ما الذي قاله شادي عبد السلام عن كواليس فيلمه "المومياء"؟

في ندوة له مع مؤسسة الأهرام، للحديث حول فاعليات الدورة الجديدة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي لهذا العام 2025، أوضح الفنان حسين فهمي (رئيس المهرجان) أن هذه الدورة ستشهد عرضًا خاصًا لفيلم "المومياء" لشادي عبد السلام، وذلك بالتزامن مع افتتاح المتحف المصري الكبير خلال الشهر المقبل.

هذا التصريح الذي أدلى به فهمي، أثار شجون العديد من المؤرخين والنقّاد السينمائيين حول هذا العمل الذي اعتبره أغلب النقّاد "فريدًا" في ذاكرة السينما المصرية والعربية. وفي عام 2013، عندما أجرى مهرجان دبي السينمائي استفتاء حول أهم 100 فيلم عربي؛ شارك به 475 مثقف وناقد سينمائي عربي، جاء "المومياء" في المركز الأول. ورغم النجاح الكبير الذي حققه هذا العمل عند عرضه في مهرجانات السينما الأوروبية، وخاصةً فينيسيا عام 1970، فإنه لم يقابل بالترحاب من قِبل أغلب النقّاد في محيطنا العربي. فكيف جاءت شادي عبد السلام فكرة العمل على هذا الفيلم؟

في عام 2013، عندما أجرى مهرجان دبي السينمائي استفتاء حول أهم 100 فيلم عربي؛ شارك به 475 مثقف وناقد سينمائي عربي، جاء "المومياء" في المركز الأول

في حوار له مع الناقد السينمائي سمير فريد (نشرة نادي السينما – 1970) يقول شادي: "في البداية عام 1959 فكرت في إخراج فيلم عن قصة حب تراقبها أجهزة الدولة فالفتى يعمل في سفارة دولة ما والفتاة تعمل في سفارة أخرى وأجهزة الدولة التي يعملان بها تراقبهما ليل نهار، ولكنّي كنت قد قرأت قصة اكتشاف المومياوات في الدير البحري لأول مرة عام 1956 وهي التي أصبحت موضوع أول أفلامي وقد فكرت فيها عام 1963 وأنا في بولندا أثناء العمل في فيلم "فرعون". جعلني الحنين إلى مصر أفكر في هذا الموضوع في ليلة شتاء باردة جدًّا. قلت لنفسي أين هذا المناخ من مناخ مصر ومن هنا بدأت رحلة المومياء في عقلي، وفي عام 1965 ظهر الشكل الأول: قصيدة شعر من 40 سطر تقريبًا كتبتها على لسان الغريب. إنها ليست قصيدة بمعنى الكلمة ولكنها نظم أقرب منها إلى الشعر، وبعدها بدأت أكتب السيناريو".

ويستكمل شادي حديثه: "في البداية كان فيلمًا واقعيًّا تقليديًّا أطلقت عليه "دفنوا مرة ثانية" ثم "ونيس"، ولكنني لم أكن متعجلًا وكنت أبحث عن للوصول إلى الشكل الملائم تمامًا للتعبير عن نفسي. وقد قرأ روسيلليني النسخة الأولى في القاهرة في أوائل عام 1967، وذهب إلى وزير الثقافة آنذاك الدكتور ثروت عكاشة وأعرب له عن موافقته ليكون أول إنتاج وحدة روسيلليني التي كوّنها الوزير وكان يريد لها أن تصبح وحدة نموذجية".

استغرق تصوير فيلم المومياء 13 أسبوعًا (4 أسابيع في الأستوديو و9 أسابيع خارج الأستوديو) وجاء الفيلم في النهاية في 12 علبة من خام الفيلم. أما جهاز الإنتاج في مؤسسة السينما، فلم يكن مقتنعًا بهذا العمل من البداية ورأوا أنه فيلم غير تجاري ولن يجني أرباحًا وكل ما في الأمر، أنه مشروع مفروض عليهم من قِبل الوزير وروسيلليني مما أدى إلى تأخر التصوير مرات عدة.

اتبع شادي أسلوبًا خاصًا قبل تصوير مشاهد الفيلم، فقد عمل على رسم كل مشهد على حده فيما بات يُعرف باللوحة المصورة (Story Board)، والسبب وراء ذلك كان راجعًا إلى توتره وخوفه، حيث قال في حواره مع المخرج يسري نصر الله بجريدة السفير (1981): "أساس ذلك كان القلق والخوف. ثمة جانب جيد في الموضوع. ولكن القلق كان يجعلني أرسم كل شيء قبل تصويره. إنه أسلوب مفيد للغاية عندما يعتمد فيلمك على المؤثرات الخاصة. ولكن "المومياء" كان خاليًّا من المؤثرات الخاصة، وكل ما في الأمر هو أني كنت أريد التأكد من احتفاظ المشاهد واللقطات بشخصيتها. على الورق كان يتبيّن لي – لاحظ أن "المومياء" كان أول أفلامي كمخرج – ماذا إذا كانت اللقطات المختلفة تشكل وحدة أم لا؟ كنت أعلّم نفسي".