقارب بين روسيا وخليفة حفتر "يعقد الأزمة الليبية ولا يساعد على حلها"، وفق قوله، لكنه لم يشِر إلى دور مصر كـ"معبر" لتوريد التسليح والدعم وسرب طائرات بدون طيار من روسيا إلى الجنرال الليبي.

اقرأ/ي أيضًا: 

العلم الليبي..صراع الشرعية بين الثورة وأعدائها