28-نوفمبر-2022
gettyimages

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال مؤتمر صحفي في طائرته خلال عودته من قطر (Getty)

شنت تركيا عمليةً عسكريةً جويةً واسعةً على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية "قسد"، وحزب العمال الكردستاني في شمالي سوريا والعراق، ردًا على التفجير الدموي الذي استهدف شارع الاستقلال بإسطنبول، وأدى إلى مقتل 6 أشخاص، وجرح ما لا يقل عن 81 وفق حصيلة رسمية تركية، فيما اتهمت تركيا، حزب العمال الكردستاني بالوقوف خلفه، والتي نفت مسؤوليتها عنها.

شنت تركيا، يوم الأحد، عمليةً عسكريةً جويةً واسعةً على المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديموقراطية "قسد"، وحزب العمال الكردستاني في شمالي سوريا والعراق

وشارك أكثر من 70 مقاتلة حربية ومُسيّرة مزودة بالصواريخ في العملية التي انطلقت، الأسبوع الماضي وأطلقت عليها تركيا اسم عملية "المخلب- السيف". وجاء في بيان وزارة الدفاع التركية أن "عملية المخلب-السيف الجوية حققت نجاحًا ضد المواقع التي يتخذها الإرهابيون قواعدًا لتنفيذ هجماتهم ضد تركيا"، وتحدث البيان عن أن الطيران الحربي التركي شن غارات جوية على ريفي حلب والحسكة شمالي سوريا، ومناطق بين سنجار وجبال قنديل في شمال العراق، ضد قواعد للمسلحين الأكراد ودمرت 89 هدفًا". وأشار البيان إلى أن الطائرات التركية دمرت أهدافًا في عين العرب، وتحديدًا طريق جرابلس في الطرف الغربي، وتلة مشتنور في الطرف الجنوبي للمدينة، ومنطقة كانيا كوردا، إضافةً إلى استهداف قرية حلنج في الريف الشرقي لكوباني (عين العرب)، كما قصفت الطائرات التركية قريتي بيلونية وشيخ عيسى في تل رفعت، وقلعة شوارغة قرب عفرين، وصومعة ضهر العرب شمال شرق ناحية زركان في ريف الحسكة، وأهدافًا في منطقة أسوس شمالي العراق التي تبعد 140 كم من خط الحدود مع تركيا، وفي جبل قنديل الذي يبعد 90 كم عن الحدود التركية.

وأكدت وزارة الدفاع التركية أن عمليتها "تستند إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة الذي ينص على الحق المشروع في الدفاع عن النفس"، وأضافت "تهدف العملية لضمان أمن الحدود، ومنع أي هجمات إرهابية تستهدف الشعب التركي والقوات الأمنية واجتثاث الإرهاب من جذوره، عبر تحييد التنظيمات الإرهابية PKK/YPJ/ YPG، وغيرها".

ونشرت الوزارة مشاهد من العملية الجوية التي قام بها سلاح الجو التركي ضد أهداف لقوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني، وتظهر مقاطع الفيديو التي نُشرت على تويتر إقلاع المقاتلات التركية من قواعدها، والانطلاق لاستهداف المواقع المُحددة، وكتبت الوزارة في تغريدتها "هكذا دُمرت الملاجئ والمخابئ والكهوف والأنفاق ومستودعات الذخيرة وما يسمى المقرات ومعسكرات التدريب التابعة للإرهابيين الذين يهددون بلادنا وشعبنا وأمن حدودنا".

وفي تعليقه على العملية العسكرية الجارية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه لم يجر "محادثات مع الرئيسين الأمريكي والروسي بخصوص عملية المخلب– السيف الجوية"، وأضاف "السلطات الأمنية التركية تقرر وتتخذ خطواتها، ولا ننتظر الإذن من أحد، وعلى الولايات المتحدة أن تعرفنا جيدًا بعد الآن"، وتابع "نحن مع واشنطن في الناتو، لكنها أرسلت آلاف الآليات والأسلحة إلى منطقة الإرهاب في سوريا، لقد أبلغنا الأمريكيين امتعاضنا من إرسال الأسلحة للإرهابيين في سوريا منذ عهد أوباما ولم يتغير شيء"، وأشار أردوغان إلى أنه "من غير الوارد أن تقتصر المخلب -السيف على العملية الجوية، وسنتخذ القرار والخطوة بشأن حجم القوات البرية التي يجب أن تنضم للعملية"، مؤكدًا أننا "لم نتكلم عبثًا عندما قلنا إننا سنأتي على حين غرة، ونفذناها عندما حان الوقت".

gettyimages
قصف تركي ردًا على قصف تركية مدينة قرقميش (Getty)

حديث أردوغان جاء بعد أيام من تحذير الولايات المتحدة من عملية عسكرية تركية مُرتقبة في شمال سوريا، وقالت القنصلية الأمريكية في أربيل بإقليم كردستان العراق، إنها "تراقب تقارير موثوقة ومفتوحة المصدر، عن عمل تركي عسكري محتمل في شمال سوريا، وشمال العراق خلال الأيام المقبلة".

وتأتي عملية "المخلب - السيف" ضمن سياق التهديدات التركية السابقة بالقيام بعمليات اجتياح تستهدف مواقع "قسد" في شمال سوريا، فالرئيس التركي كان قد توعّد في وقتٍ سابق من هذا العام بعملية جديدة في الشمال السوري لحماية الأمن القومي التركي.

بالمقابل، لم تتحدث تصريحات وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، عن حدوث عملية برية، فقد اقتصرت كلمته على التأكيد  بتحقيق العملية العسكرية لأهدافها، مشيرًا إلى أن "العملية الجوية استكملت بنجاح". خاصةً أن العملية الجوية التركية، تتوزع على مساحات شاسعة تمتد من شمالي العراق إلى منطقة تل رفعت شمالي سوريا، وهذا يعني أن هناك صعوبة في إمكانية القيام بتوغل بري ضمن نطاق المنطقة المستهدفة كلها، بالإضافة إلى إمكانية وجود ضغط روسي وأمريكي على أنقرة من أجل إيقاف العملية.

وردًا على العملية التركية، قامت قوات سوريا الديمقراطية، يوم الاثنين الماضي، بقصف مدينة قرقميش في ولاية غازي عنتاب جنوب تركيا، مما أدى إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة 6 آخرين، بالإضافة إلى قصف مدينة جرابلس شمال شرقي حلب. من جانبه، رد الجيش التركي على القصف مدينة قرقميش، بقصف مدفعي تجاه مواقع لقوات سوريا الديمقراطية

وفي أول تعقيب روسي رسمي على العملية، قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، إنّ روسيا تدعم دائماً "الحلول التفاوضية"، مضيفًا أن موسكو "تؤيد وجود اتصالات أكثر بين جميع البلدان المشاركة في جهود التسوية، خاصة مع الجانب التركي".

ونقل تلفزيون سوريا، عن مصادر محلية، قيام النظام السوري بإرسال تعزيزات عسكرية إلى مدينة عيسى بريف الرقة، التي تتواجد فيها قوات سوريا الديمقراطية، وبحسب المصادر المحلية فإن تعزيزات النظام السوري تتجه إلى مناطق التماس بين "قسد" والجيش التركي.

نفذت تركيا 5 عمليات عسكرية منذ بداية الثورة السورية، شمال العراق وسوريا، استهدفت في معظمها القوات العسكرية الكردية

ونفذت تركيا 5 عمليات عسكرية منذ بداية الثورة السورية، شمال العراق وسوريا، استهدفت في معظمها القوات العسكرية الكردية. وهي عملية "شاه الفرات" في شباط/ فبراير 2015، التي استهدفت نقل ضريح سليمان شاه إلى تركيا، بعد أن كان تحت تهديد عناصر تنظيم داعش. وفي آب/ أغسطس 2016 نفذت عملية "درع الفرات" التي استمرت لحوالي 6 أشهر، وسيطرت فيها تركيا على المنطقة ما بين عفرين ومنبج، وأبعدت القوات الكردية إلى شرق الفرات، وعناصر تنظيم داعش عن منطقة الباب وجرابلس. وفي كانون ثاني/ يناير 2018 نفذ عملية "غصن الزيتون" بهدف السيطرة على منطقة عفرين شمال غرب سوريا. وفي أيار/ مايو 2019 أعلنت عن عملية "المخلب" شمال العراق. وفي 9 تشرين أول/ أكتوبر 2019، نفذت عملية "نبع السلام" بهدف إنشاء منطقة عازلة في شمال سوريا، وتوطين اللاجئين فيها.