02-يناير-2025
الولايات المتحدة

صورة أرشيفية لجنود أميركيين في شمال شرق سوريا (وول ستريت جورنال)

ذكرت مصادر إعلامية مقربة من قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، أن قوات التحالف الدولي أنشأت قاعدة عسكرية لها في مدينة عين العرب/كوباني بريف حلب الشمالي الشرقي. إلا أنه، ورغم نشر مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر وصول الشاحنات التي حملت إحداها العلم الأميركي، فإن مصادر لـ"الترا صوت" شككت في صحة عودة القوات الأميركية إلى المنطقة الحدودية مع تركيا، حيث تشهد خطوط المواجهة بين فصائل الجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة و"قسد" حالة من الاشتباكات، بالتزامن مع تنفيذ تركيا عمليات قصف مدفعي، وأحيانًا قصف جوي لأهداف محددة في المنطقة.

وقال موقع "نورث برس" المقرب من "قسد"، إن شاحنات تحمل كتلًا إسمنتية قدمت من مناطق الجزيرة إلى مدينة عين العرب لبناء القاعدة الأميركية. وأضاف أن القافلة الأميركية حملت غرفًا مسبقة الصنع، وكاميرات مراقبة، وآليات حفر خنادق، وكتلًا إسمنتية، وصهاريج وقود.

ناشط إعلامي كردي لـ"الترا صوت": تقوم قسد بتضليل السكان في مناطق سيطرتها من خلال خلق صورة دعائية توحي بأنها ما زالت تحظى بدعم دولي

وأشار الموقع إلى أن فندق "كينم" وسط مدينة عين العرب، والذي تحول في وقت لاحق إلى سكن طلابي، سيكون مركزًا لقاعدة التحالف الدولي. كما أفاد بأن فرقًا خاصة من التحالف الدولي وصلت للإشراف على عملية بناء القاعدة.

وبحسب تصريح السياسي السوري عهد الهندي، وهو ممثل سابق في واشنطن لما يسمى مجلس سوريا الديمقراطية "مسد"، الذراع السياسي لـ"قسد"، فإن ما جرى في كوباني هو أن "الإدارة الذاتية دعت الدبلوماسيين الأميركيين إلى القدوم إلى كوباني لوقف الغزو التركي".

وأضاف في منشور على فيسبوك: "استجاب فريق من الدبلوماسيين الأميركيين، وانتقلوا إلى فندق في كوباني، حيث يتم بناء جدار بجواره لأسباب أمنية. هذا ليس إنشاء قاعدة في كوباني، بل زيارة تستغرق وقتًا لحل القضية مع تركيا. وهذه خطوة إيجابية نتمنى أن تستمر بعد وصول ترامب".

لكن الناشط الإعلامي الكردي رودي حسو شكك في صحة خبر بناء التحالف قاعدة في كوباني. وقال لـ"الترا صوت" إن قوات "قسد" تقوم بتضليل السكان في مناطق سيطرتها من خلال "خلق صورة دعائية توحي بأنها ما زالت تحظى بدعم دولي" عبر زعم أن التحالف الدولي قام بإنشاء قاعدة في كوباني.

واعتبر أن "هذا النهج يعكس حالة من التخبط والخوف من فقدان السيطرة، خاصة في ظل استبعاد "قسد" من أي حوارات دبلوماسية أو جهود لإعادة بناء هيكل الدولة السورية".

وأشار "حسو" في هذا الصدد إلى الشاحنات التي تحمل المعدات اللوجستية، والتي قادمة من مناطق سيطرة "قسد" وتحمل لوحات مرورية صادرة عن "الإدارة الذاتية"، وهو أمر يختلف عن القوافل السابقة التي كانت تتكون من شاحنات تحمل لوحات "أربيل".

من جانبه، قال الناشط الإعلامي صهيب الحسكاوي لـ"الترا صوت"، إن قوات "قسد" قامت بأعمال مماثلة خلال السنوات الماضية، حيث رفعت العلم الأميركي والروسي وحتى علم النظام السوري فوق بعض المواقع العسكرية لحمايتها من القصف التركي، خصوصًا بواسطة الطيران المسير. وأضاف أن "هذا المقطع قد يندرج ضمن هذا السياق".

وأشار إلى أن المنطقة تُعتبر منطقة خفض تصعيد حاليًا بتوافق أميركي-تركي، رغم حدوث اشتباكات في منطقة سد تشرين بين الجيش الوطني و"قسد". لكن الناشط، رغم تشكيكه في صحة الحدث، لم يجزم بنفي وقوعه مطلقًا.

مصدر من الجيش الوطني السوري، قال لـ"الترا صوت" إن تركيا تنتظر حلول سلمية بالتأكيد، ولكنها لن تتوانى عن دعم عملية عسكرية ضد "قسد" تشمل كوباني

وكانت القوات الأميركية قد انسحبت من منطقة عين العرب/كوباني أواخر عام 2019، مع شن فصائل الجيش الوطني والقوات التركية عملية عسكرية عُرفت باسم "نبع السلام" في منطقتي رأس العين وتل أبيض بريفَي الحسكة والرقة.

لكن، ورغم الوعيد التركي المتكرر بشن عملية عسكرية في المنطقة، ما زالت تركيا تترقب بالنسبة للتوغل في منطقة شرق الفرات. وقد سيطرت فصائل الجيش الوطني المدعومة من قبلها على منطقة تل رفعت ومنبج، ووصلت إلى أطراف سد تشرين دون أن تتجاوزه الشهر الماضي. ما يُلمح إلى أن موضوع شرق الفرات قد يُترك مؤقتًا، بانتظار حل يُخرج عبر المفاوضات بين دمشق و"قسد".

مصدر من الجيش الوطني السوري قال لـ"الترا صوت" إن تركيا تنتظر حلولًا سلمية بالتأكيد، لكنها لن تتوانى عن دعم عملية عسكرية ضد "قسد" تشمل كوباني. وأوضح أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سبق أن انسحب من المنطقة الحدودية بشكل كامل لصالح تركيا في عام 2019، إلا أن أنقرة اختارت وقتها السيطرة فقط على رأس العين وتل أبيض لأسباب خاصة.

وأضاف المصدر، طالبًا عدم ذكر اسمه، أن بناء القاعدة في كوباني لا يعني عدم سحبها حتى لو صح الخبر. وأشار إلى أن أغلب القواعد الأميركية التي كانت في المنطقة وانسحبت في 2019 كانت نقاط مراقبة أكثر من كونها قواعد كبيرة بوزن قاعدة التنف أو القاعدة الأميركية في حقل العمر.

وربط المصدر الفرصة الباقية أمام "قسد" بالدخول في حل جدي يُنهي وجودها، مع الأخذ في الاعتبار الوقت القليل المتبقي لتنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسميًا رئيسًا للولايات المتحدة.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، الإثنين الماضي، أن وقف إطلاق النار بين تركيا و"قسد" في مدينة منبج ومحيطها في شمال شرق سوريا ما زال صامدًا. وقالت المتحدثة باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، في تصريحات ليل الاثنين: "وقف إطلاق النار صامد في ذلك الجزء الشمالي من سوريا".