05-أبريل-2019

الفنانة التشكيلية المغربية أميمة الكرسيفي (فيسبوك)

لم تستطع الفنانة التشكيلية المغربية أميمة الكرسيفي، من الالتحاق بالمعرض الذي نظم على شرفها  بالمتحف الوطني  للفنون الجميلة في العاصمة الأردنية عمّان، في وقته، الأمر الذي سبب لمنظمي المعرض ارتباكًا في الترتيبات، وسبّب للفنانة المغربية حرجًا كبيرًا لعدم قدرتها على الالتزام بهذه الترتيبات.

منعت الفنانة التشكيلية المغربية أميمة الكرسيفي، من الحصول على تأشيرة الأردن، إلا بشرط وجود مرافق لها!

لكن عدم الالتزام لم يكن خيار الكرسيفي، وإنما "متاهات عقيمة، بسبب قرارات حظر المغربيات من دخول أرض المملكة الهاشمية دون محرم"، على حد تعبيرها.

اقرأ/ي أيضًا: المغرب.. إعلام يهين المرأة

على كل حال، ليس الأردن الأوحد عربيًا في منع المغربيات من دخول أراضيه دون "محرم"، وإن لم ينص القانون في أي من هذه الدول صراحة على ذلك، فالسفارة الأردنية في الرباط، تنفي وجود هذا الحظر!

وتحكي أميمة الكرسيفي

أميمة الكرسيفي هي فنانة تشكيلية مغربية فازت مؤخرًا بجائزة رافع الناصري لفنون الغرافيك، والتي تقدم سنويًا من طرف محترف رافع الناصري بعمان، وكان على أميمة الالتحاق بالعاصمة الأردنية لتسلم الجائزة.

تقول أميمة لـ"الترا صوت": "بعد الإعلان عن فوزي بالجائزة السنوية للمبدع العراقي الراحل رافع الناصري، في دورتها الخامسة، ذهبت إلى السفارة الأردنية بالرباط لطلب تأشيرة سفر إلى تلك البلاد، بغرض تسلم الجائزة وحضور المعرض الذي نظم على هامش حفل الجائزة لأعمالي الفنية". 

كان ذلك في 18 شباط/فبراير الماضي، حين تفاجأت أميمة أثناء ملئها لاستمارة إجراء الطلب، بخانة معلومات المرافق، وهي، وفقًا لأميمة، خانة إجبارية لاستكمال الطلب.

تضيف أميمة: "عندما واجهت هذا المشكل في الاستمارة، عدت إلى السفارة لأستفسر عن الأمر. حينها أفهموني أن السفر مستحيل بدون مرافق، وليس لي وحدي، بل لكل المغربيات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 18 و35 سنة"، الأمر الذي وصفته أميمة بـ"المستفز، ويحط من كرامتنا".

إذًا، قررت أميمة إلغاء سفرها للأردن، لولا تدخل راعية الجائزة الناقدة والشاعرة العراقية مي مظفر، لاستخراج تصريح سفر لأميمة من عمّان، لكن بعد عرقلة دامت أزيد من أربعة أسابيع.

أميمة ليست الوحيدة

ليست حالة أميمة الوحيدة لمغربية تصرح بحرمانها من تأشيرة الأردن بسبب عدم توفرها على مرافق، بل غيرها حالات كثر ممن أقررن بمعاناتهن من نفس الأمر، الشيء الذي خلق عند الرأي العام المغربي حالة من الاستغراب، ودفع فاعلين حقوقيين وسياسيين مغاربة لاستنكار هذا الوضع.

هكذا كانت منظمة الاتحاد النسائي الحر أول من تبنى هذه القضية، مستنكرة في عريضة لها، ما وصفته بـ"التمييز الذي يمس بكرامة الشعب المغربي"، مطلقة حملة احتجاجية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت وسم "#كرامة_المغرب".

وجاء في بيان المنظمة النسائية، أن قوانين منح التأشيرة السفر الأردنية للمغاربة تنص على وجوب توفر تصريح أمني لدى كل مغربية يتراوح عمرها بين 18 و35 سنة، هذا التصريح الذي تقدمه الداخلية الأردنية، والذي بدورها يشترط في الراغبات بحيازة التأشيرة توفرهن على محرم.

وكما ورد في النص المذكور، أنه مرتبط بحالة منية سملالي الناشطة الحقوقية المغربية التي قوبل طلبها لتأشيرة السفر بالرفض من طرف القنصلية الأردنية بالرباط، واصفًا هذا الرفض بـ"تمييز يمس كرامة الشعب المغربي، الذي يناضل منذ قرون لتحسين وضعيته، ولازال يناضل من أجل العدالة والاحترام والفخر والمساواة".

من ناحية الفعل السياسي، كان عمر بلافريج، النائب البرلماني والقيادي في فيدرالية اليسار الديمقراطي المغربية، أول المتحركين في هذه القضية، حيث بعث النائب بمساءلة كتابية لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، يستفسره فيها حول التدابير والإجراءات التي تعتزمها الوزارة ضد هذه الممارسات.

وأوضح النائب عمر بلافريج، في صدر مراسلته، أن رفض طلب تأشيرة السفر الذي تعرضت له العديد من المواطنات المغربيات من قبل السفارة الأردنية بالمغرب، رغم تقديمهن كل الوثائق المطلوبة، وبمبررات تتعلق بشرط وجود مرافق ذكر لكل مغربية دون 35 سنة؛ هو أمر "يعد تمييزًا ضد النساء المغربيات وانتهاكًا لكرامتهن وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وخصوصًا اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، المصادق عليها من قبل الدولتين؛ المغربية والأردنية"، بحسب مساءلة النائب.

"محرم؟!"

توارد هذه الحالات وما تخلفه من استنكارٍ عام في أوساط الشارع المغربي، دفع سفير المملكة الأردنية الهاشمية بالرباط إلى الخروج عن صمته، ليصرح نافيًا كل هذه الحالات الواقعة بالفعل!

ففي تصريح سابق للسفير الأردني بالمغرب، حازم الخطيب، نفى فرض تأشيرة مسبقة على المواطنين المغاربة لدخول الأردن، مشيرًا إلى أنه تابع ما تناقلته وسائل الإعلام المغربية حول منع النساء المغربيات من الحصول على التأشيرة، نافيًا ذلك أيضًا، مبينًا أن الأردن يفرض بعض القيود في بعض الأحيان لدواعي تنظيمية محضة، "وليست أخلاقية لا سمح الله"، على حد تعبيره.

كما قال السفير الأردني، في ذات التصريح الذي خص به وكالة المغرب العربي للأنباء، إن هذه القيود "تنتهجها الحكومة الأردنية، بتنسيق بين وزارتي العمل والداخلية، لضرورة ظرفية هي تنظيم سوق العمل في البلد، حيث يمكنها أن تُرفع حين تُغير هذه الظرفية".

في هذا الإطار يضع المتحدث قرار فرض تأشيرة مسبقة للمغربيات ما بين 18 و35، لأمور تنظيمية: كمعرفة الجهة التي تنظم الزيارة، والجهة التي تنفق على زيارة هذه الفتاة داخل حدود المملكة الهاشمية.

وارتباط بحالة أميمة الكرسيفي وضحت السفارة الأردنية بالمغرب على لسان مسؤول بها في تصريح صحفي، أن تأخر السفارة في منح أميمة التأشيرة، مرده إلى أن "المؤسسة التي وجهت لها الدعوة هي مؤسسة عراقية وليست أردنية، لهذا وجهناها إلى أن تطلب من الجهة التي دعتها طلب التأشيرة في الأردن، طالما أنها ليست أردنية"، مضيفًا أن "الشابة أميمة الكرسيفي، بعد أن استوفت الشروط المطلوبة منها، حصلت على تأشيرتها في خمسة دقائق، بل وسافرت إلى الأردن".

هذا واستنكر نفس المسؤول ما اعتبره "أخبارًا ومعطيات مغلوطة تناقلتها وسائل إعلام مغربية حول القضية"، محتجًا بأن "عبارة محرم غير موجودة نهائيا في القاموس القنصلي الأردني"، مؤكدًا أن "100% من المواطنات المغربيات الطالبات للتأشيرة يحصلن عليها".

من ناحية قانونية

إذن فبين حديث طرفي القضية: المغربيان اللواتي رفض حصولهن على التأشيرة دون مرافق، ونفي السفارة الأردنية في المغرب، يبدو أن ثمة تناقض، ففي حين تؤكد وقائع بعينها منع مغربيات من الحصول على تأشيرة سفر دون مرافق، تنفي السفارة ذلك!

تواصل "الترا صوت" مع المحامية الأردنية روان يحيى أبوعين لسؤالها عما إذا كان ثمة قانون أو لوائح تنظم ذلك، فنفت المحامية "وجود أي سند قانوني لشرط وجود مرافق". 

وتقول المحامية إن "فرض شروط على منح التأشيرة مرده إلى إجراءات تنظيمية تنتهجها الحكومة، لأنه في الأصل لا يوجد ما يمنع دخول المغربيات أو غيرهن للأردن".

وتؤكد أبوعين ما أكدته تصريحات السفارة الأردنية بعدم وجود أي نص قانوني يتضمن كلمة "محرم". لذا فإنها تؤكد أيضًا على أنه في حال ما طُلب من أي مغربية، أو فرض عليها من أجل الحصول على التأشيرة وجود "محرم"، فلها الحق في المتابعة القانونية للموظف الذي يطلب ذلك، فهو وفقًا للمحامية "حق مكفول بحسب القانون الأردني".

ترجع السفارة الأردنية في الرباط حالات المنع إلى "إجراءات تنظيمية" لم توضح كنهها ولا آلية عملها وليس لها سند قانوني يُرجع إليه

كما يتضح إذًا فليس ثمة قانون يمنع المغربيات من دخول الأردن، أو يفرض عليهن وجود مرافق، وإنما هي، وفقًا للسفارة، "إجراءات تنظيمية" لم توضح السفارة في أي مرة كنهها أو آلية عملها، وليس لها سند قانوني يُرجع إليه، في حين تظل حالات منع مغربيات من التأشيرة الأردنية دون مرافق، أمرًا واقعًا!

 

اقرأ/ي أيضًا:

إساءة سعودية متجددة للمرأة المغربية!

نساء التهريب المعيشي في المغرب.. "الإذلال" كمهنة