07-أبريل-2017

العاهلان الأردني والمغربي في القصر الملكي في عمّان عام 2012 (Getty)

طفت على السطح مُؤخرًا تقارير إعلامية طرحت تساؤلات عدّة حول مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين المغرب والأردن، خاصة بعد الإجراء غير المسبوق الذي اتخذته الأردن قبل أيام، بسحب سفيرها في الرباط علي الكايد. 

وفسرت تقارير أُخرى الأمرَ على أنّه توتر في العلاقات بين البلدين، مُستندةً إلى غياب ملك المغرب محمد السادس عن القمة العربية في البحر الميت، بعد زيارة رسمية أجراها العاهل الأردني عبد الله الثاني للرباط في مارس/آذار الماضي. كذلك ربطت تقارير صحفية الإقالة المفاجئة لمدير المخابرات الأردنية فيصل الشوبكي وتعيين اللواء المتقاعد عدنان الجندي بدلًا عنه؛ بغياب الملك المغربي عن قمّة البحر الميّت الأخيرة. 

ربطت تقارير صحافية الإقالة المُفاجئة لمدير المخابرات الأردنية فيصل الشوبكي، بغياب الملك المغربي عن قمّة البحر الميّت الأخيرة

عدم رضا أردني من غياب ملك المغرب عن القمة

"عدم حضور العاهل المغربي في القمة العربية الأخيرة، قد يُؤدي إلى حالة عدم رضا أردني، لكن لا أعتقد أن يصل الأمر إلى مستوى التوتر في العلاقات الدبلوماسية بين البلدين"، يقول فؤاد فرحاوي خبير العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية الأفروآسيوية في حديث لـ"ألترا صوت".

وذلك لعدة اعتبارات، من أهمها "تقارب وجهات النظر في العديد من القضايا بين البلدين"، و"تشابه الحلفاء بين البلدين، فكلاهما معنيان بالأمن الخاص بدول الخليج العربي، ويستفيدان من وضعية خاصة في العلاقة مع مجلس التعاون الخليجي.

كما أن المغرب حريص على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، لكنه في المقابل لا يهتم كثيرًا في الإطار متعدد الأطراف، على اعتبار أن الجامعة العربية لم يعد لها وجود ملموس على الصعيد الواقعي. إذن فالمغرب يعوض جامعة الدول العربية، أو العلاقات متعددة الأطراف، بالعلاقات الثنائية الخاصة، ومن ذلك علاقته بالأردن وبدول مجلس التعاون الخليجي.

اقرأ/ي أيضًا: الأردن في صف السعودية

يمكن القول إن للمغرب رُؤيته الخاصة لأبرز الملفات في الشرق الأوسط، فضلًا عن أنّ ثمة ملفات لا يريد المغرب أن يكون جُزءًا منها، وهو ما أشار إليه خبير العلاقات الدولية فؤاد فرحاوي بقوله إنّ المغرب "لا يريد أن يغامر بالانخراط في وضع غير مستعد أن يتحمل المسؤولية في داخله، وأقصد هنا تحديدًا، الصراع العربي الإسرائيلي".

ومن الهام التنبه كذلك إلى التوجه المغربي نحو إفريقيا، ما قد يدفع بالمغرب نحو التخفف من الجهود الدبلوماسية في اتجاه "يرى أنه لن يعود عليه بالنفع في هذه المرحلة، نظرًا للتعقيد الشديد في الأوضاع داخل الشرق الأوسط"، بتعبير فرحاوي. 

تساؤلاتٌ حول سحب السفير الأردني

وبسبب عدم وضوح أسباب سحب سفير الأردن في الرباط، وعدم توفر معلومات أو تصريحات رسمية خاصة بالأمر؛ تطرح التساؤلات حول هذه الخطوة، من بينها تساؤل طرحه محمد بودن، رئيس مركز الأطلس لتحليل المُؤشرات السياسية والمُؤسساتية، في حديثه لـ"ألترا صوت"، وهو: "هل هذه الخطوة بمثابة قرار احتجاجي على الرباط؟".

وأضاف محمد بودن أنه يعتقد أن "ما يحدث تحت جسر العلاقات بين البلدين، لكن حتى وإن كانت الفرضية صحيحة، فسيتجاوز البلدان الأمر"، مُشددًا على ضرورة أن تتفهم الأردن الموقف المغربي من القمم العربية، مُحيلًا إلى خطابات الملك المغربي التي دائمًا ما يُوجه فيها الانتقادات الواضحة للقمم العربية، ولـ"قراراتها غير الفاعلة"، مُوضحًا: "لا يجب على المغرب أن يقع في تناقض واضح بين السنة الماضية وهذه السنة، ففي السنة الماضية رفض المغرب انعقاد القمة العربية".

لا يُمكن التشويش على العلاقات بين المغرب والأردن، فهي علاقات مطبوعة بالمصير المُشترك

يُؤكد محمد بودن على أنه لا يُمكن التشويش على العلاقات بين المغرب والأردن، فهي بتعبيره "علاقات مطبوعة بالمصير المشترك". وبالعودة إلى خطاب العاهل المغربي في الرياض عام 2015 خلال القمة المغربية الخليجية، إذ أكّد وقتها على التحالف القوي بين دول الخليج العربي والمغرب والأردن معًا. لذا فإن العلاقات بين البلدين تندرج تحت إطار العلاقات التي تتسم بالحيوية، وهي علاقات استراتيجية أيضًا.

توافق سياسي واختلاف اقتصادي

رغم هذا التقارب المُشار إليه بين البلدين، إلا أنه لم يشمل الاقتصاد، فليس ثمّة اتفاقية اقتصادية بين البلدين، وهو ما يُرجعه محمد بودن إلى أن لكل بلد "نموذجًا اقتصاديًا خاصًا به"، ورغم أن هناك لجنة مُشتركة بين المغرب والأردن، إلا أن تحركاتها تأتي في سياق استراتيجية سياسية أكثر.

بمعنى أن الأردن يبني سياسته الخارجية على المواقف السياسية أو الخطاب المتعلق بالقضايا المحيطة به، بخاصة وأن الأردن بلد محوري في الشرق الأوسط، بينما المغرب يبني سياسته الاقتصادية على المردودية وعلى الدبولوماسية الاقتصادية، وعلى السياسة البراغماتية، وعليه يُمكن استيضاح توجه المغرب جنوبًا نحو أفريقيا.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ماذا وراء زيارة ملك المغرب لدول شرق أفريقيا

ماذا يحدث في الأردن هذه الأيام؟