05-يوليو-2017

العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد (بندر الجلود/الأناضول)

على موقع ذا غلوباليست الأمريكي، نشر جيمس دورسي، الباحث الحاصل على زمالة معهد راغارانتام للدراسات الدولية في سنغافورة، مقالًا يتناول فيه قضية قطع العلاقات مع قطر، مناقشًا ما تبقى لدى كل من السعودية والإمارات من أوراق ضغط قد تلوح في المرحلة المقبلة من الأزمة، مثل اتخاذ إجراءات ضد العمالة الوافدة من الدول العربية والإسلامية التي لا تتخذ موقفًا واضحًا ضد قطر وفي صف حصارها، انطلاقًا من منطق "من ليس معنا فهو ضدنا". في السطور التالية ننشر لكم  ملخصًا مترجمًا، يعبر عن أبرز ما جاء في المقال.


تسعى كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، لحشد دعم إسلامي ودولي ثقيل، لحملتهما ضد قطر، الدولة الخليجية المتمردة والرافضة للخضوع لمطالب جيرانها. وفي هذا السياق المتوتر، ترتقب بعض الدول الآسيوية الضعيفة تعرضها لضغط محتمل من أجل تقديم الدعم للمقاطعة السعودية الإماراتية لقطر.

سبق للسعودية أن طردت 700 ألف يمني عام 1990، ردًا على رفض اليمن تأييد قرار مواجهة الغزو العراقي للكويت

وتخشى دول مثل بنغلاديش وباكستان، وهما دولتان من أكبر الدول الإسلامية من حيث عدد السكان، وكذلك الهند، وهي رابع دولة من حيث عدد المسلمين في العالم.. تخشى هذه الدول من تهديد السعودية بطرد ملايين العمال المهاجرين والمغتربين من مواطنيها.

السعودية تستهدف الحلقة الأضعف

للسعودية تاريخٌ سيئ في استخدام العمالة الوافدة كوسيلة للضغط السياسي. وتشكل تحويلات هؤلاء العمال، العمود الفقري لسيولة النقد الأجنبي في العديد من البلدان التي يأتون منها، والتي تعمل الوظائف التي يشغلها مواطنوها في الخليج على تقليل الضغط على أسواق العمل المحلية.

اقرأ/ي أيضًا: النفط والبطالة: وجهان لدولة آل سعود

وكانت الواقعة الأكثر مأساوية حين طردت السعودية حوالي 700 ألف يمني عام 1990، ردًا على رفض اليمن تأييد قرار الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية، بمواجهة الغزو العراقي للكويت.

وفي عام 2013، أُجبر عدد مماثل من مختلف البلدان على مغادرة السعودية، بعد أن شددت قانون العمل الخاص بها، لحظر إدارة العمال الأجانب لأعمالهم الخاصة، وجعلهم أكثر اعتمادًا على أصحاب العمل السعوديين الذين يسّروا لهم العمل في البداية.

قناة الجزيرة مستهدفة

وفي إشارة واضحة وصريحة إلى أن المقاطعة تتعلق بفرض سياسات وتوجهات جديدة، وليس بمكافحة العنف السياسي بالدرجة الأولى؛ دافع سفير الإمارات في روسيا عمر غباش، عن مطلب الدول المقاطعة بإغلاق قناة الجزيرة ووسائل إعلام أخرى. وقال غبّاش بوضوح تام: "لا نزعم أننا نمتلك حرية الصحافة، ولا نشجع فكرة حرية الصحافة. ما نتحدث عنه هو المسؤولية في الخطاب"!

ولطالما سعت الإمارات إلى تكميم شبكة الجزيرة التي أحدثت ثورة في المشهد الإعلامي العربي منذ تأسيسها عام 1996، بخروجها عن نهج القنوات العربية الرسمية، الخاضعة للرقابة الشديدة وسيطرة الحكومة، عبر إعداد تقارير شديدة اللهجة وأكثر تحررًا، وإعطاء الفرصة للأصوات الناقدة.

وعلى مدار الأعوام، جذبت الجزيرة انتقادات العديد من القيادات والسياسيين العرب والغربيين على حد سواء، بما في ذلك إدارة جورج بوش الابن، التي اتهمتها بأنها منفذ لتنظيم القاعدة. وقد كشفت إحدى البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التي سربتها ويكيليكس، عن أن ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، كان قد حثّ الولايات المتحدة على إجبار قطر على كبح جماح قناة الجزيرة، قبل اجتياح العراق في 2003.

طارق أيوب، صحفي في الجزيرة لقي حتفه بالصاروخ الأمريكي الذي استهدف مقر القناة في بغداد (صلاح ملكاوي/ Getty)
طارق أيوب، صحفي بالجزيرة لقي حتفه باستهدافٍ أمريكي لمقر القناة في بغداد (صلاح ملكاوي/Getty)

كما قيل إن محمد بن زايد طلب من جنرال أمريكي قصف الجزيرة، ولم يكن واضحًا ما إذا كان بن زايد يقصد مقر الشبكة في الدوحة، أم مكاتبها في بغداد، خاصة أنّه في أعقاب ذلك، ضرب صاروخ أمريكي مُولد كهرباء بمكت الجزيرة في بغداد، ما أسفر عن مقتل اثنين من أفراد طاقمها، وقد ادعى الجيش الأمريكي وقتها أن الجزيرة "لم تكن الهدف، ولم تكن هدفًا في أي يوم".

تهديدات متتابعة

عبدالرحمن الراشد، وهو صحفي سعودي بارز ووثيق الصلة بالسلطات السعودية؛ كان قد ردد ما قاله السفير الإماراتي في روسيا، بقوله إنّ "جوهر الصراع هو الدعم القطري للجماعات المعارضة في المملكة ودول عربية أخرى، وحقيقة منحهم مساحة للتحدث على الهواء على قناة الجزيرة".

وفي تهديد صريح ومباشر، أشار الراشد إلى احتمالية أن تشهد الدوحة حادثة مثل فض اعتصام ميدان رابعة العدوية، والذي قُتل فيه كما هو معروف، مئات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين في آب/أغسطس 2013، على يد قوات الأمن المصرية. 

دبلوماسية "دفتر الشيكات"

أثار فشل السعودية والإمارات في الحصول على دعم واسع النطاق في حربهما منزوعة السلاح ضد قطر، تساؤلات حول عائد الاستثمار لدبلوماسية "دفتر الشيكات"، التي تبنتها السعودية والإمارات لوقت طويل. وبالمثل، فإن الدعم المالي الضخم الذي قدمته السعودية للمؤسسات التعليمية والدينية والثقافية السنية المحافظة، والجماعات السياسية في أنحاء العالم، بهدف تعزيز القوة الناعمة؛ لا يؤتي ثماره على ما يبدو. فباستثناء مصر، لم تنضم أي دولة عربية أو إسلامية كبرى إلى مقاطعة قطر.

يبدو أن التمويل الضخم الذي تقدمه السعودية لتعزيز قوتها الناعمة، لا يؤتي ثماره، إذ لم تنضم دول مؤثرة بخلاف مصر لمقاطعة قطر

هذا وقد حذر مسؤولو الإمارات مرارًا وتكرارًا، في الأيام الأخيرة، من أن مقاطعي قطر سيتخذون خطوات جزائية إضافية ضد الدولة الخليجية إذا لم تخضع لمطالبهم، وربما لا تشمل تلك الخطوات الضغط على الدول التي تعتمد على تصدير العمالة فحسب، بل يمكن أن تشمل أيضًا اتخاذ تدابير ضد البلدان الأخرى التي لا تقدم الدعم، وتؤيد مقاطعة قطر علنًا، ففي هذا الصدد قال السفير الإماراتي في موسكو، إنّه "من المحتمل أن نفرض شروطًا على شركائنا التجاريين، فإذا أردت العمل معنا، فعليك إذن أن تتخذ خيارًا تجاريًا".

اقرأ/ي أيضًا: قطع العلاقات مع قطر.. "من هو الإرهابي؟"

ولم يكن واضحًا ما إذا كان السفير يشير إلى المصالح التجارية للدول الإسلامية فقط، أم الإسلامية وغير الإسلامية على حد سواء، والتي قد تشمل الولايات المتحدة وأوروبا والصين.

المزيد من العبث السعودي

وفي محاولة أخرى لتشديد الخناق على قطر، بدا أن السعودية تحاول إقناع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بحرمان قطر من حقوق استضافة كأس العالم لعام 2022. وقد اتهمت مجموعة سابراك، اللوبي السعودي في الولايات المتحدة، قطر هذا الأسبوع، بدعم الرياضة والإرهاب في الوقت نفسه!

وعبر قيامها بذلك، يبدو أن السعودية تتجاهل مبدأ أساسيًا في الحياة وفي السياسة على السواء، وهو أن "من كان بيته من زجاج فعليه ألا يرمي الناس بالحجارة"، ولاسيما أن السعودية ذات سجل معروف في دعم الإرهاب وانتهاك حقوق العمال الوافدين فيها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الغاز.. العنصر الغائب في تفسير حرب السعودية على قطر

إعلام السعودية والإمارات.. تحريف على المكشوف وسقوط متواصل