25-نوفمبر-2018
غجر قرب دمشق بدايات القرن الماضي

غجر قرب دمشق بدايات القرن الماضي

لطالما مثّل الغجر تجسيدًا للحرية في أخيلة الكتّاب والفنانين، كونهم يعيشون حياة لا تعترف بالحدود والرموز الوطنية والبيروقراطية والمدنيّة. ولطالما مثّلوا مجهولًا بالنسبة للناس العاديين الذين يمرون في قراهم أو بواديهم، ما جعلهم يحيطونهم بهالات من الأساطير والخرافات، التي تجعلهم وحوشًا حينًا، وجماعات بدائية في حين آخر، ورمزًا للحظ الطيب وسماحة الأقدار في أحايين أخرى.

بين الرأيين، رأي المثقفين المعجب كل الإعجاب، ورأي العامة المتوجّس والمرتاب، لا بدّ من التركيز على الغجر أنفسهم كجماعة ذات هوية واضحة، مع أنهم قد يشكلون ثقافة فرعية متمايزة ومتقاطعة مع الثقافة العامة للمجتمعات التي يعيشون على هوامشها. هنا خمسة كتب عربية ومترجمة تقدم مقاربات متعددة لعشاق الترحال الأبدي.


1- سيرة الغجر

"سيرة الغجر" (دار التكوين، 2006) كتاب للباحثة الأمريكية-الأوروغوانية إيزابيل فونسيكا. صدرت الترجمة التي قام بها عابد إسماعيل في طبعتين، الأولى بعنوان "ادفنوني واقفًا.. الغجر ورحلتهم" (2003)، والثانية التي بين أيدينا بعنوان "سيرة الغجر". العنوان الأول هو العنوان الأصلي، إلا أن الطبعة الجديدة اختارت تغييره بشكل غير مفهوم، ناسفةً بذلك جملة شعرية تعبّر عن عمق الأسى الغجري.

السنوات الأربع التي أمضتها فونسيكا مع الغجر، من ألبانيا إلى بولندا، في الاستماع إلى قصصهم وفكفكة رموزهم، وفهم شخصياتهم وتكويناتهم النفسية، بالأخصّ النساء، جعلت كتابها يتحوّل إلى ريبورتاج نابض بحياة شعب غامض، ووثيقة أساسيه للثقافة مهددة بالزوال.

كتب سلمان رشدي عن الكتاب: "كشف حقيقي عن عالم مخبوء. عالمك سري ومهمل في آن، مقموع وغير معروف، يخرج إلى الضوء عبر هذه الصفحات المثيرة. إنها تكتب بعاطفة وحنان وبصيرة نفّاذة، وتُسكن نصها بشخصيات حية رسمت بإبداع. إنه إنجاز باهر"، أما إدوارد سعيد فوصفه: "عمل أصيل آسر".

غلاف الكتاب


2- الغجر ذاكرة الأسفار وسيرة العذاب

"الغجر.. ذاكرة الأسفار وسيرة العذاب" (المركز الثقافي العربي، 2008) كتاب خفيف للكاتب العراقي جمال حيدر، يقدّم صورة الغجر بسهولة وسلاسة، من دون أن يكون مهمومًا في تقديم اكتشافات جديدة، ولهذا هو كتاب ملائم لم يسبق له أن يقرأ في هذا الموضوع.

يحتوي على ثمانية فصول: الهوية، القيم والأعراف، السلوك، الغجر ﻓﻲ المنطقة العربية، حول الأرض، الهولوكوست، فنون الغجر، الأساطير.

يعدد المؤلف تسميات الغجر ﻓﻲ أزمنة مختلفة ومدن متمايزة، غير أن تلك التسميات رغم اختلافها ارتبطت بالتصورات السائدة لدى العامة عنهم وتتمحور حول معنى موحد يتبلور بأن الغجر هم: المشعوذون، داكنو البشرة، اللصوص، السحرة، المتسولون، والفئات المنحطة ﻓﻲ اﻟﻤﺠتمع، والكفرة وحاملو الأمراض.

ﻓﻲ الفصل المخصص للغجر ﻓﻲ المنطقة العربية يبين المؤلف كيف أنه تطلق عليهم تسميات عدة، إضافة إلى تنوع مهنهم، كما يحدد طبيعة علاقة الغجر ببقية السكان ﻓﻲ المدن العربية، منذ وصولهم إلى المنطقة.

غلاف الكتاب


3- تاريخ الغجر

"تاريخ الغجر" (كتاب العربية، 2010) من تأليف ايلينا ماروشيكوفا وفاسلين بوبوف، ترجمة محمد المغربي.

يركّز الكتاب على وجود الغجر في البلقان، الجزء الأوروبي من الإمبراطورية العثمانية، فمن هذه المنطقة انتقل الغجر إلى الغرب، وأخذوا معهم الكثير من التقاليد البلقانية. يستكشف الكتاب التاريخ والأثنوغرافيا والبنية الاجتماعية والثقافة الغجرية في الإمبراطورية العثمانية، مستندًا إلى المصادر الرسمية، وبصورة رئيسيه السجلات الضريبية، وأرشيف الحرفيين، وسجلات النقابات ووثائق المحاكم.

يعرض الكتاب تاريخ شعوب البلقان في يوغسلافيا السابقة، والوضع الفريد للغجر في هذه المنطقة خلال قرون طويلة، وما خلّفته التركة العثمانية من آثار وتفاعلات، بعضها لا يزال مستمرًا حتى اليوم.

غلاف الكتاب


4- أوديسة الغجر

"أوديسة الغجر" (دار الحصاد، 1993) للروائي والكاتب السوري خليل صويلح. يبحث الكتاب عن تجليات الغجر في الثقافة والفن، في الشعر والسينما والمسرح والموسيقى، محاولًا أن يقدّم أنطولوجيا ثقافية موجزة حول هذه الجماعة البشرية التي تمثّل الحرية والطلاقة.

يكتب صويلح في مقدمته: "ربما لم تكن حرية الغجر في الواقع الحرية المشتهاة، ذلك أنها نتاج التشرد والاضطهاد والفقر والمكابدات الطويلة على دروب العالم. لكنني أبحث عن إيحاءات الحياة الغجرية، جماليات الغجر، ألوان الحياة الصارخة وغياب قانون العيب والحياء. أن نعيش خارج جلودنا المحنطة بالتعاليم والخوف والتهذيب، أن نشير على دروب مجهولة، أن نعبر قرى ووديان وجبالًا، أن نخلف وراءنا مواقد الجمر في العراء ونرحل مع غجريات تراجيديات يرمحن في براري الروح أبدًا".

غلاف الكتاب


5- عشائر النَّوّر في بلاد الشام

لعل كتاب الباحث السوري علي الجباوي "عشائر النور في بلاد الشام" (دار التكوين، دمشق 2006) من الكتب العربية النادرة التي تدرس الغجر في بلاد الشام دراسة أنثروبولوجية ميدانية، لتسدّ بذلك الجهد نقصًا فادحًا في المصادر العربية حول هذه الجماعة التي لم تلق اهتمامًا من الباحثين، بما يخلصهم من التصورات المسبقة ويقربهم واقعيًا إلى مواطنيهم.

الكتاب الذي أنفق فيه الباحث قرابة عقد من الزمن، لاحق فيها المخيمات الغجرية في أنحاء البلاد، يتناول بالتحليل العميق أصول وتسميات وسلالات النَّوَر (كما يسميهم أهل الشام)، كما يدرس عاداتهم وتقاليدهم وأماكن توزعهم المختلفة، بالإضافة إلى الاجتهاد في تقديم محاولات إحصائية.

غلاف الكتاب