في خضم التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل، شكّلت المنشآت النووية الإيرانية أحد أبرز أهداف الضربات الجوية الإسرائيلية، ما أثار مخاوف دولية وتساؤلات حول مدى الأضرار التي لحقت بهذا القطاع الحيوي ومستقبل البرنامج النووي الإيراني.
فقد أعلنت تل أبيب أنها تمكنت من تدمير منشأة نطنز بشكل كامل، وألحقت أضرارًا بالغة بمنشآت نووية أخرى؛ فيما قدّر خبراء مستقلون أن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية النووية الإيرانية تبقى محدودة، حسب ما أوردته وكالة "رويترز".
يشار إلى أنّ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي أكّد وجود تلوث إشعاعي وكيميائي داخل منشأة نطنز النووية في إيران، مؤكدًا أنه يمكن السيطرة عليه إذا ما اتخذت الإجراءات المناسبة. كما أبلغ غروسي مجلس الأمن بأن محطة نووية إيرانية فوق الأرض، يتم فيها تخصيب اليورنيوم بنسبة 60 في المئة، دمّرت بالكامل، مشيرًا إلى أن الوضع في محطتي أصفهان وفوردو "مقلق".
تدّعي إسرائيل أنها دمرت منشأة نطنز بالكامل، علما بأن هذه المنشأة هي أكبر موقع تخصيب في إيران
البنية التحتية النووية
أثار الهجوم الإسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية ردود فعل دولية، من أبرزها تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال يوم الجمعة: "لم يتضح بعد ما إذا كانت إيران لا تزال تمتلك برنامجًا نوويًا"، مضيفًا: "لا أحد يعلم. لقد كانت ضربة مدمرة للغاية".
لكن وكالة "رويترز" نقلت عن خبراء اطّلعوا على صور الأقمار الصناعية المتوفرة، أن الأضرار التي لحقت بالمنشآت النووية الإيرانية تبدو محدودة.
وفي هذا السياق، أوضح ديفيد ألبرايت، الخبير النووي في "معهد العلوم والأمن الدولي"، أن "اليوم الأول من الهجمات استهدف عناصر يمكن تحقيقها عبر عنصر المفاجأة، مثل اغتيال قيادات، وملاحقة العلماء النوويين، وأنظمة الدفاع الجوي، والقدرة على الرد". وأضاف: "لا نلاحظ أضرارًا واضحة في منشأتي فوردو أو أصفهان، لكن هناك أضرار في نطنز"، مشيرًا إلى عدم وجود دلائل على تدمير المنشآت الموجودة تحت الأرض.
وتُعد منشأة نطنز مركز التخصيب الرئيسي في إيران، وتضم موقعين: أحدهما فوق الأرض، والآخر تحتها. ويعتقد ألبرايت أن إسرائيل ربما استخدمت طائرات مسيّرة لاستهداف أنفاق تؤدي إلى محطات الطرد المركزي، بالإضافة إلى تنفيذ هجمات إلكترونية لم تترك آثارًا مرئية.
كما أشار في تصريحه لـ"رويترز" إلى أن مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب "لا يُعرف مصيرها"، مرجحًا أن إسرائيل تجنّبت توجيه ضربات شاملة إلى المواقع النووية لتفادي إصابة المفتشين الدوليين الموجودين فيها.
وأضاف أن "آلاف أجهزة الطرد المركزي موجودة في نطنز تحت الأرض، وفي حال انقطاع الكهرباء، يمكن تشغيلها ببطاريات احتياطية"، مرجحًا أن تكون إيران قد أوقفتها يدويًا عبر عملية تقنية معقدة.
من جهته، قال جيفري لويس، الخبير في "معهد ميدلبره للدراسات الدولية"، إن "الأضرار التي لحقت بمنشأة نطنز تبدو متوسطة"، مشيرًا إلى أن إسرائيل دمّرت محطة تخصيب الوقود وبعض المباني الداعمة المرتبطة بإمدادات الطاقة، دون أن تُصاب قاعات التخصيب الواقعة تحت الأرض بأضرار تُذكر.
أما بالنسبة لمحطة فوردو النووية، الواقعة في منطقة جبلية وعلى عمق كبير تحت الأرض، فلم يتضح بعد حجم الأضرار. وفي هذا السياق، نقلت "رويترز" عن مارك دوبويتز، رئيس "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات"، قوله: "كان من المتفق عليه دائمًا أن إسرائيل لا تملك القدرة العسكرية الكافية لتدمير فوردو دون دعم أميركي مباشر". وأضاف: "إذا قررت إيران التراجع عن التفاوض بشأن الاتفاق النووي، فقد تلجأ الولايات المتحدة إلى استخدام قاذفاتها من طراز B-2 لتدمير منشأة فوردو".